الدكتور كريكور أبراهام استرجيان، الطبيب الارمني الموصلي المعروف, صاحب القصر المعروف بقصر استرجيان القريب من جامع النبي يونس عليه السلام في الجانب الايسر من الموصل والذي كان تحفه معمارية فنية نادرة..
عام 1935 بني الدكتور استرجيان قصرا على الطراز الارمني الروماني على ارض مساحتها 3500 متر مربع، وكان الناس في الموصل يحسبون انه على الطراز الياباني او الصيني ، وقد استغرق بناءه قرابة 10 سنوات، حيث كان يقسم دخل عيادته إلى قسمين الأول للبناء والثاني للمعيشة وكان البناء بالطابوق الفرشي والحلان والذي كان ينقل على ظهور الجمال ...
بعد انجاز البناء .. قام الدكتور استرجيان بتأثيث القصر بأثاث فاخر ،وقد بدا القصر للموصليين وغيرهم تحفة معمارية فنية رائعة ... وكان قبلة للناظرين وخاصة للشخصيات وضيوف العراق ممن يزورون الموصل حيث استضاف في قصره شخصيات بارزة منها شاه إيران رضا بهلوي، والسيد رشيد عالي الكيلاني .. وغيرهم ..
اضافة الى كونه من الاطباء اللامعين والبارعين في الموصل فقد كان من اهم رجال الحركة الثقافية والادبية في المدينة وكان يحرص على اقامة مجالس ثقافية باسم الشاعر الكبير ابو تمام يضم مجموعة كبيرة من الوجوه الثقافية والادبية في الموصل .. كما كان له منهاجا متميزا في ليالي رمضان رغم كونه مسيحيا ..
عام 1946 بدأ نشر العديد من اعماله الادبية والبحوث والمقالات المترجمة في في مجلات موصلية وعربية وعالمية.. كما انشأ خزانة خاصة به في المكتبة المركزية العامة سنة 1956 وكانت داره منتدى أدبياً وقد وجدت مؤلفاته صدى طيبا عند محبي الثقافة الموصليين أمثال كوركيس عواد ومحمود الجومرد .. كما صدرت مذكراته باللغة العربية عن مكتبة السائح في طرابلس بلبنان 2004 تحت عنوان "مذكرات الدكتور استرجيان 1885- 1980" وكانت قد صدرت بالارمنية منذ سنة 1974 وفي المذكرات معلومات رائعة توثق للمدينة ولرجالاتها وللاحداث التي وقعت فيها خلال الـ (80) سنة الماضية....كما أن له كتبا عديدة من أبرزها كتابه (تاريخ الأمة الارمنية) الذي صدر في عام 1951 ..آلام واحلام وهي مجموعة قصصية وتضم قصصاً استقاها من مهنته كطبيب و كتبت بأسلوب جميل نشرت ببغداد سنة 1957 وكتاب تاريخ الثقافة والادب الارمني الي نشر سنة 1954 .فضلا عن كتب باللغة الارمنية منها كتابـه (تاريخ العرب والأدب العربي) المطبوع ببيروت سنة1961...
غادر الدكتور كريكور استرجيان العراق والموصل في 26 تشرين الثاني سنة 1959 متوجها الى بيروت وأقام فيها حتى وفاته سنة 1985.. وبعد وفاته هجم الغوغاء والبربرعلى قصره وعبثوا بأوراقه وتدمير وسرقة محتويات القصر .. والذي هدم قبل سنوات ولا احد يعرف لماذا هدم ومن كان وراء هدمه ورغم ذلك ما زال الكثير من الموصليين وخاصة كبار السن يتذكرون هذا الطبيب الوفي ويتناقلون أخبار زياراته لمرضاهم...ويتحسرون على قصره المنيف تلك التحفة الفنية الرائعة....
21/2/2018
ردحذف