السبت، 22 مايو 2021

وادي الخالدين ... والشعب العجيب

  يقع مقاطعة كاراكورام في جبال شمال باكستان وتقطنه  شعوب  الهونزاوالتي  تعني لغويًا " السهام المتحدة  في جعبة" او كما يطلق عليهم اسم البروشو وهذه المقاطعة تعتبر مملكة الأنهار الجليدية والفردوس حيث  لم تطئها بعد الحضارة المادية ولا الصراعات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، و ترتفع 6230 قدمًا عن مستوى سطح البحر  ولا يربطها بالعالم الخارجي سوى ممرات وعرة للمشاة.وكان هذا الوادي  تحت سلطة الزعماء المحليين  قبل ان ينضوي تحت سيادة الباكستان تطبيقًا لمعاهدة أقرتها منظمة الأمم المتحدة،
يتمير شعب الهونزا بانهم شعب استثنائي حيث يبلغ  متوسط أعمارهم 100عام. ويتميزون بابتسامتهم الدائمة التي لا تفارق وجوههم و بقاماتهم الطويلة وبشرتهم الفاتحة، ويبلغ عددهم نحو 87 ألف شخص يعمّر بعضهم  نحو 120 عامًا وقد يصل بعضهم إلى 160 عامًا من العمر وهم شعب نادرًا ما يمرض، ولا يصابون  بامراض العصر المعروفة  حاليا  كالضغط والسكري  والقولون كما لم تسجل اي اصابة بمرض السرطان ولا بالأورام الخبيثة، ويتمتعون بشكل خارجي ونضارة الشباب ، لدرجة أن الناس يشعرون بالصدمة عندما يعلمون سنهم الحقيقي. اما المراة فتبقى بكامل نضارتها ورشاقتها  و تنجب  وهي في السبعين من العمر.
جميع سكان الهونزا مسلمين، من الطائفة الإسماعيلية، وهم من أتباع عائلة "أغا خان"،ويعود اصلهم الى سلالة من جيش  الإسكندر الأكبر  الذي وصل الى هذه البلاد حيث بقي بعضهم وتزّوجوا واستقرّوا هناك.
ويتكونون  من خمس عشائر هي البورونغ، الديرامايتنغ، الباراتالنغ، الكوروكوش، البوروشو..
 ويعتقد المتخصصون  أن شرب المياه الجبلية الغنية بالمواد المعدنية، واتباع نظام غذائي متواضع، وراء طول أعمار سكان الوادي حيث لا يتناولون السكان  سوى وجبات قليلة، تتكون من المشمش الطازج أو المغلي مع الحبوب والخبز الهندي الاسمر ، والخضراوات الطازجة والمشمش المجفف، بالإضافة إلى فاكهة الموسم كالخوخ والدّراق والإجاص والتّفاح والبقوليات والقليل من الجبنة والحليب والبيض. ونادرًا ما يتناولون اللّحوم، حيث لا يتناولونها أكثر من مرتين في السنة ولا يتناولون إلا لحوم الخروف أو الدجاج، مما يجعلهم شعبًا نباتيًا على الأغلب كما انهم لا يشربون الكحول أبدًا، و لا يتناولون السكريات ، ويستهلكون الملح بمقادير معتدلة، ويصومون بانتظام، ولفترة تمتد بين الشهرين والأربعة أشهر، لا يأكلون  خلالها شيئًا، بل يشربون فقط عصير المشمش المجفّف، وهو تقليد يلتزمون به رغم أنه يعود إلى العصور القديمة  ويمارسون المشي يوميًا لمسافة  15 و20 كيلومترًا، فلا يدركون معنى التّعب والإرهاق، وكما انهم يستحمون  في المياه الجليديّة،
يعتبر الاغا خان  كريم الحسيني أحد أهم الداعمين لوادي الخالدين، وتولت مؤسسة الحسيني المعروفة دوليًا باسم "مؤسسة أغا خان" تعبيد الطرقات وإنشاء المدارس والعيادات الطبية، إضافة إلى مراكز معالجة المياه. كما تتولى المؤسسة دعم التعليم في المنطقة، وقد ساهمت إلى حد كبير في ارتفاع نسبة التعليم لتصل إلى 77%، وتشير التقديرات أن أغلب السكان الذين تقل أعمارهم عن 30 عامًا يعرفون القراءة والكتابة وكشفت دراسة للبنك الدولي، نشرت في عام 2014، أن نسبة النساء المتعلمات  وصلت إلى 90% في حين أنها لا تتجاوز 5% في بعض المناطق المجاورة وتُكمل معظم الخريجات دراستهن في الجامعة، فعلى خلاف العديد من المناطق الأخرى في باكستان التي  يتحرج الآباء من إرسال بناتهم إلى المدارس المختلطة .. كما أن أغلب المتعلمين يتقنون اللغة الإنجليزية و رغم مشقة التعليم  حيث يحتاج الأطفال إلى صعود  مسافة تقدر بنحو 9 آلاف قدم فوق سطح الأرض، من أجل الوصول إلى المدارس التي تقع في أعالي الجبال.
والهونزا شعب مسالم  لايعرف المشاكل ولا يتذكر اهالي   مقاطعة متى حدثت آخر جريمة في الوادي وذلك  بسبب روح  التسامح التي تسود المجتمع  على الرغم من أن المنطقة تقع بالقرب من إقليم كشمير المتنازع عليه بين باكستان والهند، والذي يشهد أعمال عنف واشتبكات متكررة بين الجماعات المسلحة هناك

