الثلاثاء، 29 يناير 2019

جسر مود


بالنظر لحاجة القوات البريطانية التي دخلت بغداد  للنقل بين جانبي نهر دجلة .. قامت ادارة النقل المائي في الجيش البريطاني  بجلب احد الجسور من منطقة كرمة علي شمال البصرة ليربط  منطقة راس القرية  من جهة الرصافة  ببساتين الصالحية  في جانب الكرخ وأكتمل نصبه في نهاية شهر حزيران1917 ليصبح ثاني جسر في بغداد بعد الجسر العتيك او جسر كوتا .. واطلق عليه اسم الجسر الجنوبي
شهد هذا الجسر  العديد من الحوادث التي كانت تؤدي الى انقطاع الجسر عن العمل لفترات طويلة كما ان هذا الجسر لم يكن  مؤهلا لنقل الاحمال الثقيلة والمعدات التي كان العراق بحاجة لها في مرحلة الاعمار اضافة الى ازدياد حركة النشاط التجاري  والاقتصادي في بغداد  .. كل هذه الاسباب دعت القوات البريطانية في صيف سنة 1918 الى اتخاذ قرار  ببناء جسر جديد ومتين بدلا من الجسر الجنوبي  وتم تصميمه ليتحمل اثقال تصل الى 15 طن وتم جمع وبناء وشراء  الطوافات والعوامات والعوراض والاعمال الحديدية والخشبية والاسلاك والمحركات من السوق المحلية في بغداد ولم يتم ا ستيراد اي قطعة من الخارج..
بلغ طول الجسر حوالي 384 متر وتم انجازه خلال بضعة شهورفقط  ..وافتتح باحتفال كبير في 7 كانون الاول  1918 وتضمن الحفل عبور وحدة مدفعية  18 رطل ..واطلق على الجسر  عليه اسم جسر مود نسبة الى الجنرال مود والذي توفي بالكوليرا ودفن في بغداد في تشرين الثاني1917
بلغت كلفة الجسر  56,133 جنيه استرليني، بينما لم يكلف الجسرالشمالي العتيق سوى 7,580جنيها استرليني. لذا رفضت دائرة الحاكم السياسي في بغداد دفع هذاالمبلغ الكبير لدائرة النقل  المائي العسكرية التي شيدت الجسرمما اضطر هذه الادارة الى فرض رسوم للعابرين المدنيين والبضائع من غير القوات العسكرية ، لغرض استرجاع كلفة بناءالجسر.
شهد الجسر العديد من الحوادث  خاصة ايام الفيضانات  كان اهمها هوارتطام طائرة البريد الهولندية بالجسر في سنة1929.حيث  أشتبكت الطائرة بمجموعة من الاسلاك فوق النهر وسقطت لترتطم بين الطوفات في منتصف الجسرمما ادى الى مقتل احد الطيارين الهولنديين واصابة الثاني  بجروح بليغة،فيما غرقت الطائرة في النهر بعد محاولة سحبها اثر تقطع الحبال .. وادى الحادث كذلك الى تضرر الجسر ..في  عام 1935 قررت الحكومة تنفيذ عددةمن الجسور الثابته  وتم الايعاز الى مستشارين الهندسة في الحكومة  الاستشاريين  كود وولسن  وميشيل وفوغان باعداد الخرائط التفصيلية  والمواصفات الفنية  التي وافق عليها مجلس الوزراء وتمت احالة المناقصة عالميا لغرض التنفيذ في شهر آذار 1936 وبعد فتح العطاءات رست المناقصة في تشرين الاول من نفس العام على شركة هولواي اخوان المتحدة في لندن حيث كانت تقوم انذاك بتشييد عدد من الجسور على نهر التايمس  بمبلغ 314760 دينار
تم تفكيك الجسر وازالته عام 1938.. بعد عشرين سنة من نصبه  وبعد ان شرع ببناء جسر الملك فيصل الثابت " الاحرار حاليا " والذي افتتح عام 1939.. وحسبما فهمت فان جسر مود بعد تفكيكه تم نقله ليربط بين مدينتي الكاظمية والاعظمية  قبل انشاء جسر الائمة الحالي..

