ملكة تربعت على عرش الجمال العراقي بلا منافس .. كان العراقيون ومازال الكثير منهم يعلق سجادا منسوجا عليه لوحة (بنت المعيدي) على جدار غرفة الضيوف.. هي رمز الجمال العراقي الصارخ والحزين .. هي موناليزا العراق .. وقد انتجت احدى القنوات الفضائية مسلسلا يتحدث عن قصتها ..
القصة في الجنوب تقول ان ليلى فتاة من منطقة الاهوار ولدت في عام 1904 في لواء العمارة (حاليا مدينة ميسان ) ... ابنة فلاح بسيط ..بينما هناك رواية تقول انها ابنة احد مربي الجاموس من سكنة الاهوار الذين يطلق عليهم اسم (المعدان) تبدأ القصة بحادثة مفادها ان ضابطا إنكليزيا في حقبة الثلاثينيات واسمه " نكسن " ممن كانوا ضمن الحملة البريطانية على العراق ، شاهد بمحض المصادفة هذه المرأة فبهره جمالها ، ووقع في غرامها وتوسط الى بعض المقربين من اسرتها للزواج منها ، وامام الرفض الشديد لم ييأس هذا الضابط وارسل وفدا من وجهاء وشيوخ مدينة العمارة لطلب يد الفتاة الجميلة .. الا ان والدها وعشيرتها رفضوا بشدة .. وتنقل الرواية عن احد اعمام الفتاة احتجاجه الشديد بقوله (اما يكفي احتلالهم للعراق .. هذه المرة يريدون الزواج من بناتنا ..) ..لذا فقد قرر الضابط الانكليزي خطف بنت المعيدي والرحيل بها الى بريطانيا ، وبالفعل حقق مراده وخطف الفتاة وحلق بها على متن طائرة عسكرية ، ليتزوجها وينجب منها ولدا ..في لندن تبين لبنت المعيدي ان (نكسن )كان متزوجا حيث قامت زوجته البريطانية بالانتقام من ليلى بنت الجنوب العراقي فعمدت الى قتل رضيعها بطريقه بشعة ، فجن جنون بنت المعيدي فقتلت الضابط وزوجته وهربت متنقلة بين البلدان الى ان استطاعت العودة الى قريتها الاولى... بينما يروي اخرون انها رفضت الزواج منه ، وقفزت من الطائرة وهربت الى اعماق الاهوار لتعيش هناك حياة بدائية معتمدة على صيد الاسماك ، وفي كل الحالات يعبر العسكري البريطاني عن غرامه ويرسم لوحة رائعة لتلك السيدة الجميلة التي رفضته .. وهذا يتطابق بشكل كبير مع قصة (كيجيكافروش) الكردية .. والتي خطفها احد الضباط الانكليز وحاول نقلها في طائرة متوجه الى لندن ، لكنها قفزت من الطائرة رافضة ان تتحول الى اسيرة ومن يومها تحولت كيجيكافروش الى اسطورة كردية . وسارع الفنانون لرسم لوحة لهذه السيدة الجميلة ذات الشخصية المتحررة والقوية...هناك رواية اخرى تربطها بمدينة الحلة ..حيث استأجرت الحامية الإنكليزية في بداية العشرينيات من القرن الماضي بيتاً في منطقة (كريطعة) والتي تقع على شط الحلة. وفي كل يوم كان الضابط الإنكليزي يجلس على كرسي مخصص له على النهر ، ويبدأ بالتحديق بوجوه النساء اللائي يأتين إلى الشاطئ لغسل الأواني (المواعين) و(الملابس) فاعجب الضابط الإنكليزي ب " جديلة بنت عمران " صاحبة الوجه الجميل فأحبته وأحبها، فطلب منها السفر معه إلى إنكلترا والزواج بها وكان ذلك أيضاً. وكان للضابط صديق رسام قام برسم عدة لوحات ل "جميلة" وارسلها الى اهلها فثارت ثائرة والد الفتاة، فأقام عليه دعوى في إحدى بيوتات الحلة المشهورة واحضر الضابط والفتاة وخيرت الفتاة بين العودة إلى بيت أبيها أو البقاء مع زوجها الإنكليزي ففضلت البقاء مع زوجها .. ولا تختلف الرواية التركمانية لبنت التبان .. صمانجقيزي كثيرا عن قصة بنت المعيدي في مدينة العمارة الجنوبية..
انا شخصيا اميل ومن دراسة الواقع الاجتماعي العراقي انذاك والطبيعة العشائرية لكل المناطق التي تدور فيها الروايات الى رواية تقول ان عائلة الفتاة تعمدت الى ابعاد الابنة عن الانظار حتى لا يقتفي اثرها و اجبرت على الإقامة في دار لاقاربها تحت حراسة مشددة لحين رحيل الضابط وان اللوحة المرسومة للفتاة ماهي الا نتاج لفرشاة هذا الضابط العاشق الذي لم يجد حلا سوى ان يرسم هذه اللوحة لتعوضه عن فتاة احلامه سواء كانت بنت الجنوب اوبنت كركوك او بنت الشمال او بنت الحلة على اختلاف مسمياتهن .. حيث انه قد رفض اجتماعيا .. لذا فقد رسم او استعان باحد اشهر الرسامين الانكليز ليرسم له لوحة (بورتريت) للسيدة فأنتجت فرشاته هذه القطعة الفنية الرائعة .. وما يعزز هذا الرأي ان اللوحة قد تم استغلالها تجاريا .. حيث انتشرت الصورة بشكل سريع بعد ان قامت شركة بريطانية بطبعها وتوزيعها على نطاق واسع لتزدان بها بيوت العراقيين واثاثهم ومفروشاتهم ومصوغاتهم الذهبية .. بل وحتى نركيلاتهم تصدرتها صورة بنت المعيدي المزعومة ..
12/5/2018
ردحذف