الاثنين، 22 مايو 2017

مسرح الستين كرسي

في بداية السبعينات من القرن الماضي شهد العراق نهضة ثقافية وفنية مشهودة .. وكان  لعودة الكثير من الفنانين والمبدعين بعد اكمالهم دراستهم الاكاديمية و حصولهم على شهادات التخصص من خارج العراق والتحاقهم بزملاءهم من الفنانين وانضمامهم الى الهيئة التدريسية في معهد أو أكاديمية الفنون الجميلة  ،  اثرا في تنشيط الحركة الفنية والثقافية في العراق حيث  أزدهرت الحركة المسرحية  وتطورت وازداد عدد الفرق المسرحية ..وكان  اقبال الطلبة على الدراسة في معهد واكاديمية الفنون الجميلة على اشده  .. وازدادت اعداد الذين يرتادون المسرح وتنوعت اختياراتهم ...مما جعل من الضروري البحث عن مسارح وقاعات جديده تتسع لهذا الكم من الفنانين الباحثين عن الجديد ،فقامت  فرقة المسرح الشعبي والتي كان يتراسها الفنان الكبير الراحل جعفر السعدي .. وباقي اعضاء الفرقة والذين كانوا  من الشباب آنذاك .. باستئجارمقرا لهم في شقة في الطابق الثالث من عمارة الاخوان في شارع السعدون.. ليمارسوا تدريباتهم هناك  واصبح المكان مقرا للفرقة .. التي بدأ اعضائها بصف الكراسي في الصاله  لغرض جلوسهم  فوصل العدد الى ستين كرسيا .. وكان في مقدمة الصالة  مساحة كافية لاستغلالها كخشبة للمسرح تتسع لعدد من الممثلين .. من هنا جاءت فكرة تقديم  عروضهم المسرحية  في هذا المكان .. وأسموه حينذاك مسرح الستين كرسي..
واشتهر مسرح الستين كرسي بعد انتشار خبر تأسيس هذا المسرح الصغير بين الجماهير الثقافية والجمهور المسرحي بشكل خاص  و توالت العروض المسرحية على خشبته الصغيرة وتخصص في المسرح التجريبي آنذاك.. واستمر عطاءه في تلك المرحلة .. .. و قدمت على خشبته  مسرحيات جاده وجديدة تميزت بنوعيتها وجديتها في ذلك الوقت .. ... وبمرور الزمن اصبح  واحدا من اهم وأرقى المسارح في بغداد رغم بساطته وصغر حجمه وتقنياته المحدودة  و لايمكن ان يذكر تاريخ المسرح العراقي دون المرور على ماقدم على هذا المسرح الصغير من عروض مهمه سجلت بصمة مشرقة في تاريخ المسرح العراقي .
بعد كل هذا النجاح الكبير والعروض المميزة والسمعه الجيدة بين الاوساط الثقافية وجمهور المسرح الواسع اصبح هذا المسرح مخيفا بالنسبة للسلطة الحاكمة آنذاك وبعبعا كبيرا لايمكن تركه يتسع اكثر وأكثر لانه كان البديل عن مسرح تخريب العقول . مسرح  التهريج والاسفاف والغجر والكاوليه  الذي كانت تدعمه مؤسسات مرتبطة بالدولة .. وبدأت المضايقات على مسرح الستين كرسي  والفرقة وأعضاءها .. ورواد هذا المسرح من مسرحيين وفنانين وحتى الجمهور.. وهاجر من العراق غالبية الممثلين والممثلات والعاملين فيه واغلب  الذين ساهموا في تأسيسه وتقويمه ونجاحاته المهمه ...وفي الثمانينات انتهت واحدة من اجمل التجارب المسرحية في العراق .. انتهى  ذلك المسرح الكبير بعطاءه.. الصغير بحجمه .. انتهى مسرح الستين كرسي في بغداد


هناك تعليق واحد:

مستشفى ابن البيطار .

  كان تشارلس هاوهي  رئيسا للحكومة الايرلندية   في ثمانينيات القرن الماضي  وتمتع بعلاقة شخصية مع السلطات في بغداد ايام  كان وزيرا للصحة حيث ع...