منقول من عدة مصادر بتصرف

السبت، 26 يناير 2019

نهاوند


من اهم المطربات العربيات اللائي عملن في العراق ..اسمها الأصلي لارا عبدالله كيروز.. ولدت في سنة 1926 في لبنان وعرفت بالإسم الفني "نهاوند" لعذوبة صوتها... بدأت حياتها الفنية مع فرقة الإذاعة الموسيقية في بيروت قبل ان تقف على مسرح تياترو الكبير الذي كان من أهم مسارح بيروت في الثلاثينات والأربعينات، لتغني أمام حشد من الموسيقيين والملحنين الذين وقفوا احتراماً لجمال صوتها وصغر سنّها. وبعد أن لمع نجمها في بيروت  سافرت  إلى القاهرة لتشارك في ثلاثة أفلام منها دور البطولة في فيلم اسمه عذاب الضمير للمخرج جورج القاعي، لكنها  تخلت عن حلم التمثيل وتركت القاهرة بسبب ازدحام المشهد المصري وشراسته بين الفنانين .. انتقلت بعدها الى حلب حيث واجهت منافسة شرسة من مطربات لبنانيات لتنتقل  إلى العراق ايام  كانت الأغنية العراقية تشهد أهم مراحل تطورها على يد الاخوين صالح وداوود الكويتي.. وهناك  تعرفت على الملحن رضا علي الذي ترك إرثاً فنياً لا يقدر بثمن حيث قدم لها اجمل الالحان التي تعتمد على البساطة والسلاسة والتي تتطلب  تمكناً من المطرب ..ومن اهم هذه الاعمال كانت اغنية يابه يابه  شلون عيون والتي اصبحت بصمة حفرت في ذاكرة العراقيين .. أجادت نهاوند اللهجة العراقية وجارت الإيقاع البغدادي الجديد برصانة، حتى ظن البعض أنها مطربة عراقية جديدة واستمر شيخ الملحنين رضا علي في تقديم اجمل الاغاني لها ، وهو مؤشر على براعتها وتمكنها وقدمت نقلة نوعية في تجديد الأغاني العراقية
في هذه الفترة التي قضتها في العراق واظبت نهاوند على زيارة سوريا، و تزوجت من رجل سوري متنفذ منعها من السفر والغناء لسنوات طويلة وهاجرت مع زوجها إلى البرازيل.. إلى أن توفي زوجها .. وهناك عملت في مطعم لبناني، وعادت تغني العتابا والميجانا. وبقيت في ساو باولو حوالي ١٥ سنة. عادت بعدها في منتصف التسعينات الى بيروت لتبدأ مشواراً جديداً متأخراً في إثبات نفسها وتعاونت مع  المنتج اللبناني ميشال ألفتريادس الذي اعادها إلى الساحة رغم كونها في نهاية السبعينات من عمرها ليثبت ان  صوتها مازال قويّاً و اكتسب نضجاً وحيوية غير متوقعة.
ظهرت نهاوند للمرة الأولى على خشبة مسرح جبيل، في مهرجانات جبيل عام ٢٠٠١ وأثبتت أن كبر سنّها جذب الجمهور وبدأت بإحياء حفلات في الميوزك هول، وهو من أشهر النوادي الليلية في بيروت،
وفي عام 2002 منحها رئيس الجمهورية العماد اميل لحود  وسام الاستحقاق اللبناني ..الذي يمنح لكبار المبدعين اللبنانيين.. تركت الغناء  بعد ان جفّت الخلايا العصبية في دماغها واستسلمت للألزهايمر. وقضت آخر عمرها على كرسي متحرك في مأوى  للعجزة حتى وفاتها في28/11/2014 

