لم استطع ان امنع دموعي من النزول وانا ارى الحال الذي وصلت اليه واحدة من اقدم واهم المكتبات في الوطن العربي..والتي كنت اشعرايام طفولتي انها بيتي الثاني وكنت اعد الايام يوما يوما لكي تأتي العطلة الصيفية حتى اعيش في ربوعها ..
على العموم وبعيدا عن العواطف .. تأسست مكتبة الطفل العربي في بغداد عام 1969 وكانت تابعة للإدارة المحلية في بغداد ، في عام 1999تم ربطها بدار ثقافة الأطفال بوزارة الثقافة والاعلام ..كانت الملاذ لجيل لن يتكرر.. جيل الستينات والسبعينات خاصة ايام العطلة الصيفية اذا كانت تلتزم بمنهاج يتضمن زيارة كل اقسام المكتبة المختلفة .. ومنها صالة المطالعة الواسعة والتي تحوي على اعداد كبيرة من اشهر الكتب والقصص و المجلات والدوريات الخاصة بالاطفال .. مثل مجلة سمير المصرية .. وميكي ومجلتي والمزمار .. اضافة الى عروض سينمائية لافلام الطفل في ايام محددة من الاسبوع .. وعروض مسرحية لفرق مسرحية تهتم بالطفل ..كما تميزت مكتبة الطفل العربي بالمساحات الخضراء الواسعة التي كانت ملاذا للطفولة البريئة .. و في المكتبة واحدة من افضل قاعات الرسم المجهزة بافضل المستلزمات لكي ينمي هواة الرسم من الاطفال مواهبهم .. وكانت المكان المفضل لادرارات المدارس حيث تنظم لها سفرات دورية للطلاب ..
بدء اداء المكتبة يتراجع في نهاية التسعينات نتيجة للحصار الاقتصادي الذي واجهه البلد وتعرضت بعد عام 2003 الى التخريب المتعمد حيث تعرضت ممتلكاتها الى السلب والنهب والحرق وطالها النسيان والإهمال وهجرها الاهالي والطلاب وعشاق هذا الصرح التربوي الكبير..ولم يتبقى على رفوفها الا كتب ومجلات قديمة وممزقة لا تستطيع إغراء الطفل بتصفحها أصلا واصبحت أقدم وأهم مكتبة للطفل في بغداد والوطن العربي ذكرى.. ولا يمكن مقارنتها اليوم بأبسط مكتبة عربية في دولة مجاورة..وعجز المعنيون عن إعادة الحياة إليها.
بعد عام 2003أصبحت المكتبة الموقع البديل لدار ثقافة الأطفال بعد التدمير الذي طال بنايتة الدار في وزارة الإعلام المنحلة مما سبب تصغيرا لقاعاتها وتقليصها إلى قاعة واحدة واصبحت دار العرض السينمائي والمسرحي مكاتب للعاملين في الدار وحاليا هناك اعمال لبناء طابق ثاني لغرض عودة المكتبة الى دورها السابق..حيث تم تجهيزها مؤخراب 1500 كتاب أجنبي مخصص للصغار، و5400 كتاب عراقي وعربي، معظمها إهداء من جهات ومنظمات خيرية أو من إصدارات الدار القديمة،وتم تخصيص مبلغ 250 ألف دينارفقط لشراء الكتب من الخارج في العام الماضي ...
تعاني المكتبة حاليا من ذات الاسباب التي تعانيها المدارس وهي غياب وسائل تشجيع الطفل على القراءة .. الناجم عن ضعف الادارات المدرسية وضعف دور الأهل بالإضافة إلى انتشار القنوات الفضائية ووسائل الإنترنت التي صارت بديلا محببا للطفل وهي تعرض أفلاما وبرامج مثيرة بشكل يسحب انتباهه لها أكثر من قراءة كتاب في مكتبة بعيدة عن بيته.. واصبحت ادارات المدارس تفضل السفرات الى النادي الترفيهي ونادي الصيد ومول المنصور وحديقة الزوراء وغيرها ..كما ان إهمال المكتبة وعدم رفدها بالجديد والممتع من الكتب والإصدارات الحديثة، وغياب عرض الأفلام السينمائية والنشاطات المسرحية المخصصة للصغار ساهم بعزوف الاهالي وادرارت المدارس عن المكتبة ..
9/1/2019
ردحذف