الثلاثاء، 29 نوفمبر 2016

طوب ابو خزامة 

الطوب يعني المدفع .. وارتبط بذاكرة العراقيين بثورة العشرين وبالاهزوجة الشعبية " الطوب احسن لو مكواري "  والخزامة هي الحلقة التي تلبسها المرأة في الريف في انفها بعد ان تخرم جانب الأنف .. وسمي ب (طوب أبو خزامه) لوجود عروتين مع خرم في فوهته.. على جانبيه ..وشبه العامه كل عروة منهما ب (الخزامه).. الطوب يقف  على قاعدة ارتفاعها متران بواسطة عجلتين كبيرتين ويبلغ طوله 457 سم ومحيط جسمه عند المؤخرة 210سم وعند الوسط 185سم وعند الفوهة 152سم وقطر الفوهة 51سم وقطر المرمى 21سم وعليه زخارف كثيرة ومتنوعة وهي عبارة عن اربع سمكات صغيرة واربع نجوم سداسية الشكل ومثلثة. وهناك عروتان مقوستان أو ملويتان محيط كل منها 50سم وكتب على ظهر المدفع (الطوب) عمل بامر السلطان مراد خان بن السلطان احمد خان وفي الجانب الايسر مما يلي العروة نرى شقاً أو انخفاضاً محيطه 38سم وعمقه 3سم ووراء العروتين يتكرر مشهد الاسماك الاربع مع خمسة نجوم بدلاً من اربعة... أما سبب الفتحة أو " الخزامة " في فوهة المدفع فهنالك أكثر من رواية منهم من يقول ان المدفع توقف عن المسيرة اثناء الحملة العثمانية على العراق فاستفز السلطان وغضب وضربه مما أحدث فتحة وهو ما نسميه (خزامة) ويقال بأن المدفع حين ضربه السلطان غضب ورمى بنفسه في نهر دجلة فرق قلب السلطان ونزل إليه في البحر واسترضاه! وحين خرج المدفع كانت هنالك مجموعة سمكات التصقت بظهره...
هذا المدفع استخدمته القوات العثمانية  في احداث فتحة في السور المحيط ببغداد اثناء مهاجمة مراد باشا العثماني لطرد قوات الشاه اسماعيل الصفوي منها بعد احتلال دام اكثر من خمسة عشر سنة .. و شاع بين أهل بغداد بأن هذا الطوب له مكانته الخاصة عند الله تعالى ويستمع رب العالمين لكلامه وطلباته حيث انه ولي من اولياء الله الصالحين . وقالوا إنه عندما نفدت ذخيرته أخذ يلتهم التراب من الأرض ويضرب به الاعداء. وحيثما وجدت حفرة في طرقات باب المعظم، وما أكثرها، قالوا هذه حفرة أخذ منها طوب أبو خزامة قنابله..
وعندما رجع الجيش العثماني من بغداد، التمس ألبغداديون  الاحتفاظ به للبركة والثواب. وحين نصب المدفع في بغداد صار بسطاء الناس يزورون المدفع للتبرك به.. إذ كانوا يصدقون الخرافات والخزعبلات  التي قيلت عن الطوب.. وكانت النسوة يربطن  بها خرقا (شرائط من القماش) للدعاء وتلبية مطالبهن؛ العزباء التي تريد زوجا، العاقر التي تريد طفلا، الزوجة التي تريد استعادة زوجها من زوجته الثانية، الزوجة الثانية التي تريد من الطوب أن تموت ضرتها، الأم التي تريد الشفاء لابنها المسلول.. وكانت من يولد لها صبي تأتي به الى طوب ابو خزامة وتدخل رأس الطفل في المدفع تبركا وكي يستمد الطفل من الطوب الشجاعة ...و بعد ان  تنور العراقيين وازدادت المدارس ودور العلم ادرك الناس ان كل هذه المرويات والخزعبلات هي من الخرافات التي لا يصدقها عاقل فاستغنت الحكومة عن خدمات طوب أبو خزامة، وأمر نوري السعيد بإزالته من باب وزارة الدفاع بالميدان وايداعه  في المتحف الوطني  للاسلحة بموقع الباب الوسطاني في منطقة الشيخ عمر السهروردي.. ولكنه اعيد في عام 1967   الى باب وزارة الدفاع القديمة  بالميدان... وهو حاليا موجود كما فهمت في المتحف العراقي..

هناك 4 تعليقات:

مستشفى ابن البيطار .

  كان تشارلس هاوهي  رئيسا للحكومة الايرلندية   في ثمانينيات القرن الماضي  وتمتع بعلاقة شخصية مع السلطات في بغداد ايام  كان وزيرا للصحة حيث ع...