الجمعة، 25 يناير 2019

مذبحة المماليك


تعتبر  مذبحة المماليك أكبر  وابشع عملية اغتيال سياسي في تاريخ مصر الحديث، وبها انتهى بها نفوذ المماليك الذي ظل طاغيا علي البلاد 6 قرون.. لينفرد محمد علي بعدها بحكم مصر،
في يوم الجمعة الأول من مارس 1811، أعد محمد علي حفلا كبيرا بالقلعة بمناسبة خروج الجيش المصري للقضاء على حركة الوهابيين في الحجاز بقيادة  ابنه طوسون .حضره ما يقارب عشرة الاف مدعو من ضمنهم نحو 500 مملوك حضروا وسط أجواء احتفالية كبيرة،
وبعد أن انتهى الحفل الفاخر دعاهم محمد علي لتوديع الجيش الخارج للحرب.. سار الموكب منحدراً إلى باب العزب،و اختير هذا  المكان بعناية حيث  الطريق الذي يؤدى إلى باب العزب عبارة عن  ممر صخرى منحدر تكتنفه الصخور على الجانبين، حيث لا مخرج ولا مهرب، لقد كان الأمر خدعة انطلت على المماليك..
بعد خروج الجيش أغلقت الأبواب في وجه المماليك و استدار الحرس  الذين كانوا يعطون ظهورهم للمماليك .. وانطلقت رصاصة في السماء كانت بمثابة إشارة لبدء مذبحة لن ينساها التاريخ حيث انهال الرصاص من كل صوب وحدب على المماليك.و قتل ما يقرب من 500 من أمراء المماليك على يد جنود محمد علي باشا..
ومن نجا منهم من الرصاص فقد ذُبِح بوحشية حتى امتلأ فناء القلعة بالجثث ولم ينج من هذه المجزرة سوى أمين بك الذي هرب بحصانه من فوق أسوار القلعة  وهرب به إلى بلاد الشام ..وقد خلد قصته جورجي زيدان في روايته "المملوك الشارد". بينما كان هناك مملوك لم يحضر الحفلة بسبب انشغاله في أحد القرى وبالتالي لم ينج سوي هذين المملوكين.
وصل خبر تلك المذبحة إلى الجماهير المحتشدة في الشوارع لمشاهدة الموكب فسرى الذعر بينهم، وتفرق الناس، وأقفلت الدكاكين والأسواق، وهرع الجميع إلى بيوتهم، وخلت الشوارع والطرقات من المارة..ونزل جنود محمد علي إلى شوارع القاهرة يقتلون كل من يقابلهم من المماليك ويغتصبون نسائهم ويسرقون منازلهم وظلت الأمور كذلك لمدة ثلاثة أيام  واستبيحت القاهرة حتى  وصل عدد القتلى النهائي إلى 1000 من أمراء المماليك ..وسادت الفوضى وانتقلت عمليات النهب إلى البيوت المجاورة لبيوت المماليك  مما اضطر محمد علي باشا إلى النزول بنفسه لشوارع القاهرة ﻹيقاف الفوضى..  و السيطرة على جنوده وأعادةالإنضباط.
مكان مذبحة القلعة ما زالت تخيم عليه اجواء الرهبة والخوف  ويحمل  صرخات المستغيثين من الموت.
لوحات تخيلية لما جرى اضافة الى صورة للمكان الذي وقعت فيه ابشع عملية اغتيال سياسي في التاريخ ..

الخميس، 24 يناير 2019

قناديل فضولي


اتمنى اذا ما كتب الله لكم  زيارة سيد الشهداء ان تمروا بمرقد هذا الرجل  الذي لا يبعد سوى امتار   وتترحموا  لي ولوالدي  ..ول فضولي  صاحب القناديل ...
كم ظلمنا هذا الرجل الذي ولد وعاش ومات في العراق  .. اذريبجان تعده شاعر الآذرية الأكبر ويحرص أدباء آذربيجان على زيارة قبره في كربلاء ..اقام له الاذريون التماثيل في باكو  وكنجة وعشق اباد وفي كنجه حديقة ومتنزه كبير يطلق عليه حديقة فضولي  Fuzuli parkı  .. والاتراك يطلقون عليه  رائد الشعر التركي و(أستاذ الكل) و يحضى بأحترام بالغ في ايران والهند والباكستان  كما  يعدّه العراق نابغته الأوحد في القرن العاشر الهجري و يحظى باحترام الجميع وقد اقامت له الحكومة العراقية عام 1994 مهرجان عالمي في بغداد لمناسبة مرور (500) سنة على وفاته... ورغم ذلك فان أكثر أبناء مدينة  كربلاء التي ولد مات فيها  والعراقيين بشكل عام .. لا يعرفونه .. 
انه محمد بن سليمان الملقب بـ (فضولي البغدادي) شاعر من تركمان العراق اذري الاصل  هاجرت أسرته إلى العراق ــ قبل ولادته ــ وسكنت في بغداد. فأطلقوا عليه(البغدادي),..يعتبر  شاعر العراق والمشرق في القرن العاشر الهجري  ولد في كربلاء  وقيل في الحله  سنة 1480  او 1498 كما جاء في مقدمة ديوانه (مطلع الاعتقاد) المطبوع في باكو من قبل أكاديمية العلوم في آذربيجان ..
فضولي العاشق الصوفي العميق لأهل البيت  والذي كتب اشعاره في حبهم بعدة لغات.. خلف كثيراً من الشعر والمؤلفات باللغات العربية والتركية والفارسية  وأشهر آثاره هو ديوانه بالعربية الذي يعدّ قمة من قمم الشعر العربي لما تضمنه من رهافة الحس ورقة الألفاظ وكرم الاخلاق ونبل المشاعر وغرر الحكم ودرر القول على طريقة المعري والمتنبي وسعدي وحافظ وجلال الدين الرومي فتداولت الأيدي دواوينه وحذا الشعراء حذوه وروى المتأدبون قصائده.