الأحد، 16 مايو 2021

زفوبودا


 عندما كانت بغداد مقصدا للمهاجرين من اوربا .. وصل اليها  عام ١٨٢٠ رجل نمساوي الاصل  يعيش في جيكوسلوفاكيا السابقة .. اسمه  انطوان زفوبودا .... ولد هذا الرجل في ڤينا وقرر الهجرة الى بغداد  ليستقر فيها حيث اشترى بيتاً ومحلاً وعمل في  التجارة واختص باستيراد الكريستال  البوهيمي (من بوهيميا وهي مملكة قديمة تايعة لجمهورية التشيك الحالية )  ...ونجحت هذه التجارة  وازدهرت ...  تزوج انطوان عام  ١٨٢٥ من فتاة بغدادية ارمنية اسمها اوفيمي مرادجيان وانجب منها احد عشر ولداً وبنت وهكذا  تكونت  عائلة زفوبودا  البغدادية الشهيرة  وتوسعت العائلة في بغداد بعد
مصاهرة افرادها  مع  بعض العوائل البغدادية واصبحوا بغادّة بشكل كامل كما ارتبطوا بعلاقات تجارية واقتصادية مع النخبة البغدادية والموصلية والقناصل والجالية الاجنبية وقد كان انطوان صديقاً للوالي داود باشا الوالي وللقنصل البريطاني كلوديوس ريچ ... وكانت من اوائل العوائل التي سكنت منطقة العلوية ببغداد عندما كانت  هذه المحلة خارج اسوار المدينة انذاك وبقي  بيتهم ملكاً للعائلة لغاية ٢٠٠٥  ..
ومن هذه الاسرة  اشتهر  الكسندر زفوبودا وهو اكبر اولاد انطوان ولد عام 1826 وهو احد مبدعي هذه  الاسرة  وهو رسام شهير  وأول من أدخل الكاميرا الفوتوغرافية الى العراق عام ١٨٥٠وأول مصور محترف في تاريخ العراق، بعد ان كانت مهنة التصوير من المحرمات الدينية بالنسبة لبعض رجال الدين في العهد العثماني وذلك  وقد تحدثنا عنه في وقت سابق في احدى الشذرات .. كما اشتهر منهم جوزيف ماثيا زفوبودا  (او كما يعرف يوسف زبوفودا او يوسف البغدادي  )ولد عام 1840  والذي عمل كضابط في شركة دجلة و الفرات للنقل  النهري التابعة إلى شركة لنج اخوان التجارية واشتهر بيومياته التي تناول فيها تفاصيل تجاربه وخبرته في حياته العملية والإجتماعية.والتي وثقت لفترة مهمة من تاريخ العراق .. وتوجد معظم هذه اليوميات في (مركز المخطوطات الوطني العراقي).
وآخر من تبقى في العراق من هذه الاسرة فهو  المعماري الشهير  البروفيسور هنري زفوبودا  والذي اشترك  مع رفعت الچادرچي في تصميم  بناية مؤسسة البريد والاتصالات القائمة على  نهر دجلة في السنك ( بدالة السنك الحالية ) .. وقد توفي هنري  عام ٢٠٠٥
..لوحة رائعة بأسم (خاتون السراي) بريشة الكسندر زفوبودا المتوفي سـنـة 1896

الزواج الاسطوري

  كل فترة تخرج علينا وسائل الاعلام  بالحديث  عن "حفل زواج أسطوري" متناسين ان تاريخنا المجيد  يحدثنا عن عدداً من حفلات الزفاف الأسط...