الاثنين، 22 مايو 2017

زيارة الوفد الطبي العراقي الى مصر

 في عام 1947 بدأت القوات البريطانية  الاستعداد لسحب قواتها من الشرق الاوسط بعد الحرب العالمية الثانية  وكان مركز تجمع تلك القوات هي قرية القرين  القريبة من مدينة السويس المصرية  لغرض نقلها الى اوربا  بحرا عبر قناة السويس بعد انقضاء فترة الحجز الصحي والاجراءات المتبعة لهذا الغرض ..
في  شهر ايلول من  تلك السنة  اجتاح  مرض الكوليرا  هذه القرية حيث  كان احد هؤلاء الجنود البريطانيين  مصابا ومنه انتقل الوباء الى قرية القرين والتي كان اغلب سكانها يعملون في معسكرات الجيش البريطاني ومن هذه  القرية انتقل المرض  الى القاهرة.
بعد انتشار المرض وتحوله الى وباء  اعلن العراق عن عزمه ارسال بعثة طبية من الاطباء المتطوعين الى القاهرة للمساهمة في مكافحة هذا الوباء وتالفت البعثة من الدكتور سامي شوكت رئيسا وعضوية كل من الدكاترة  شريف عسيران واحمد صميم الصفار وهاشم بركات و جورج اوسي وهاشم نشأت وحسين توحله ومحمد الحمداني
غادرت البعثة بغداد بتاريخ 2/10/1947 الى مصر عن طريق البر عبر  الاردن وفلسطين ومنها الى الاسماعيلية ومن ثم بالقطار الى القاهرة. وكان باستقبال الوفد بمحطة قطارات القاهرة ممثلين عن  وزارة الصحة المصرية واعضاء السفارة العراقية ..وهيأت الحكومة المصرية للبعثة الطبية العراقية اقامة  مريحة في فندق الكونتنتال وهو من فنادق الدرجة الاولى ويقع في ميدان ابراهيم باشا مقابل دار الاوبرا وتم تنسيبهم للعمل في مستشفى العباسية الذي خصص باكمله للمرضى المصابين بالكوليرا .. وبقي الوفد في المستشفى حوالي الشهر ..
كان وباء الكوليرا في القاهرة محصورا في مكانين منعزلين هما سجن القاهرة ومستشفى الامراض العقلية وبالرغم من منع الزيارات عن المرضى والمسجونين.. الا انها لم تنفذ بصورة محكمة.. مما ادى الى تسرب الوباء الى الفيوم وقنا والاقصر واسوان في اقصى الجنوب. حيث انتقل الوفد الطبي العراقي الى محافظة الفيوم ليتولى مهمة وقاية السكان من المرض عن طريق زرقهم بلقاح الكوليرا. وكانت اقامة الوفد  هناك في فندق الاوبرج دي لايك المطل على بحيرة قارون ..
وكانت مهمة الوفد العراقي تطعيم بعض تجمعات الفلاحين واهليهم في اقطاعيات الوجوه والاثرياء. فيما كانت  السلطات الصحية  الصحية تطعم المراجعين من السكان ..
بعد  الفيوم توجهت البعثة الى قنا.. وهي من محافظات الصعيد والنساء فيها لا يختلطن بالرجال مثل بقية انحاء الصعيد وقد سر اهالي المنطقة والعمدة  كون الوفد الطبي  غرباء عن المنطقة مما يجشع نساءهم عن كشف اذرعهن لزرقها باللقاح.. فيما كان يتم تطعيم  النساء من المسيحيات  في الكنيسة ليلا  بعد ان يتم تجميعهن من قبل احد قساوسة الكنيسة ...
وبعد  ان ادى الوفد الطبي العراقي واجبه على اكمل وجه في قنا  توجه الى الاقصر للمشاركة في حملة التطعيم هناك.. كما استمتع فيها الوفد بزيارة  معابد الاقصر  و مقابر الفراعنة في وادي الملوك ووادي الملكات ومقبرة توت عنخ امون كما سنحت للوفد لنا فرصة  زيارة اسوان حيث زار الوفد معالم اسوان الجميلة  ومنها  سد اسوان ومعبد (ابو سنبل) وبعض معالم المدينة ..
عاد الوفد الى القاهرة بعد انتهاء مهمته وتوجه الى قصر عابدين وسجل الاطباء  اسمائهم في سجل التشريفات الملكية وقابل الوفد  وزير الصحة بطرس غالي وهو والد الدكتور بطرس بطرس غالي امين عام منظمة الامم المتحدة السابق  واقيمت له  حفلات التكريم  ونظمت له زيارات رسمية لمعالم القاهرة ومنها تمثال ابو الهول واهرامات الجيزة وزيارة ستوديو مصر للتمثيل السينمائي وحضور بروفات تصوير احد الافلام من بطولة  تحية كاريوكا وسليمان نجيب.. كما زار الوفد المتحف المصري وحضر مسرحية  لفرقة نجيب الريحاني و اقامت وزارة الصحة المصرية حفل تكريم للوفد  الطبي العراقي  كما حضرالوفد  حفل غنائي للسيدة ام كلثوم اقيم على حدائق الازبكية..
اما حفلات التكريم  الخاصة التي اقيمت للوفد الطبي العراقي فكان اهمها حفل غداء فاخر اقامته السيدة قوت القلوب الدمرداشية في قصر العائلة بالقاهرة حضره بعض موظفي السفارة العراقية في القاهرة  . والحفل الاخر اقامه شقيق فائزة الطرابلسي والتي كانت زوجة الوصي عبد الاله  انذاك وكذلك حفل العشاء الذي اقامه  الممثل الشهيرانور وجدي وزوجته المطربة الكبيرة  ليلى مراد في شقتهم بعمارة الايموبيليا ..اعلى عمارة في القاهرة انذاك ..
عاد بعدها الوفد الى العراق حيث تم توجيه  تكريم الوفد المتطوع من قبل المسؤولين في وزارة الشؤون الاجتماعية والتي كانت مسؤولة عن مديريات الصحة انذاك ..
الموضوع منقول من عدة مصادر بتصرف

رائد جعفر مطر

هناك تعليق واحد:

مستشفى ابن البيطار .

  كان تشارلس هاوهي  رئيسا للحكومة الايرلندية   في ثمانينيات القرن الماضي  وتمتع بعلاقة شخصية مع السلطات في بغداد ايام  كان وزيرا للصحة حيث ع...