شركة نيرن للنقل عبر الصحراء

في منطقة الصالحية ببغداد .. وحيث مكاتب شركات النقل..كانت تقع واحدة من اشهرمكاتب  شركات النقل ليس في العراق فقط بل في منطقة الشرق الاوسط .. انها شركة نيرن للنقل عبر الصحراء  .. وهذه حكايتها ..

قام  الأخوان النيوزلنديان  نورمان وجيرالد نيرن بعد انتهاء  الحرب العالمية الأولي وبالذات عام 1920 بتشغيل خدمة لنقل البريد والركاب بين بيروت وحيفا. وامتد هذا الخط الى دمشق  وبعد عامين وحيث كانت العاصمة العراقية بغداد هي المركز الإداري للقيادة المدنية البريطانية قام الأخوان نيرن بوضع الخطط لافتتاح  خط نقل  مباشر من بغداد إلي دمشق وبالتالي تم اختصار  زمن الرحلة لى لندن إلي 10 أيام  فقط بدلا من خط بغداد البصرة بومبي ..

اختار الأخوان نيرن الطريق الصحراوي المهجور  بين دمشق وبغداد وبيروت خاصة  المسافة بين دمشق ومدينة الرمادي وقام  الأخوان برحلة استكشافية عام 1923 بسيارة بويك وأخري أولدزموبيل ونجحت الرحلة . ووقعت شركة الأخوان نيرن عقدا مع خدمة البريد بالحكومة العراقية لمدة 5 سنوات كما وقعت عقدا مماثلا مع الحكومة الفرنسية لتوفير الخدمة البريدية بين دمشق وبغداد وأختير لتلك المهمة 6 سيارات كاديلاك ..وكانت تسع لسبعة أشخاص. ومع انطلاق الخط فى 18 تشرين الثانى 1923 اصبح أشهرطرق النقل الصحراوية في العالم واحدثت  خدمات الاخوين نيرن أنقلابا وثوره فى وسائل النقل فى منطقه الشرق الاوسط.. واصبح اسم الشركة  . شركه نيرن للنقل عبر الصحراء ..

تم إدخال بعض التغييرات علي السيارات كي تناسب طبيعة استخدامها الجديد، حيث تم استبدال مقاعدها الوسطي بخزان للوقود سعة 20 جالونا وآخر للماء بسعة 16 جالونا. وبعد هذا التعديل كان بمقدور السيارة استيعاب 4 ركاب بالإضافة إلي السائق بينما كانت حقائب البريد وأمتعة الركاب توضع علي جانبي السيارة والرفارف وغطاء المحرك. مع توفر مؤن تكفي الركاب لمدة أسبوع تحسبا لأي طارئ.. واصبح بإمكان الركاب السفر من بغداد لشواطئ البحر المتوسط بوسيلة أسرع وأكثر راحة وبتكلفة أقل ..

كانت  الكفاءات التي أدارت بها الشركة أعمالها سببا في سمعة دولية طيبة حيث كلفت الشركة بنقل شاه أيران عبر الصحراء الى سوريا وكذلك قامت بنقل الرحاله والكاتب فلبى والرحاله فريا ستارك والمس بيل و الكاتبه البوليسيه الشهيره أجاثا كريستى ..

افتتاح هذا الخط الصحراوي كان أحد أهم التطورات التي شهدتها المنطقة ..لهذا لجأت الشركة إلى تطوير خدماتها بالاستعانة ببعض الحافلات ذات الست عجلات من طراز "سيف واي" المصنوعة في ولاية فلادلفيا الأمريكية. وتم تعديل الحافلات كي تتلائم مع طبيعة عملها في الصحراء... حيث يحتوى الباص على 61 مقعد للركاب ذات مسند عالى ومقعدين فى الامام لتناوب السواق ليلا ونهارا على قياده الباص وبذلك أختزل وقت الرحله الى 20 ساعه فقط..

كان للشركة شروط صارمة في اختيار سائقيها للحافلات البولمان المكيفة منها أن يكون لدي السائق خبرة لا تقل عن خمسة أعوام. وبناء علي تلك الخبرة يبدأ السائق العمل كسائق ثان على شاحنات البريد قبل أن يعمل كسائق أول على حافلات نقل  الركاب.

وفى سنه 1936ازدادت اهميه الشركه وذلك بعد نجاح التنقيبات عن النفط وزياده الطلب عليه حيث قدمت شركه نيرن خدمتها الى شركه نفط العراق فى نقل العمال لمد انابيب النفط من مدينه كركوك الى حيفا وطرابلس وتزويدهم بالطعام ومواد التموين وبعد اكمال المشروع وفرت شركه نيرن خدمه نقل الموظفين من والى محطات الضخ والانتاج حيث زادت العائدات الماليه للشركه وادى ذلك الى ازدهارها ونمت أعمال شركة "نيرن" و كانت الأفضل من حيث تقديم خدمات إصلاح المحركات والهياكل ..

بعد احداث عام 1941 أجبرت الشركة علي إغلاق أبوابها لبعض الوقت. واحتمي الأخوان نيرن في السفارة البريطانية و تعرض كراج الحافلات التابع لهما للقصف بينما نهبت الاستراحة التابعة للشركة في مدينة "الرطبه".

ومع انتهاء الحرب عادت أنشطة الشركة المدنية مرة أخري. وفي عام 1945 بدأ التفكير في تحديث أسطول الحافلات بالشركة ولكن اضطرت إلي التوقف مرة أخري في العام التالي واستمر الحال لبعض الوقت. ورغم تقاعد الأخوان نيرن في عام 1948 غير أن الشركة واصلت عملها رغم تلميحات الحكومة العراقية برغبتها في امتلاك الشركة. ولكن ساءت الأحوال في عام 1952، ولهذا فضل الأخوان نيرن نقل ملكية الشركة إلي العاملين فيها بدلا من بيعها للحكومة العراقية. حيث انتقل جيرالد نيون إلي أوروبا ثم استقر في نيوزيلندا وتوفي عام 1980بينما عاش نورمان نيرن لبعض الوقت في البرتغال وبعدها انتقل إلي جنوب فرنسا قبل أن يستقر في لبنان. ...ويتوفى فيها