الأربعاء، 24 مايو 2017

طقوس السينما


في بداية دخول السينما الى العراق كانت دور العرض السينمائي تقدم عروضها في الهواء الطلق وعلى مقاعد من الصفيح ..وكانت جميع الأفلام صامتة وبلا موسيقى تصويرية ومؤثرات  حيث كانت  تأتي مع الأفلام سلايدات فيها جمل مكتوبة بالإنكليزية تعرض بجانب الشاشة توضح مجريات الفيلم.. مثل  “قرر البطل أن ينتقم من أعدائه”.. او”خاصم الشاب حبيبته” كما  كان صاحب الدار يهيئ عازفين أحدهما على البيانو والاخر على الكمان  مهمتهما التأثيرفي الجمهور ففي مشاهد المطاردة كان العزف يشتد ويتسارع مع تسارع مشاهد الحركة.. وفي المشاهد العاطفية يكون العزف هادئاً أما في مشاهد الرعب والترقب فإن صوت البيانو يكون حاداً.... وإستمر الحال إلى أن أصبحت السينما ناطقة ثم تطورت وسائل الترجمة بعد تأسيس شركات متخصصة ليصبح الحوار مترجماً على الشريط الفيلمي..

ورغم سعة مساحة بغداد الشاسعة  الا ان دور العرض السينمائي  تركزت في اماكن معينة ففي الباب الشرقي كانت سينما غرناطة وميامي والحمراء والرصافي وشهرزاد وغازي  وغيرها .. وفي شارع الرشيد سينما العراق  والرويال والسنترال والحمراء والزوراء والوطني والرشيد وعلاء الدين وريكس وروكسي ..و الخيام في الشارع الذي سمي باسمها .. وفي مرحلة لاحقة ازدهرت في شارع السعدون سينما السندباد، النجوم، اطلس، سمير اميس، النصر وبابل. وفي منطقة العلاوي سينما قدري (بغداد)، وفي منطقة الشيخ معروف سينما  زبيدة، وسينما اليرموك في البياع، والبيضاء في بغداد الجديدة، مترو في محلة الفضل، والفردوس في شارع الكفاح، سينما ريجينت وليالي الصفا في الصالحية.. ودار السلام في الاعظمية ..
لدور العرض السينمائي هذه وبكافة درجاتها طقوس خاصة حيث كان يتم استبدال الأفلام يوم الاثنين من كل اسبوع وفي دور اوعرض الساعة السابعة مساءً حصرا.. وهذا اليوم بالمناسبة كان العطلة الاجبارية لصالونات الحلاقة .. كل دار عرض كانت تختار بعناية  الموسيقى والاغاني  التي تذاع قبل العرض وفي فترات  الاستراحة.. واكثر دور العرض هذه كانت تختار أغاني فريد الأطرش.. وخاصة  اول همسة وحكاية غرامي...واحيانا كانت تختارمعزوفات شهيره  لأغاني ذلك الزمان وقد شاعت موسيقى فرقة عمر خورشيد حينها ..
الحجز كان يتم عبر الادارة اما هاتفيا او عن طريق شباك التذاكر .. وكانت ادارات هذه الدور حريصة على وضع مقصورات خاصة لراحة العوائل بعضها باربع مقاعد والبعض الاخر بست مقاعد .. وكانت بطاقات الدخول مثبت عليها رقم المقعد ومكانه  ويتم الوصول لهذه الاماكن عبر ادلاء يحملون المصابيح اليدوية موجودين داخل الصاله..  
يبدأ العرض بعد أن يرن جرس السينما ... بعدها  بقليل تطفأ الأنوار، وأول ما /يعرض ما كان متعارفا عليه (المقدمات) وهي اعلانات تعريفية بالأفلام التي ستعرض في الاسابيع المقبلة .. واعلانات تجارية مثل اعلان بسكولاته وبعض المشروبات الغازية وخاصة مشروب المشن ..وقبل عرض الفيلم الرئيس تعرض (مقدمة) فيلم الأسبوع المقبل.. وفي منتصف العرض تكون هناك استراحة  لتناول المأكولات والمشروبات  حيث كان في كل دار كافيتريا عامرة..كما كانت هذه الدور تجتهد من جلب أفلام قصيرة لدقائق عن أحداث عالمية.
أسعار بطاقات الدخول كانت 40 فلسا للمقاعد الأقرب للشاشة، 90 فلسا و110 فلوس، اما أماكن العائلات (اللوج)فكانت 600 فلس لأربعة كراسي ..وكان يسمح للمشاهد بالخروج اثناء عرض الفلم  ولكن وبعد الانفجار الذي حصل في سينما النصر في السبعينات .. صدر قرار بمنع الخروج من السينما قبل انتهاء الفلم ولاي سبب كان ...
هناك افلام لاقت اقبالا جماهيريا وحقق الفيلم نجاحا ماليا لادارة السينما . لذا تقوم الادارة بتمديد العرض وتوضع لافتة  بيضاء تقول  (أسبوعا ثانيا وبنجاح ساحق) وإذا مدد العرض يكتب (أسبوعا ثالثا وبنجاح منقطع النظير). وامتد عرض بعض الافلام الى عشرة اسابيع او اكثر كما حصل في فلم الرسالة مثلا ..
اغلب هذه الدور اصبحت في خبر كان حاليا  و تحولت اما الى مخازن او قطعت اوصالها الى محلات تجارية والباقي منها في طريقها الى النهاية..

هناك تعليق واحد:

مستشفى ابن البيطار .

  كان تشارلس هاوهي  رئيسا للحكومة الايرلندية   في ثمانينيات القرن الماضي  وتمتع بعلاقة شخصية مع السلطات في بغداد ايام  كان وزيرا للصحة حيث ع...