في عام 1977 عاد إلى العراق من منفاه الاختياري في بيروت مُكرماً الشاعر الكبير احمد الصافي ألنجفي بطائرة خاصة وقد استقبل في المطار من قبل كبار المسؤولين في الدولة آنذاك.. وكان قد تجاوز الثمانين من العمر.. وفي أيامه الأخيرة ...نزل من الطائرة على نقالة الإسعاف ..اقترب منه صحفي من مجلة ألف باء واستفسر منه عن عمره فارتجل... وهو خير من يرتجل :-
عمري إلى التسعين يجري مسرعاً والروحُ ثابتة على العشرينِ
عمري.. بروحي..لا بعد .. سنيني ولأسخرنَ غدًا من التسعينِ
يومها كنا نظن بان الشيخ قد تصابى... ولكننا أدركنا بعد أن وصل بنا العمر إلى ما وصل بان الله سبحانه وتعالى قد خلق الإنسان ليعمر الأرض وتميزه بالعقل والمعرفة ولم تكن الغاية من خلقه هو أن يمضي عمره في الأكل والشرب والنوم والجماع فهنا سوف لن يختلف عن أي بهيمة فالبهائم أيضاً تأكل وتشرب وتنام وتتجامع .. لذا فالإنسان ..عطاء..وان العطاء لا تحكمه السنون.ولا تحده الحدود ... وهذا ما كان يقصده شيخنا المرحوم..
ومصداق قولي هو الحديث الشريف ..إن أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة عن عمره كيف أفناه ....وعن ماله مم اكتسبه وفيم أنفقه ..
ترى هل يدرك شبابنا ..أبناءنا ..قادة مستقبلنا هذه الفكرة...
وبعيدا عن منطق الكذب والنفاق و كلاوات القادة العرب من أننا سادة العالم..وان الغرب طمعان فينا ..عشان عندنا شمس ما عندهم زيها ...عشان عندنا رمله ما عندهم زيها ..واننا نحن بناة الحضارة التي لم يبقى منها غير الأطلال ..واعترافاً بان حضارتنا العظيمة لم نستطع من خلالها أن نصنع قلم جاف واحد نباهي به الامم وصار حالنا كحال كوبا التي رفض رئيسها السابق كاسترو حلاقة لحيته إلا بأول موس تنتجه كوبا ..وهو يعلم ان كوبا لن تستطيع ...نرى الغرب الكافر والملحد قد استلهم كل معاني الإسلام التي سحقناها وحولها إلى منهاج عمل بنى من خلالها البلاد واسعد العباد وأصبح شبابنا يطمحون بالهجرة وينظرون إلى الغرب نظرة تعجب كان ينظرها سادتهم إلينا يوم استلم شارلمان هدية هارون الرشيد..
لماذا شباب الغرب يبني بلده... وشبابنا يهدم؟؟ ...لماذا شبابنا بلا طموح..لماذا إنهدمت الرغبة لديهم للدراسة والتحصيل العلمي ؟؟...نحن الآباء جزء من المشكلة..فنحن نبرر ...
إي عيني حقهم الكهرباء وينها ...
المدرس شاد عداوة وياه..
المدرسة مو خوش مدرسة ..
مُدرسين ماكو...
المدير تعبان..
الدنيا حارة ..
المدرس ..... الادارة ...
وقد رسب احد أبناء أصدقائي المقربين جدا وعندما سألته عن سبب رسوبه..قال ...عمو المُدرس سني وكال إلا أرسب الشيعة كلهم..
كنت اعلم انه يكذب..زرت المدرسة مع والده وكنت على علاقة طيبة بمدير تلك المدرسة ...واطلعنا على دفاتره الامتحانية التي كانت بيضاء كالثلج...
يذكر والدي رحمه الله بان المتبع لدى العوائل الدينية في النجف بعد انتهاء المرحلة الابتدائية أن يتفرغ الولد لطلب العلوم الدينية ولرغبة والدي وأعمامي في إكمال الدراسة أكاديميا فقد كانوا يدرسون العلوم الدينية صباحا ارضاءاً لجدي ..ويتابعون الدراسة الثانوية مساءا في منطقة أبو صخير على بعد حوالي 20كم عن النجف كي لا يعلم جدي رحمه الله بالأمر ويوبخهم..وكانوا يدرسون ليلا على ضوء الشارع ..ولم يعلم أحد بالأمر إلا بعد قبولهم في الجامعة وانتقالهم إلى بغداد...
ترى أي زمن هذا الذي نعيش فيه..
انه زمن الموبايل والفيس بوك والايفون والكوفي شوب والستالايت والانترنت والجات والفايبر ....والعمر الكسيف ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق