الأربعاء، 30 نوفمبر 2016

جامع النوري الكبير

مازال قلبي ينزف على الموصل و على آثارها ومعالمها  الحبيبة الى قلبي  والتي عشت معها وفي ظلالها  اجمل الذكريات  ايام كنت طالبا في جامعة الموصل ..  تمثال الملا عثمان الموصلي وابو تمام ومتحف الموصل وجامع النبي شيت ويونس وجرجيس ودانيال عليهم السلام  وغيرها من المعالم  .. تلك الاثار والمعالم  التي تجرأ عليها البربر والقتلة والسفلة وشذاذ الافاق وسط صمت  وذهول رهيب ولم يبقى من آثار الموصل الشامخة  وتاريخها وعبقها الا هذا الجامع الذي يعتبر رمزا لهذه البلدة الطيبة  لذا سأكتب عنه قبل ان يتجرأ عليه احد.. ولا حول ولا قوة بالله العلي العظيم .. وحسبنا الله ونعم الوكيل ..
الجامع النوري أو الجامع الكبير أو جامع النوري الكبير هو جامع تاريخي يقع في الساحل الأيمن (الغربي) للموصل. وتسمى المنطقة المحيطة بالجامع محلة الجامع الكبير.
يُعتبر ثاني جامع يبنى في الموصل ويعود تاريخه إلى العهد الزنكي عمره يناهز التسعة قرون ... بناه نور الدين زنكي في القرن السادس الهجري بعد ما رأى ما يُعانيه المصلون من ضيق الجامع الوحيد في المدينة  .. حيث  اشار عليه الشيخ الزاهد معين الدين عمر الملا وكان من كبار الصالحين بابتياع خربة  واسعة كانت بالموصل .. لاتخاذها جامعا ..وبالفعل هذا ما كان ... صممه وبناه ابراهيم الموصلي ..وأنفق نور الدين زنكي على الجامع أموالاً طائلة ، ووقف على الجامع عدة أوقاف منها "العقر الحميدية" و"قيسارية الجامع النوري" و"أرض خبرات الجمس". وبنى به مدرسة عرفت فيما بعد بمدرسة الجامع النوري....وبعد عودة  نور الدين إلى الموصل سنة 568 هـ  صلى في جامعه، بعد أن فرشه بالبسط والحصران، وعين له مؤذنين وخدما وقومة ورتب له ما يلزمه.
اشتهر الجامع بمنارته المائلة نحو الشرق.. والتي تسمى منارة الحدباء وسابقا كانت تسمى المنارة الطويلة حيث تعتبر أعلى منارة في العراق وهي الجزء الوحيد المتبقي من البناء الأصلي.. وتعد المنارة أحد أبرز الآثار التاريخية في المدينة واصبحت رمزا للموصل وعادة ما تقرن معها.
يقال علميا  ان سبب انحنائها نحو الشرق هو الرياح الغربية السائدة في الموصل اضافة الى المياه الجوفية التي تحيط بالمنارة ، والتي أدت إلى اهتراء قاعدة المنارة..وفي الاوساط الشعبية في الموصل هناك العديد من الروايات حول سبب الميلان والانحاء ومنها ان النبي الخضر مر بالمنارة فمالت خجلا منه، أو ان الإمام عليا( عليه السلام ) جاء لزيارة حفيده علي الأصغر فانحنت احتراما له، ويستدلون باسم منطقة (دوسة علي) المجاورة. رواية اخرى أخرى تقول انه لما أسري بالرسول الاعظم محمد( صلى الله عليه وآله وسلم ) إلى السماوات السبع، مر بالموصل فانحنت المنارة  له، وهذا مستحيل حيث بنيت المئذنة بعد وفاة النبي محمد بقرون. رواية شعبية اخرى عند اخوتنا المسيحيين  تقول  ان المنارة انحت لمريم العذراء والتي يقال أنها مدفونة قرب أربيل، أي باتجاه ميلان المنارة.
مع مرور الزمن تدهورت حالة المنارة وازداد ميلانها بشكل كبير فتم ترميم المنارة في أوائل القرن العشرين على يد عبودي الطنبورجي وهو من اشهر البنائين في الموصل .. وكانت هناك عدة عمليات ترميم اخرى بعد ان ازداد احتداب المئذنة منذ تلك الفترة بحوالي 40 سنتيمتر..حيث قامت شركة إيطالية بمحاولة لتثبيت المنارة في العام (1981 م) ..وفي الاونة الاخيرة وقبل سقوط الموصل  قامت وزارة السياحة والآثار العراقية بمحاولة ترميم المنارة بضخ كميات من الاسمنت المسلح إلى قاعدة المنارة للحفاظ عليها.. إلا أن هذه العملية لم تكن أكثر من حل مؤقت.. ادرجتها مؤسسة الصندوق العالمي للآثار والتراث في قائمة الأكثر مائة آثر المهددة في العالم ..وبالرغم من كل المخاطر التى تهدد المئذنة، الا ان المرحوم الدكتور  بهنام أبو الصوف خبير الاثار المعروف كان يرى  أن احتمالية انهيار المنارة في المستقبل المنظور ما زالت قليلة.
حفظ الله الجامع النوري الكبير ومنارته الحدباء من كل سوء لتبقى رمزا مدى الزمن لهذه المدينة الطيبة ..
 وحفظ الموصل واهلها الطيبين  الذين  عشت معهم وعرفتهم عن قرب.. من كل سوء ..
وعسى ان تعود لنا الموصل جميلة بهية نقية  . ورمزا من رموز السياحة تتصدر صور منارتها الحدباء صور الترويج السياحي لعراقنا الحبيب ...

هناك تعليق واحد:

مستشفى ابن البيطار .

  كان تشارلس هاوهي  رئيسا للحكومة الايرلندية   في ثمانينيات القرن الماضي  وتمتع بعلاقة شخصية مع السلطات في بغداد ايام  كان وزيرا للصحة حيث ع...