كوكب الشرق في بغداد

زيارتين قامت بهما كوكب الشرق  أم كلثوم للعراق كانت الزيارتان إبان العهد الملكي في العراق ... الزيارة الأولى كانت في بدايات شهرتها، و الثانية كانت في قمة مجدها.. كانت الأولى في العام 1932 وكان قد حضر بغداد من قبلها الموسيقار محمد عبد الوهاب، وغنى لأحمد شوقي يا شراعا فوق دجلة يجرى.. ثم وصلت أم كلثوم برا إلى بغداد برفقة فرقتها التي يقودها الموسيقار محمد القصبجى، فاستقبلت استقبالا حافلا لا يمكن تخيله. وغنّت على مسرح اوتيل الهلال  أجمل أغنياتها من القصائد التي كان قد لحنـــها لهــا الموسيقار الشـــيخ أبوالعلا محمد.. والملحن الطبيب أحمد صبري النجريدى، والتقت في العراق بعدد من كبار الموسيقيين والمطربين وقراء المقام القدماء. ..  زيارتها الأولى أثارت قرائح الشعراء العراقيين، فنظموا القصائد ، وكتبت المقالات في مدحها، ،امثال محمد رضا الشبيبى وجميل صدقي الزهاوى ومعروف الرصافى ومحمد بهجة الأثري وإبراهيم أدهم و الزهاوى الذي  حياها بقصيدة على مسرح الهلال يوم 15 تشرين الثاني  1932 بقصيدة مطلعها ..الفن روض انيق غير مسؤوم ****وانت بلبله يا ام كلثوم ...

احتفى بها العراق  احتفاء لا يضاهى حكومة ونخبة وشعبا، وبقيت حديث المجتمع البغدادي لفترة طويلة وتوثقت علاقتها برجالات العراق كما ترسّخت علاقتها بالبيت الملكي الحاكم في العراق، وتوثقت عرى الصداقة بينها وبين الأميرة عابدية بشكل خاص ....،في العام 1946  ، وجهّت إليها دعوة خاصة من الحكومة العراقية، وبالذات من قبل الوصي على العرش الأمير عبد الإله الذي كان يكن لأم كلثوم تقديرا كبيرا لإحياء حفل ساهر في  ليلة عيد ميلاد الملك فيصل الثاني ، وبالفعل فقد وصلت مطار الحبانية  في قبيل ظهر يوم 2 مايس 1946 وكان في استقبالها ياور الوصي على عرش العراق ورافقها إلى العاصمة في إحدى السيارات الملكية حيث قصدت القصر الملكي وقيدت اسمها بدفتر التشريفات وهناك قابلت  الملكة عالية و شقيقاتها الأميرات وشقيقها الأمير عبد الإله الوصي على العرش ثم ذهبت أم كلثوم إلى فندق ريجنت بالاس الذي نزلت فيه ضيفة على الحكومة العراقية، وفى المساء احيت الحفلة الساهرة الكبرى التي أقيمت بحديقة قصر الرحاب احتفاء بعيد ميلاد الملك الطفل فيصل الثاني، وكان حينها أصغر ملك في العالم،. وقد حضره الملك الطفل برفقة خاله الوصي وكل الوزراء والوجهاء والأعيان والسفراء والقواد العسكريين وقام الوصي عبد الاله بتقديم أم كلثوم بنفسه إلى كبار المدعوين  ..غنت أم كلثوم.. غنت فسهر العراق كله ليسمعها إذ كانت الحفلة مذاعة في أرجاء العراق ..غنت يا ليلة العيد التي أنشدتها في فيلم دنانير والذي عرض عام 1940 وغنت سلوا كؤوس الطلا ..واغنية غنيلى شوى شوى، وأغنية كل الأحبة اتنين اتنين..على مدى ست ساعات وامتدت الحفلة حتى الساعة الثالثة صباحا. كان الملك الطفل وخاله الوصي على عرشه قد تأخرا قليلا، إذ خرجا يطوفان أرجاء بغداد ليشهدا فرحة الناس بأم كـلثوم، قــال عبد الإله حينها : لو أنى وزعت على كل عراقي كيسا مملوءا بالذهب، لما استطعت أن أدخل هذا السرور على قلوب أهل العراق. ..وفي صباح اليوم التالي  فى ريجنت بالاس كانت البسطاء والوجهاء  والهيئات الاجتماعية ورجال الصحافة يتوافدون على الفندق لتحيتها. وقبيل الظهر اتصل بها الملك الطفل فيصل الثاني هاتفيا ليدعوها لتناول  الغداءعلى المائدة الملكية وبعد ظهر اليوم نفسه، حضرت أم كلثوم حفل استقبال من قبل زوجة  نورى السعيد في دارها، حضرتها صفوة سيدات العراق..ومساءا احيت الحفلة الساهرة التي أقامها وزير مصر المفوض في العراق بدار المفوضية المصرية، حضرها الوصي عبد الاله والوزراء ورجال السلك السياسي ووجوه المجتمع، و أعد جناح خاص للملكة عاليه ولأميرات العراق وللضيفات النساء  .. غنت ام كلثوم في هذه الحفله  سلوا قلبي.. ثم أهل الهوى فأبدعت. وفى ختام الحفله قلدها الأمير عبد الإله وسام الرافدين بتشريع خاص كونها امرأة ، وكان يمنح للرجال فقط ..كما قدم لها باسم الملكة عالية عقدا فاخرا من اللؤلؤ فتقبلتهما شاكرة...وفي الايام التاليه أحيت أم كلثوم عدة حفلات خاصة لأعيان بغداد، قبل ان تغادر الى مصر ...

.كان من المقرر أن تغنى أم كلثوم في حفلة زواج الملك فيصل الثاني عام 1958 غير أن الملك الشاب  قتل قبل أن يزف إلى عروسه...وحرم العراقيون من متعة الاستماع الى كوكب الشرق للمرة الثالثة في العراق