الجمعة، 22 مارس 2024

آثار بغداد الغارقة في نهر دجلة

لم يكن مسار نهر دجلة بالشكل الذي عليه اليوم حيث زحف الى الشرق في التواء منطقة الكاظمية بحوالي  عشرة امتار واندفع الى الغرب في التواء الأعظمية بمقدار ثلاثة وسبعون مترا واندفع الى الغرب خمسة واربعون مترا في التواء العطيفية كما اندفع خمسة عشر مترا نحو الشرق في التواء باب المعظم حيث مبنى وزارة الدفاع القديمة والقصر العباسي   كل هذه التغييرات حدثت  لكون  طبيعة التربة على ضفاف نهر دجلة غير متماسكة وذات حجوم مختلفة من الرمل والغرين والطين بالاضافة الى كثرة فيضان النهر في العهود الماضية قبل انشاء السدود على مجاريه هذه التغييرات  ادت بمرور الزمن الى ان تتحول الابنية  التي على ضفاف نهر دجلة الى اطلال واثار غمرتها المياه لتصبح بمرور الزمن  ضمن المسار الجديد له نتيجة انجراف التربة من تحتها
ولكون عمق نهر دجلة يتراوح مابين تسعة الى اثنا عشر مترا حسب مايتناقله الصيادون فان هذه الابنية المغمورة كانت سببا في غرق الاشخاص الذين يسبحون في النهر حيث يصدف وان يعلق احدهم تحت احد الجدران او الانقاض تحت المياه  وعلى سبيل المثال  تم العثور  في منطقة شاطئ دجلة من جهة الكرخ اثناء ترصيف نهر دجلة سنة 1998 على العديد من اللقى الاثرية التي تعود لمراحل مختلفة من العصر العباسي في المنطقة الممتدة مابين جسر الاعظمية وساحة عبدالمحسن الكاظمي وكانت هذه اللقى تضم  عملات ذهبية وأوانٍ وتوابيت فخارية واساسات لأبنية وغرف مرصوفة بالفرشي ولكن الدولة في حينها قررت طُمر الموقع واستكمال عملية رصف شاطئ النهر   
من اهم الشواخص الحاضرة والشاهدة على وجود المباني الغارقة في نهر دجلة هو (المسناية)  وهو عبارة عن بناء كبير يقع مقابل  محلة السفينة في منطقة الاعظمية  والذي غمره النهر منذ مئتين وخمسين عاما او اكثر حيث يعتقد انه كان بقايا لجامع قديم  وذلك بسبب وجود القاشاني الازرق والذي يستخدم في بناء الجوامع  حيث تكتب عليه بعض الآيات القرآنية وتعتبر المسناية  من معالم محلة السفينة بالاعظمية  و تستخدم حاليا  للسباحة والقفز منها من قبل الناس
قصر شعشوع من المعالم الاخرى التي غمر نهر دجلة جزءا كبير منها     وهو بيت تراثي عمره اكثر من قرن كان في فترة معينة سكناً للملك فيصل الاول بناه احد التجار اليهود العراقيين في بغداد وصار المبنى في حينه مضربا للامثال في عصره لضخامته وجمال تصميمه مقارنة بالبيوت انذاك، حيث كانت تبلغ مساحة القصر أربعة آلاف متر مربع ولكن جرف النهر في حادثة الكسرة وفيضان دجلة مايزيد على الألف متر من بنيانه ليستقر في قاع النهر لتصبح مساحته الآن ثلاثة آلاف متر مربع
مقام الخضر الواقع تحت جسر باب المعظم هو الاخر من الاماكن التي تتميز بأهمية اثرية كبيرة  خاصة في الموروث الشعبي وقد  وقعت حادثة شهيرة سنتحدث عنها بالتفصيل في شذرة قادمة  عندما عثر احد الصيادين في القرن التاسع عشر بالقرب من المقام على جرة فخارية عالقة في الطين قرب الشاطئ وعندما قام بكسرها تناثرت منها دنانير ذهبية تعود ايضا الى العصر العباسي، بالاضافة الى ذلك يوجد في الجهة القريبة من المقام جدار على حافة النهر يعود تاريخه الى العصر البابلي تم اكتشافه من قبل عالم الاثار الشهير هنري رولسن خلال تواجده في بغداد من عام 1848، لكنه لم يلق اي اهتمام او عناية من قبل الحكومات المتوالية وبقي الجدار بارزا من النهر حتى بدايات ثمانينيات القرن الماضي ثم تلاشى، لكن اساساته لا تزال قائمة في قاع النهر، فقد شاهده الكثيرون من ابناء المنطقة القريبة خلال سباحتهم وغوصهم في نهر دجلة عند موسم الصيف قبل عدة سنوات
لم تكتفِ مدينة بغداد بأحتضانها العديد من المواقع التاريخية والاثرية بل حتى نهرها احتوى جزءا مما ذكر من اثار وابنية وربما لو استمرت عمليات تنقيب وبحث مختلفة في قعر دجلة فمن المؤكد انه سيتم العثور على ما لايحصى من النفائس والكنوز الغارقة وهذا فقط في الجزء الخاص من مدينة بغداد فماذا لو تم البحث في نهري العراق دجلة والفرات على طول امتدادهما
منقوووول بتصرف


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مستشفى ابن البيطار .

  كان تشارلس هاوهي  رئيسا للحكومة الايرلندية   في ثمانينيات القرن الماضي  وتمتع بعلاقة شخصية مع السلطات في بغداد ايام  كان وزيرا للصحة حيث ع...