مُلّ المقــــــــــامُ فكمْ أعاشرُ أُمّةً   ***   أمرتْ بغيرِ صــلاحِها أُمراؤها

ظلموا الرعيةَ واستجازوا كيدَها   ***   وعدوا مصالحها وهم أُجراؤها

عاش  فضولي البغدادي في مدينة كربلاء واختار البقاء بجوار حرم الامام الحسين واعتزل فضولي الناس  في أواخر حياته واعتكف للعبادة في ضريح الإمام الحسين (عليه السلام) وفضّل الزهد والتبتّل والعبادة وتكريس نفسه لها والابتعاد عن الدنيا ومغرياتها وكان يضيئ القناديل يوميا في المرقد الشريف مبتعداً عن ملاذ الدنيا ومتاعبها  حتى أدركه الأجل بوباء الطاعون 1556م ودفن حسب وصيته في حديقة صغيرة تبعد امتار قليلة عن باب قبلة سيد الشهداء الإمام الحسين (عليه السلام)..

صور لتمثال فضولي في باكو  واخرى في گنجه.. وصور لمرقده  في باب قبلة الامام الحسين عليه السلام ..


السبت، 19 يناير 2019

ليت للبراق عينا فيرى .. قصة ليلى العفيفة

ليلى العفيفة هي ليلى بنت لكيز بن مرة بن أسد، ولقبها العفيفة، كانت واحدة من أجمل بنات العرب واعرقهم نسبا وأحسنهم أدبا إضافة لكونها شاعرة لا يشق لها غبار، وكانت تهوى أبن عمها البراق بن روحان ولكن أبوها رفض أن يزوجها له، كان يرى أنها تليق بأحد زعماء القبائل. في احد المعارك أسرها الفرس ... فأرادها أبن كسرى لنفسه وحاول اغرائها بكل الطرق اغراها  بالمال والحسب والسلطة  ولكنها  رفضت  فحبسها وعذبها ومنع عنها الماء والطعام ... فأنشدت قصيدة مكونة من 34 بيت.. مطلعها  " ليت للبراق عينا" فسمعها أعرابي وحفظها وسار حتى بلغ البراق بن روحان وابلغه قصيدة ليلى، فثار البراق واستثار قومه وقبائل العرب وهبوا لمحاربة الفرس و هزمهم وحرروا ليلى العفيفة ووافق والدها على زواجها من البراق بن روحان الذي أصبح زعيم العرب وقتها.
عام 1938  قامت السيدة بهيجة حافظ بتحويل القصة الى فلم تحت عنوان ليلى بنت الصحراء  وقامت بانتاجه واخراجه  وكان الاتفاق ان يقوم الموسيقار محمد القصبجي على تلحين قصيدة ليت للبراق عينان على أن تغنيها في الفيلم ليلى مراد ولكن ليلى مراد اعتذرت عن الأغنية والدور ككل لأن الدور كان صغيرا فيذهب الدور بالأغنية للمطربة حياة محمد وتغنيها وتقوم بالدور ويعرض الفيلم في السينما وينجحا نجاحا كبيرا في أيام عرضه الأولي بل إن الفيلم يسافر للمشاركة في مهرجان برلين السينمائي ويعود ورشح للعرض في مهرجان فينيسيا السينمائي
ولكن فجأة يصدر أمر بمنع عرض الفيلم في الداخل والخارج. لتحتج السفارة الإيرانية على الفيلم والسبب أن الفيلم فيه صراع بين العرب والفرس لتجامل مصر إيران تزوجت الأميرة فوزية شقيقة الملك فاروق من شاه إيران رضا بلهوي، عام 1939 العرض بل منعت دخول أسطوانة أسمهان التي سجلت في ستوديو تسجيل تابع لشركة بيضا فون في بيروت إلى مصر. والتي قام الفنان محمد القصبجي  بتلحين هذه القصيدة لتي لم تعرفها الأسواق المصرية إلا بعد طلاق الأميرة فوزية والشاه الإيراني عام 1945،
بعد اشتهار الاغنية  ادعت للمنتجة والممثلة بهيجة حافظ والتي ادعت أنها شاركت محمد القصبجي في تلحين الأغنية
كما ادعى  المطرب والملحن أحمد عبدالقادر الذي غنى أغنية وحوي يا وحوي انه من لحن الاغنية واصبحت مثار جدل  حتى حسمت جمعية المؤلفين والملحنين في فرنسا عام 1992 عند  إعادة طبع الأغنية وكان لابد من توثيق اسم المؤلف والملحن وفقا للقانون و اقر ت ان الأغنية من ألحان محمد القصبجي ولا أحد غيره، لتعيش أغنية ليت للبراق عينا بصوت أسمهان وألحان القصبجي

