الاثنين، 22 مايو 2017

البتاويين

هي ليست من المحلات السكنية القديمة جدا .. ولكنها احتضنت الكثير من مشاهد التاريخ العراقي المعاصر , تسمية البتاويين  جاءت من (بت) وهو إسم قرية في النهروان  نزح أهلها لهذا المكان حيث مارسوا فيها الزراعة في القرن التاسع عشر ولكن الأب (أنستاس الكرملي) يرجع تسميتها لكون سكانها كانوا ينسجون قماش (البتة) الذي كان يرتديه البغداديون آنذاك و أيده العلامة الشيخ جلال الحنفي بهذا الرأي..
اشتهرت كمنطقة زراعية لخصوبة اراضيها ولقربها من النهر واشتهرت فيها بساتين مثل بستان مامو .. وبستان الخس  والذي يقع في مكان ساحة النصر الحالية ..
في بدايات القرن الماضي تغيرت طبيعة المنطقة من زراعية الى سكنية وبعد شق شارع السعدون اصبحت البتاويين تنتشر على جانبي الشارع ..طراز بيوتها هو نفس طراز البيت البغدادي التقليدي  ذو الشناشيل  والانفتاح على  (حوش) تحيطه غرف إضافة لسرداب تحت البيت يستخدم للنوم أوقات الظهيرة في موسم الصيف .. لكن ما ميز المحلة عن باقي محلات بغداد القديمة هو ازقتها التي تمتد بأشكال مستقيمة متوازية ومتقابلة سرعان ما تنفتح على فضاءات واسعة عكس  المحلات الأخرى وأزقتها الملتوية التي في كثير من الأحيان لا تفضي لزقاق آخر أو فضاء مفتوح ..
..وخلال الأربعينيات اصبحت البتاويين قلب بغداد وأجمل الأحياء .. حيث غزتها المطابع المطابع والفنادق والمذاخر  وعيادات الأطباء  والمطاعم والمسارح ودور العرض السينمائي  .. كما اختار  عمال البناء اطراف هذه المحلة مسطرا لهم ..ولقربها من حديقة  الامة لاحقا فقد اصبحت مقرا  لعشرات المصورين واستوديوهات التصوير وفي  المساء تهدر فيها مكائن المطابع.. وتدب حركة المرضى ومرافقيهم الى  عيادات الاطباء والصيدليات . وتفتح البارات و دور العرض السينمائي ابوابها  ..
من معالم هذه المنطقة ومقترباتها  القصر الابيض  وهو دار الضيافة الرسمي في العهد الملكي  اضافة الى  (كنيسة العذراء للسريان الأورثوذكس) وبالقرب منها (كنيسة الأرمن) الشهيرة و(كنيسة الكلدان) و(معبد التوراة اليهودي) وعدد من المساجد ومنها جامع الاورفلي الشهير  . وهذا التنوع جاء من طبيعة ساكنيها فقد سكنتها عوائل يهودية غنية إضافة لعوائل مسيحية كما سكنتها العديد من العوائل المسلمة.. لكن يبقى الطابع اليهودي المسيحي طاغيا..
البتاويين اليوم لاتمت بصلة الى بتاويين الامس فاليوم اصبحت وبعد ان هجرها بل هجر اهلها .. مدينة كئيبة بناياتها آيلة للسقوط  تسكن مساكنها الايلة للسقوط  العمالة العربية الوافدة ..وينتشر في ازقتها  المدمنون والمشردون و باعة الحبوب المخدرة..




هناك تعليق واحد:

مستشفى ابن البيطار .

  كان تشارلس هاوهي  رئيسا للحكومة الايرلندية   في ثمانينيات القرن الماضي  وتمتع بعلاقة شخصية مع السلطات في بغداد ايام  كان وزيرا للصحة حيث ع...