عام 700 م وما بعدها.. كانت بغداد عاصمة العالم الاسلامي وقبلة الدنيا بتحضرها وقوة أقتصادها وثروة طبيعتها وثراء جامعاتها العلمية مما دفع التجار الفايكنغ بالذات الى الهجرة الى بغداد من جزيرة - بيركا - في السويد مخترقين وسط أوربا عبر طريقين , الاول الى سوريا ومنها الى العراق والثاني الى بحر قزوين ثم الى العاصمة الايرانية طهران ثم منها الى بغداد.. حيث كانوا يشترون الخيول والجلود و الحرير والعطور والملابس والأحذية وحتى النساء والجواري والمصوغات الذهبية والفضية وأسرجة الخيول ..من سوريا والعراق
و بالنظر لقوتهم البدنية فقد شكلوا ايام الخلافة العباسية كتيبة من المرتزقة يتم استخدامها كراس رمح في الهجمات ضد الروم .. ثم شكلوا بعدها سرية من الحرس الخاص الأشداء في عهد الخليفة هارون الرشيد حتى خلافة المعتصم ورافقوا المعتصم الى مدينة سامراء ..لأن الخلفاء في تلك الفترة كانوا يتحاشون استخدام المسلمين السنة والشيعة حرسا لهم خوفا من ان يتم الغدر بهم كما حصل للخلفاء الراشدين وغيرهم من الامويين والعباس .. وكان أول قائد لهم اسمه فالديمار وكان الاهالي يطلقون عليهم روس الشمال نسبة لروسيا وذلك للشبه الكبير مع الروس.
اندماج الفايكنغ مع المجتمع الاسلامي هذب طباعهم الوحشية بعد أن أعتنق اغلبهم الاسلام وتزوجوا وانجبوا
ولان بغدادكانت قبلة للعلم والأدب ,فقد جلب الفايكنغ أبناؤوهم الى بغداد ليدرسوا الطب والفلك والفقه الأسلامي وهندسة البناء و كان الفايكنغ ماهرين بالنجارة والحدادة وصنعوا الأسلحة المختلفة وتميزوا ببناء المشاحيف والمراكب النهرية و السفن السريعة كونهم من أفضل بحارة العالم في فهم أتجاه الرياح والعواصف بدليل أكتشافهم أمريكا قبل كولومبس بعدة سنين طويلة عام 986م ..
رغم ان اغلب الفايكنغ استوطنوا بغداد الا ان قلة منهم هاجروا الى أهوار ميسان والناصرية حبا بالماء والصيد والشمس و ذابوا ضمن العشائر العربية مثلما ذاب الهنود المسلمين في عشائر عربية بعد هروبهم من جيش الأحتلال البريطاني بعد الحربين العالميتين في ميسان والبصرة والكوت ..
واما البعض الاخر فقد عاد الى السويد والنرويج محملا بالذهب والفضة ..نقودا وحلى ولازال بعضها معروضا في المتحف السويدي في ستوكهولم وفي النرويج والدنمارك حيث كان الخلفاء العباسيون يميزون الجند الفايكنغ ويمنحوهم رواتبهم بالذهب والفضة بجانب الهدايا الأخرى القيمة ....
كان الفايكنغ بناة مهرة جدا الى جانب كونهم مقاتلين اشداء ويقال انه كانت لهم مساهمة كبيرة ببناء بغداد على شكل دائرة لها أربع أبواب بشكل يشبه مدنهم حيث ان المعروف تأريخيا أن العرب والمسلمين لم يعرفوا بناء المدن المدورة بل المربعة والمستطيلة حيث اسكنهم الخلفاء العباسيون في بغداد مقابل قصورهم في جانب الكرخ وفي منطقة خضر الياس الحالية المقابلة لوزارة الدفاع القديمة .وكانوا يحترمون نسائهم جدا ويصغون لأأرائهن
ويذكر المؤرخ المسعودي في مروج الذهب ومعادن الجوهر –ج3 ص 15 - أن ام الخليفة المستعين بالله من الفايكنغ أسمها مخارق وكان له أخوال من الفايكنغ حكموا جزيرة صقلية وكانوا لهم موضع الحضوة في بلاطه وشجع العراقين من حاشيته على الزواج من الصقليات ..
أن أنصهار الفايكنغ الذين تكاثروا بالهجرة الى العراق مع المجتمع العراقي ودخول اكثرهم بالدين الأسلامي ليدل على روح التسامح التي لمسوها من لدن أبناء الشعب العراقي وسماحة هذا الدين ونبل مبادئه بدلا من القسوة والوحشية التي أمتاز بها الفايكنغ طيلة مئات السنين ..
