يبعد قصر العاشق
حوال 9كم عن مدينة سامراء التي بناها الخليفة العباسي المعتصم بالله في القرن
الثاني الهجري والتي تميزت بجمال بنائها ،
حتى أصبحت في زمانها سيدة مدن العالم وأتسعت المدينة التي سميت " سُرَ من رأى
" لدقة هندستها وجمال بنيانها خلال مدة قصيرة من الزمن حتى بلغ طول المدينة حوالي 17 ميل،يقطعها نهر دجلة وفروعه بمياهه
العذبة وتتوسطها شوارع رئيسية عظيمة. ورغم قصر مدة
حكم العباسيون في سامراء والتي بلغت حوالي
النصف قرن لكنهم بنوا خلالها ثلاثين قصراً
ثمانية قصورمنها للخلفاء والباقي للقادة والحاشية وعرفت هذه القصور ببراعة هندستها ودقة بنائها
،وأشهر تلك القصور في سامراء هو ..قصر العاشق .الذي يقابل قصر العامة للخليفة
المعتصم بالله ويفصل بينهما نهر دجلة ..وقد ذكره الكثير من المؤرخون والرحالة
كياقوت الحموي ، وإبن جبير ، وإبن بطوطة ،وسمي بالمعشوق وصفاً لحسن بنائه وجماله
وهو الاسم الحقيقي والصحيح ،ولكن أسمه تحول بين الناس مع الزمن الى ... قصر العاشق .
يروى ان
أحد الأمراء العباسيين كان يعشق اميرة تعيش في الجهة المقابلة من مكان
اقامته فبنى هذا القصر الكبير وكان يراقبها من هناك والمسافة بعيدة جداً ثم قام
بخطبتها ووافق والدها فأهداها القصر مهراً لها وسمي قصر العاشق والمعشوق ....
والحقيقة ان هذا القصر تم اتخاذه من قبل
الخليفة المعتمد بالله بن المتوكل ،مقراً لخلافته سنة 256هجرية وحتى سنة
279 هجرية ...يتكون القصر من طابقين .. الطابق الأرضي لم يستكشف كاملاً ماعدا خمسة أبواب وقسم من الاواوين وبقايا سلم
مما يُرجح أن هذا الطابق يحتوي على عدد من الغرف والاواوين التي أستخدمت للسكن
أيام الصيف ..كسراديب الى جانب عدد من الآبار ، بعضها والتي تحوي المياه العذبة
النقية ،والتي كانت ترفع منها المياه الى الطابق الثاني بواسطة الدلاء ( الدلو)
والبكرات،وبعضها الآخر كان يستخدم لتصريف المياه الآسنة المستعملة في الحمامات
والمرافق بواسطة شبكة أنابيب مفخورة تعد غاية في التطور والتقدم آنذاك
وفي الطابق
الثاني يتصدر مجلس الخليفة أضافة الى مجموعةغرف واسعة لجند وحرس الخليفة حيث تتكون
من رحبة واسعة مستطيلة يحيط بها عدد من غرف السكن وتتوسطه ساحة كبرى وبركة
للماء وتحت الساحة والبركة نفق سري يبلغ طوله ( 24 متراً) ..أما سور القصر
.فهو عبارة عن جدار عال بسمك مترين و60 سنتيمترا وعليه 22 برجاً على شكل نصف دائري أو أسطواني ويحيط
بالسور خندق واسع كان يستمد مياهه من قناة جوفية تنحدر من عيون أراضي الجزيرة
الغربية .
في عام 1986 تم
ترميم هذا القصر من قبل دائرة الآثار والتراث
التابعة لوزراة الثقافة والأعلام ضمن
أعمال تطوير مدينتي سامراء والمتوكلية التي تقع على بعد خمسة عشر كليومتراً
شمال مدينة سامراء أي في الجانب الغربي من نهر دجلة ومن خلال عمليات الصيانة تلك ،
تم العثورفي القصر على كنز ذهبي يحتوي على
عشرات القطع من العملة العباسية الذهبية والعملات الفضية والبرونزية التي سكت في
سامراء أيام الخلافة العباسية ...
نشر 5/12/2017
ردحذف