كان المصور محيي عارف من
عمالقة التصوير يوم كان التصوير الفوتغرافي .. حرفة وابداع ويعتمد على المهارة ..
عاش في زمن مصور الملوك والرؤساء جان .. صاحب استوديو بابل .. وعاش في زمن مصور
الشباب صاحب اللقطات الجميلة المصور ارشاك ... وعاش في زمن المصور الدورادو و
بيزاز و اليأس جموعة..والاهالي وغيرهم ..
الا ان ما يميز محيي عارف هو قربه من المجتمع وامتلاكه عينا راصدة تلتقط
اللقطة لتكون صورة خالدة عاشت وتعيش لسنوات كونها ترتبط بواقع المجتمع العراقي وبلا رتوش ...وثق محيي عارف حركات لشخصيات
مألوفة في المجتمع البغدادي ..كان جميع المارين قرب الاستوديو الخاص به يتوقفون من
اجل الاستمتاع بتلك الصور الرائعة التي
كانت تلتقطها عدسته .. والتي كان يحرص على عرضها بعناية في الفاترينات الخارجية
والداخلية للاستوديو وكأنك امام متحف يوثق
ذاكرة تلك الايام الرائعة ..
من اهم هذه اللقطات الخالدة
والرائعة والتي وثقتها عدسته .. صورة ام اللبن او
بائعة اللبن .. القروية التي تأتي الى اسواق بغداد الشعبية .. بلباسها
التقليدي الجميل والمتناسق.. بنطاق نسيجي من الصوف يطوق خصرها .. وتتدلى من نهايتي
هذا النطاق كرتان صغيرتان وتلف ساقيها من القدم والى ما تحت الركبتين بلفاف عريض
بينما تلف رأسها بحجاب لا يبان من وجهها غير عينيها ... وتضع قدور وحاويات الحليب
و اللبن والقيمر الواحدة فوق الاخرى على
رأسها وكان الحاويات ايلة للسقوط لكنها ثابتة لاتتحرك..وكذلك صورة ابو عبد بائع القهوة المتجول والذي يحمل الدلة بيد
والفتاجين بيد اخرى وبطريقة مدهشة ..وكذلك صورة
فتاحة الفال ..ام الخيرة و بائع الشربت وصباغ الاحذية وبائع السميط- وابو
الربلوام الباكلا وغيرها... والمتابع لهذه
الصور يلاحظ انها عبرت عن امكانية الرصد الهائلة لهذا الفنان الكبير .. كما اشتهر هذا الفنان
بالتقاطة اجمل صور الاعراس وكانت مواكب الاعراس تقف اما الاستوديو تصاحبها الموسيقى الشعبية وكان امينا جدا ولا يسلم الصور وخاصة النسائية
الا لصاحبها الشرعي مما جعله محل ثقة و احترام الكرخيين .. كما كان طلاب المدارس في الكرخ لا يلتقطون
صورهم الاعند محيي عارف ..في عام 2003 وبعد تدهور الحالة الامنية في تلك المنطقة
ولكبر سنه فقد قرر اعتزال المهنه واغلاق الاستوديو حتى وافاه الاجل في شهر تشرين الاول 2009ببغداد .. رحم
الله محيي عارف تلك الشخصية البغدادية الفريدة ..
2/5/2018
ردحذف