جابر بن عبد الله الانصاري رضي الله عنه من الصحابة الاجلاء ومن كبار انصار ومحبي اهل بيت المصطفى عليهم السلام ، ولد جابر بن عبد الله بن حزام الانصاري في المدينة المنورة قبل خمس عشرة سنة من الهجرة
النبوية ، وهو من قبيلة الخزرج، كان هو وأبوه عبد الله بن حزام من السابقين إلى الإسلام،
قتل أبوه في معركة أحد، شهد بدراً وثماني عشرة غزوة مع النبي صلّى الله عليه وآله،
وشهد صفين مع الامام علي بن أبي طالب عليه السلام .. وكان من كبار رواة الحديث .. أصيب هذا المحدث الكبير
بالعمي وفقد بصره في أواخر عمره...
حضر إلى كربلاء لزيارة الامام الحسين عليه السلام بعد ان سمع باستشهاده وذلك في الاربعين الاولى ..وسار برفقة عطية العوفي إلى
كربلاء. واغتسل في ماء الفرات وتطيّب واتّجه إلى القبر الشريف بعد ان شم رائحة عطرالنبوة
من مسافة بعيدة .. فقال لعطية العوفي ..المسنيه يا عطيه .. وتكلّم هناك بكلام يثير الحزن
والأسى ..وقف جابر الأنصاري على القبر فأجهش بالبكاء وصاح ثلاثا .. يا حسين .. يا حسين
.. يا حسين .. ثم قال:"حبيب لا يجيب حبيبه وأنّى لك بالجواب وقد شطحت أوداجك على
أنباجك، وفُرقَّ بين رأسك وبدنك،فأشهد أنك ابن خاتم النبيين وابن سيد المؤمنين وابن
حليف التقوى وسليل الهدى وخامس أصحاب الكساء وابن سيد النقباء وابن فاطمة سيدة النساء،
ومالك ما تكون كذلك وقد غذتك كف سيد المرسلين، وربيت في حجر المتقين، ورضعت من ثدي
الإيمان وقطمت بالإسلام فطبت حياً وطبت ميتاً غير أن قلوب المؤمنين غير طيبة بفراقك
ولا شاكة في الخيرة لك، فعليك سلام الله ورضوانه، وأشهد انك مضيت على ما مضى عليه أخوك
المجتبى ابن زكريا" ثم جال بصرة حول القبر وقال"السلام عليكم أيتها الأرواح
التي حلّت بفناء الحسين وأناخت برحله، وأشهد أنكم أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة ، وأمرتم
بالمعروف ونهيتم عن المنكر وجاهدتم الملحدين، وعبدتم الله حتى أتاكم اليقين، والذي
بعث محمداً بالحق نبيا، لقد شاركناكم فيما دخلتم فيه" فقال له عطية العوفي"كيف
نشاركهم؟ ولم نهبط وادياً ولم نعل جبلاً ولم نضرب بسيف والقوم قد فرق بين رؤوسهم وأبدانهم
وأؤتمت أولادهم وأرملت الأزواج"، فقال له جابر: "إني سمعت حبيبي رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم يقول: من أحب قوماً كان معهم ومن أحب عمل قوم أشرك في عملهم،
والذي بعث محمداً بالحق نبيا إن نيتي ونية أصحابي على ما مضى عليه الحسين عليه السلام...
"وفي طريق العودة، قال لعطيّة من جملة ما قاله: "أحبّ محبّ آل محمد ما أحبّهم،
وأبغض مبغض آل محمد ما أبغضهم. وأن كان صوّاماً قوّاماً".
كان جابربن عبد الله ( رض ) يبحث في شوارع المدينة عن
الإمام الباقر عليه السلام، ولمّا لقيه أبلغه سلام رسول الله صلّى الله عليه وآله.وهو
من الأواخر الذين بقوا على قيد الحياة ممن شهد بيعة العقبة، وفي زمن الحجّاج وشم بدنه
بالنار بتهمة موالاة أهل البيت ..
توفي الصحابي الجليل جابربن عبد الله الانصاري (رض) في المدينة المنورة سنة 78 هـ في أيّام عبد
الملك بن مروان. وقد تجاوز التسعين عاما وقد ذهب بصره. ووشم بدنه من اجل حب آل بيت
المصطفى .. ودفن في البقيع ....
نشر
ردحذف