وهوالشيخ عبد العزيز بن عبد اللطيف البدري،عالِم دين وفقيه وداعية ..ولد في بغداد سنة 1929م، وأصله من مدينة سامراء، ونشأ في بيئة علمية وتلقى دروسه الدينية على يد طائفة من علماء بغداد، ومنهم الشيخ أمجد الزهاوي، والشيخ محمد القزلجي، والشيخ عبد القادر الخطيب، ومحمد فؤاد الألوسي، وغيرهم، ونال إجازاته العلمية وعين إماما في مسجد السور سنة 1949م، كما عين خطيبا في جامع الخفافين سنة 1950م، ثم نقل إلى جامع الوشاش وبعده إلى جامع الحيدرخانة في شارع الرشيد، وقد تنقل بوظيفته في كثير من مساجد بغداد.
كان واعظاً وخطيباً، وجريئاً
في كلمة الحق، ومتحمساً في الدعوة للإسلام، وحج إلى بيت الله الحرام عدة مرات ..مجاهداً
لا تأخذه في الله لومة لائم وأعتقل بسبب ذلك عدة مرات ...في زمن عبد الكريم قاسم أثار الشيخ البدري الجماهير وقاد المظاهرات التي
يقدر عددها في وقتها بأكثر من أربعين ألف متظاهر، فما كان من الحكومة إلا أن تصدر الأوامر
بفرض الأقامة الجبرية عليه في منزله، لمدة عام كامل من 2كانون الاول 1959م، ولغاية
2 كانون الاول 1960م، ثم رفع الحظر عنه، فلم يهدأ ولم يتوقف عن الخطابة وانتقاد الحكومة،
وتأليب الناس ضدها، فصدرت الأوامر بأيقافه عن العمل الوظيفي وحبسه في داره، ثم تكرر
سجنه من 8 تموز 1961م، ولغاية 4كانون الاول1961م، حيث صدر العفو العام عن السجناء السياسيين،..
صبر ورفض كل العروض المغرية التي قدمت له من قبل السلطات المتعاقبه ...
أتبع الحكام أساليب شتى
لأثناء الشيخ البدري عن عزمه في التصدي لهم، فكانوا يرسلون له في بيته أو السجن بعض
المرتزقة من علماء السلطة من المشايخ وأدعياء العلم، مظهرين محبتهم وحرصهم عليه، منكرين
له التصدي للحكام وتدخله في السياسة واقناعه
بان الدين لا علاقة له بالسياسة....فكان يحزن لكلامهم ويستاء من مواقف الجبن
والخذلان لدى هؤلاء العلماء ولهذا قام من محل أقامته الجبرية بتأليف كتاب في الرد عليهم
مبينا سيرة السلف الصالح من العلماء العاملين والفقهاء، الذين تصدوا لظلم الظالمين،
وأسماه (الإسلام بين العلماء والحكام)...من مؤلفاته الإسلام بين العلماء والحكام.حكم
الإسلام في الاشتراكية.الإسلام ضامن للحاجات الأساسية للفرد.كتاب الله الخالد القرآن
الكريم.وغيرها من المقالات والكتب.
في عهد الرئيس أحمد حسن البكر سجن
مرة أخرى، حيث أختطف ليلاً وهو في طريقه إلى داره، وأخذوه إلى معتقل قصر النهاية وتم
تعريضه للتعذيب الشديد في السجن ثم قطعوا له أجزاء من جسده و قطعوا له لسانه، ولفظ
أنفاسه الأخيرة في السجن، وتوفي في شهر ربيع الأول سنة 1389 هـ، الموافق شهر حزيران
سنة 1969م، وبعد مرور سبعة عشر يوما حمل الجلادون جثته وتركوها أمام بيته، وأخبروا
أهله، أنه مات بالسكتة القلبية، وأمروهم بدفنه دون الكشف عليه، ولكن أنتشر الخبر، وحمل
نعشه إلى جامع الامام الاعظم أبو حنيفة النعمان للصلاة عليه، وهناك قام شقيقه بالكشف عن جثته أمام
جموع المشيعين، حيث شاهدوا آثار التعذيب على سائر بدنه، فضلا عن نتف لحيته.
توفي وهو لم يتجاوز الأربعين
من العمر، بعد حياة مليئة بالمعاناة وكان قدوة ومثل يضرب في الصبر على البلاء.
دفن في مقبرة الخيزران في الأعظمية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق