الخميس، 25 مايو 2017

قضية النعوش الطائرة

في عام 1989 كان على العراق أعاده ترتيب اوضاعة المالية والاقتصادية سيما  وقد ترتب بذمته فاتورات الاسلحة الضخمة التي كان عليه دفعها وبالمقابل كان كم العملات الصعبة التي تخرج  من البلد نتيجة تحويل العمالة العربية والمصرية بشكل خاص لمدخراتها  الى الخارج يثقل كاهل البلد اضافة الى انتهاء الحرب الذي كان يحتم على الحكومة التفكير بجيش العراقيين  الذين سيخرجون من الجيش الى مصير مجهول ..لذا انصب تفكير الدولة الى "تطفيش" العمالة المصرية، بطريقة او باخرى .في  22 /8/ 1989 صدر قرار لا يسمح للعاملين العرب في العراق بتحويل اكثر من  عشرة دنانير شهريا و بما يعادل 30 دولارا انذاك ً، ويعني أن العامل لا يستطيع أن يحول، سوى 360 دولار في السنة. بعد ان كان يسمح له بتحويل  1200 دولار سنويا  .. مما دفع الكثير من المصريين  العودة الى بلادهم وكانوا يمنحون ما يسمى الورقة الصفراء وهي تعطية حق صرف تحويلاته الضئيلة في القاهرة، مؤجلة السداد إلى أكثر من ثمانية أشهر قادمة، حتى تراكم للمصريين العائدين، ما يقرب من 400 مليون دولار.وكان التشنج والشحن لدى الاخوة المصريين يتزايد يوما بعد يوم ..
كانت منطقة المربعة ببغداد عبارة عن حارة مصرية بالكامل وهي مغلقة بالكامل  للاخوة المصريين .. ويصعب على من يدخل هذه المحلة ان يصدق انه في العراق ..
في يوم الجمعة 18 /10/ 1989 خرج  المصريون الى شوارع بغداد احتفالا بوصول الفريق القومي المصري، إلى نهائيات كأس العالم بعد فوزهم  على الجزائر في تصفيات كأس العالم  لكرة القدم... وحدث يومها  ان دهس احد العراقيين  بسيارته المسرعة مجموعة من المصريين المحتفلين   توفي واصيب عدد منهم ... فنزل المصريون الى شوارع العاصمة العراقية واشتبكوا  مع العراقيين في منطقة المربعة  وشارع الرشيد وشارع الجمهورية وقاموا بقطع الشوارع  و تكسير واجهات المحلات.  وقد انتفض العراقيون  وخاصة رواد المقاهي القريبة وسكنة المناطق الشعبية القريبة  وحدثت معركة كبيرة بالايدي والسكاكين .. ووصل الامر الى استخدام الاسلحة النارية ..  وكان لابد من التدخل الحكومي حيث قامت السلطات العراقية بغلق الشوارع ، التي وقعت بها الاشتباكات وتوجه عدد كبير من الفرق الخاصة للشرطة العراقية  وعدد من  سيارات الإسعاف الى مكان الحادث الذي  حاصرته الشرطة بالكامل ، واغلقت جميع المداخل المؤدية إلى منطقة المربعة، منعاً من ازدياد توافد المصريين الى المنطقة. وتمت محاصرة شارع النهر، وكذلك بداية  شارع الرشيد، بالقرب من السوق العربي، ونهاية شارع الجمهورية من ناحية ساحة التحرير وشارع  السّعدون والبتاويين و تم تكثيف قوات الأمن على جميع الجسور التي تقع على نهر دجلة، وتؤدي إلى شارع الرشيد.وتكثيف الأمن بشارع الجمهورية الموازي للرشيد. وأطلقت الشرطة العيارات النارية في الهواء، لفض الاشتباك بين المصريين والعراقيين. واستخدمت القوات الخاصة، القنابل المسيلة للدموع، وقنابل المولوتوف الصغيرة، لتفريق المتوادين .فيما استنفر  عمال البلدية لتنظيف الشوارع من الحجارة، وبقايا الزجاج المحطم من واجهات المحلات..
 الحصيلة الرسمية للمعركة  كانت مقتل سبعة  من المصريين  وأصابة  120 آخرين بجروح خطيرة بحسب الصحف المصرية ..فيما لم تعرف حصيلة خسائر العراقيين لتكتم السلطات على الاحصائيات  .. جرت في نفس الليلة اعتقالات واسعة للمصريين الذين حاولوا الفرار  وبأعداد كبيرة وعلى شكل مجموعات، بعد ان حوصرت  كل مجموعة من قبل الشرطة، و من العراقيين. وأخذ المصريون يدخلون أي منزل أو فندق يجدونه أمامهم، خوفاً من الرصاص، الذي يتطاير حولهم من كل جانب..وانتهت المعركة في الساعة الحادية عشرة من  مساء يوم الجمعة الماضي 18/10/1989 وتقرر فرض حظر التجول بشارع الرشيد والمنطقة المحيطة بالحادث  حتى صباح السبت 19/10/1989
وسادت حالة توتر شديدة في مدينة بغداد، خلال الأيام التالية للمعركة . و بعد انتهاء الحادث حضر الى موقع الحادث  السفير المصري  إبراهيم عوف ، وثار عليه بعض المصريين لأنه تأخر كثيراً حتى تأزم الموقف. وطالبوا بعزله .. وفي اليوم التالي  وصلت جثث المصريين القتلى الى مطار القاهرة  بطائرة  اطلقت عليها الصحافة المصرية .. طائرة النعوش الطائرة ..


هناك تعليق واحد:

مستشفى ابن البيطار .

  كان تشارلس هاوهي  رئيسا للحكومة الايرلندية   في ثمانينيات القرن الماضي  وتمتع بعلاقة شخصية مع السلطات في بغداد ايام  كان وزيرا للصحة حيث ع...