الأربعاء، 16 يناير 2019

العمامة والكشبيدة

تعتبر العمامة والكشيدة من أقدم أغطية  الرأس عند العرب عامة ، ونظَر المسلمون في القدم للرجل الذي يبدو عاري الرأس او كما يعرف عليه في العراق ( مفرع)  وكأنه ساقط المروءة تاركاً للآداب، وكانوا لا يحبذون خلعها وكشف الرأس إلاّ في المناسك تعبداً لله سبحانه وتعالى.
في عام 773 هـ وبأمر من السلطان شعبان الملك الاشرف زين الدين شعبان بن حسن بن قلاوون سلطان  مصر تمّ اختيار العمامة أو الكشيدة الخضراء للسّادة الأشراف تمييزاً لهم عن بني العباس الذين كان لباسهم السواد.. وتمييزا لهم عن عوام الناس . وكان  متولي مصر يجعل السادات الأشراف بالملابس الخضر والعمة الخضراء الزاهية في مقدمة موكبه أينما يتوجه لمكانتهم ونسبهم الشريف حيث قال الشاعر جابر بن عبد الله الأندلسي:

جعلوا لأبناء الرسول علامة
 إن العلامة شأن من لم يشهرُ
نور النبوة في وسيم وجوههم  
يغني الشريف عن الطراز الأخضر

ورغم اختلاف العصور لا زالت  العمامه والكشيدة محافظة على أشكالها رغم تنوع باقي الازياء
اما الكشيدة فقد اشتهرت في زمن الحكم العثماني للعراق واعتبرت من الأزياء التي كان يرتديها وجهاء المدن والقوم ، وكان يطلق على من يرتديها بـ(ألجلبي) وكانت مميزة باللون الأصفر لعوام الناس .. واللون الاخضر  لاشرف الناس من  السادة من نسل الرسول الاعظم  واستمر ارتداء الكشيدة المعروفة حينها بـ(ألجلبي) للمقربين والموالين للحكام حتى عهد الاحتلال البريطاني للعراق.. إذ ساد بعدها ارتداء السدارة للوجهاء  والافندية بعد قيام الملك فيصل الاول بارتدائها  وعند تولي نوري السعيد رئاسة الوزراء وكان الناس يطلقون عليها السدارة الفيصلية او السعيدية  لكثرة ارتدائها من قبل  الباشا السعيد .. وبدأ الناس بترك (الكشيدة والچراوية) تدريجيا .. فيما ظل  السادة الأشراف  يرتدون الكشيدة الخضراء حتى يومنا هذا فيما يرتدي طلبة العلم والفقه  والمشايخ من مختلف المذاهب الاسلامية  العمامة والكشيدة باللون الابيض ..
وتعد مهنة صناعة الكشيدة من المهن القديمة جداً في العراق يعود تاريخها لاكثر من 300 عام ايام  الحكم العثماني للعراق و اشتهرت بها مدينة كربلاء ، وهي مهنة متوارثة عن الاباء والاجداد و صناعة الكشيدة تتم باستخدام (الڤينة) من المنشأ النمساوي والجيكي وهي افخر الانواع  وتمر صناعتها بمراحل متعدده من حيث طريقة لفها وكيفية جعلها بالحجم المناسب،  وتراعى رغبات من يرتديها فهناك من يرغب بوضع الكركوشة فيها وهذا كان سابقاً أما ألان فتكون فيها فتحات في الأعلى وتسمى بـ(الدكمة). ومن  مدينة كربلاء كان يتم تصديرها الى سوريا وإيران وبعض الدول الاخرى  اضافة إلى المحافظات الموجودة داخل العراق... ويطلق على صانعها (أبو الكشايد)...

الزواج الاسطوري

  كل فترة تخرج علينا وسائل الاعلام  بالحديث  عن "حفل زواج أسطوري" متناسين ان تاريخنا المجيد  يحدثنا عن عدداً من حفلات الزفاف الأسط...