شارع النهر

 شارع النساء الاول في بغداد ايام  الزمن الجميل..(شارع النهر)  وسُمي بـ (شارع العرايس) أو (شارع البنات) ..المركز الرئيس لتجارة  الملابس والاحذية  النسائية  ومستلزمات الاعراس والمفروشات والماكياج والعطور والمصوغات الذهبية التي تسمى (النيشان) .... وربما كان للمحكمة الشرعية التي تتوسط الشارع سببا رئيسيا في توجه الشارع نحو مهنة مرتبطة بالزواج ومستلزماته .. كانت المحلات تتفنن في طريقة العرض عبر الاستعانة بالتماثيل النسائية او ما يسمى (المانيكان) وإلباسها الأزياء الجديدة كإحدى وسائل الاغراء لجذب الزبائن ..

التسمية الرسمية للشارع  هو (شارع المستنصر) و يمتد تأريخه إلى العصر العباسي حيث يرتبط تاريخيا بسوق الخفافين الذي بني في ذات الفترة التي بنيت فيها المدرسة المستنصرية قبل أكثر من 1100 عام.و يمتد الشارع على كورنيش دجلة لذا سمي بـ (شارع النهر) ويوازيه وعلى مسافة قريبة أقدم شوارع بغداد وهو شارع الرشيد

كان (شارع النهر) مزدحما في كل المواسم  وعرف عنه حركته النشطة المتواصلة منذ الصباح وحتى ساعات الليل حيث كان يزدحم بالعائلات الآتية من كل مكان للتبضع ولا سيما مع إقتراب مواسم الأعياد...

في مدخل الشارع من جهة جسر الأحرار نجد محال صاغة المجوهرات والحلي الذهبية والفضية والمجوهرات وبعض محال الأنتيكات المجاورة لبناية غرفة تجارة بغداد التي تأسست عام 1926..

محال هذا الشارع  الجميل  اختص  بكل إحتياجات حواء ..وكذلك الأطفال وكان هناك معرض شهير يسمى عالم الاطفال يوفر كافة مستلزمات الطفل منذ الولادة ..و يضم  إستراحة خاصة للصغار ومحطات إستراحة للسيدات...كما كان هناك  محلات كبيرة وشهيرة واشهرها مخزن  الافراح  والذي كان يوفر  افخر الملابس النسائية والولادية ..  ..

تليها مجموعة من الخانات القديمة والتي  تحولت إلى محال تجارية  وهي خان دله وخان الباجه جي وخان الخضيري وخان النملة وخان النبكة وخان العادلية وخان الدفتردار .كما يضم الشارع عددا من الجوامع العريقة وأبرزها (جامع الباجه جي) وجامع (التكية الخالدية) وجامع (العادلية الكبير) و(جامع الخفافين) الذي يعد من أقدم الجوامع في بغداد ويعود تاريخه إلى نهايات الخلافة العباسية.

وفي  تقاطع (شارع النهر) مع شارع السموأل تأتي عمارة الدفتردار حيث تتجمع  قربها محلات بيع الأقمشة الرجالية المستوردة من أرقى المناشئ الأوروبية إلى جانب محلات أشهر خياطي البدلات الرجالية ثم سوق دانيال وهذا السوق متخصص ببيع لوازم الخياطة كافة وبدلات الاعراس وإلى جانبه سوق لبيع الأقمشة النسائية والرجالية.

وبالاتجاه نحو المدرسة المستنصرية عند نهاية (شارع النهر) هناك (سوق الخفافين) الذي أنشئ قبل 800 عام واشتهر بمهنة (الريافة) وصناعة العباءات الرجالية والعقال العربي وغيرها من الملابس الشعبية، وهو الطرف الأخير من الشارع حيث يوجد مسجد ومقهى الخفافين .

كان الشارع يشتهر بالمقاهي النسائية المخصصة للإستراحة بعد عناء التجوال في السوق والتبضع والتي تقدم لزبائنها القهوة والمرطبات والعصائر..

و بعد توسع بغداد وظهور مناطق تجارية واسعة كالكرادة والمنصور والاعظمية  وغيرها بدأ (شارع النهر) يفقد زبائنه لتتحول محاله إلى مخازن للمواد والسلع المختلفة ومعامل للاحذية  ثم تحول الى مجمعات ومحال لبيع الملابس بالجملة تعتمد في تصريف بضاعتها على أصحاب المحال في الأسواق الصغيرة المنتشرة في بغداد وعلى تجار المحافظات، و إنحسرت محال البيع بالمفرد   وفقد الشارع وظيفته كشارع للعرايس واصبح  جزءاَ من الماضي يستذكره الناس بمحبة..