ولد كينيث مكنزي لعائلة فلاحية أسكتلندية في حوالي سنة
1880 في أحدى قرى مقاطعة روس-شاير في أقاصي أسكتلندا. توفي والده مبكراً تاركاً
الصبي كينيث وأختين. بدء الشاب الصغير مكنزي يبحث عن عمل في لندن وقد أصبح معيل
الأسرة، وحصل على عمل في قسم مبيعات الكتب في أحد المحلات اللندنية الشهيرة ..بعد
بضع سنوات من العمل أصبح لمكنزي خبرة كبيرة في سوق الكتب فقرر أن يفتتح مكتبة
صغيرة في سنة 1901 بإسم «ملاذ محبي الكتب»
في حي ساوث كينغيستون ..غرب لندن. أصبحت المكتبة بعد مدة قصيرة مركزاً
مهماً للعديد من المثقفين والمؤلفين خصوصاً للمهتمين بالثقافة والتراث الأسكتلندي.
وأصبح مكنزي ناشراً للكتب ..في عام ١٩١٤ إضطر الى غلق المكتبة والإلتحاق بالجيش
ايام الحرب العالمية الاولى. وإصيب إصابة بالغة نقل على أثرها للعلاج ولم يشفى إلا
بعد إنتهاء الحرب بفترة.
تعرف على همفري بومان الذي كان يبحث عن كتبي للعمل في العراق. فوصل
مكينزي الى بغداد ..وتبين له ان البلد
بحاجة الى مكتبة شاملة للكتب الأجنبية، إقترح مكنزي أن ينشأ مكتبة حكومية تدار
بالتمويل الذاتي بعد الحصول على منحة مالية من الحكومة لشراء الكتب، وأشترط أن
يكون له مطلق الحرية بإدارة تلك المكتبة. وافقت الحكومة وخصصت إحدى الغرف في
السراي" القشلة " لهذه المكتبة وسميت بمكتبة الحكومة عاد مكنزي الى لندن واتفق مع بعض دور النشر و
بائعي الكتب بشراء الكتب المطلوبة والدفع بالآجل لمدة ثلاثة شهور، وكانت هذه المدة
كانت كافية لإسترداد المبالغ المطلوبة، فأعاد المنحة الحكومية لعدم الحاجة إليها.
..خلال وجوده في بريطانيا زار مسقط رأسه في شمال أسكتلندا وتزوج بفتاة
كان على معرفة بها، وهي من عائلة مكنزي أيضاً، وكانت تدير مكتب بريد القرية،
وإصطحبها معه الى بغداد.
انطلقت المكتبة بنجاح كبير ..وإضافة الى الكتب المدرسية
والتعليمية العلمية والأدبية كانت المكتبة توفر جميع الكتب الإنكليزية المختصة
بالعالم العربي والأسلامي من كتب الرحلات والتاريخ والتراث القديمة والحديثة،
اضافة الى النشرات والدوريات الرصينة.
وأصبحت مكتبة مكنزي أفضل مكتبة متخصصة في الإسلاميات والتراث والرحلات الى العالم
العربي، ليس في العراق والشرق الأوسط فقط .. بل في العالم أجمع، حيث كانت طرود
الكتب ترسل من المكتبة الى زبائن في مختلف البلدان من الولايات المتحدة وحتى
اليابان، إضافة الى طرود بريدية إسبوعية الى بلدان الشرق الاوسط.. حيث كان مكنزي
يقوم بطبع بعض الكتب بالإنكليزية في بغداد..
ولتوسع نشاط
المكتبة فقد تطلب وجود شخص ثاني في
بريطانيا للقيام بهذه المهمة. فطلب كينيث من شقيق زوجته، دونالد مكنزي، القدوم إلى
بغداد ومساعدته في عمل المكتبة، بذلك أصبح الإثنان يتناوبان البقاء في بغداد ولندن
لتوفير الطلبات من الكتب، إضافة الى ذهاب زوجته الى لندن في بعض المرات.
الحكومة العراقية رأت في سنة ١٩٢٥ إن للمكتبة وضعاً
شاذاً، فهي تابعة للحكومة وتشغل موقعاً في سراي الحكومة بدون أي سلطة للحكومة
عليها فقررت إنهاء إرتباط المكتبة بها وبيعها في مزاد، وكان المستفيد الوحيد هو كينيث مكنزي الذي قام بشراء المكتبة وسارع بنقلها الى بناية النادي البريطاني في
شارع الرشيد ..جوار جامع السيد سلطان علي
..واصبح اسمها ..المكتبة .. وبعد عدة سنوات أنتقلت المكتبة الى أحد محلات بناية لينج في شارع الرشيد وأصبحت تعرف بمكتبة مكنزي
واصبحت الملاذ للمثقفين وطلبة الدراسات العليا ومحبي القراءة
في بغداد ..
في مساء يوم السبت ٢١ من شهر كانون الثاني سنة 1928، وحين
كان يعمل في المكتبة توفي كينيث مكنزي
بعدما أصيب بالجلطة. وشيعته بغداد تشييعا كبيرا
بحضور كبير من العراقيين والبريطانين ودفن في المقبرة البريطانية في الباب
المعظم.
تسلم دونالد مكنزي، شقيق زوجته، إدارة المكتبة وأستمر على
نهجها بنجاح كبير. وإستمر يعمل في المكتبة حتى وفاته عام ١٩٤٦. وكان قد اوصى ان تسلم المكتبة
بعد وفاته هبة إلى مساعده في الدكان المرحوم جواد المعروف بكريم مكنزي ... آخر
زيارة لي للمكتبة كانت في حال يرثى لها وكانت تديرها سيدتان
تحاولان الصمود بالمكتبة المحاطة بمحلات الاحذية وفي زمن اصبحت فيه
القراءة آخر اهتمامات الكثير من الناس ..
وكنت اتمنى ان تعود مكينزي كما عهدناها .. ولكن يبدو ان الزمن لم يعد في صالح
المكتبة حيث تم بيعها واصبحت محلا لبيع الاحذية النسائية لتنتهي الى الابد اسطورة مكتبة مكينزي كما انتهت
قبلها المقهى البرازيلية وسينما علاء
الدين وغيرها من رموز هذا الشارع الجميل
شكرا على المقال ولكن حزنت جدا لاغلاق المكتبه مع كل الاسف لقد كنت جيرانها لمدة 10 سنوات و الحيث ايام الحصار واعلم كيف كان الامر يمر على السيدتان
ردحذف11/1/2018
ردحذف