الاثنين، 22 مايو 2017

جامعة الحكمة للاباء اليسوعيين

بعد نجاح تجربة ثانوية كلية بغداد  التابعة للجمعية العلمية الامريكية العراقية والتي اسسها   الاباء اليسوعيين .. ولاتساع نشاطها ضمن المشهد التعليمي العراقي وثقة الناس بهم  ..اصبحت الحاجة ملحة لوجود جامعة علمية رصينه تستوعب هذه النخبة من الطلاب .. وبدأت الجمعية والاباء اليسوعيين يهيئون  انفسهم ومناهجهم حتى يكونون مهيئين تماما لادارة مثل هذه المؤسسة  ..
وفي منتصف الخمسينات صارت الجمعية  مؤهلة تماماً لإدارة مؤسسة جامعية بما وصلت إليه من كوادر تدريسية وإدارية كافية لذلك. لذا فقد تقدم الأب توماس هسي اليسوعي رئيس  كلية بغداد إلى وزارة المعارف العراقية في نيسان 1955 طالبا  منح كلية بغداد الأذن رسمياً بالبدء  بالتعليم العالي وأحداث دراسات تستغرق أربع سنوات تنتهي بمنح المتخرجين فيها درجة البكالوريوس كما طلب السماح للإدارة اليسوعية بمنح الشهادات والدرجات الدراسية التي تعطى عادة في مختلف مراتب التعليم العالي. وفي الخامس من مايس سنة 1955وافقت وزارة المعارف على طلب إدارة الكلية و منحت كلية بغداد الأذن للمباشرة بالتعليم العالي،وفي الثلاثين حزيران سنة 1956 بعد مرور عام كامل حصلت  الموافقة على تسمية المؤسسه الجديدة باسم(جامعة الحكمة) وجاء اختيار الآباء اليسوعيين (للحكمة) اسماً لجامعتهم الجديدة تيمناً ب بيت الحكمة وهو مركز ثقافي قديم أسس في زمن الدولة العباسية بالعاصمة بغداد.
تمتعت مؤسسة اليسوعيين ومشاريعها بدعم كبير من لدن الحكومة العراقية وخاصة  رئيس الوزراء نوري السعيد الذي ابدى  ترحيبه بفكرة أنشاء جامعة أهلية تحت رعاية الآباء، كما أنه سعى إلى تشجيع المسؤولين في كلية بغداد على تحقيق هذا المشروع الذي نال إعجابه كثيراً و قدّم لهم أرضاً حكومية قدر ثمنها بمليون دينارانذاك  وتقدر مساحتها بـ(272) دونماً من الأراضي الأميرية لبناء الجامعة المذكورة وذلك في منطقة الزعفرانية،لتقام عليها الجامعة الجديدة قام الاباء اليسوعيين بتعيين الأب جوزيف آل. راين اليسوعي رئيسا لجامعة الحكمة والتي ابتدأت  الدراسة فيها فعلياً عام 1956 في حرم كلية بغداد الواقع في الصليخ وتحديداً في أحدى مباني الكلية المسمى مبنى كرونن الذي شيد منذ عام 1954 ... و نظمت على وفق الأسس الإدارية للجامعات الأمريكية، إذ تشكلت من ثلاثة مجالس، الأول مجلس الأمناء والثاني مجلس الإدارة ثم المجلس الأكاديمي..في تشرين الثاني سنة 1957 وضع الحجر الأساس للجامعة في منطقة الزعفرانية جنوب العاصمة بغداد وانجز عام 1959 الذي شهد انتقال الجامعة إليه بصورة كاملة.
جامعة الحكمة عاشت سنتين في ظل النظام الملكي  و عملت إدارة الآباء كل ما بوسعها للتكيف مع الواقع على الساحة العراقية بعد عام 1958 ، وبقيت الجامعة تمارس نشاطها التعليمي على النهج نفسه الذي رسم لها منذ تأسيسها عام 1956 و الابتعاد دائماً عن كل ما له علاقة بالسياسة.. ولكن حدثت بعض المشاكل بعد عام 1963 بين الكادر التدريسي وبعض الطلبة من المنتمين الى الحرس  القومي .. مما اضطر رئيسها إلى استدعاء المنتمين لذلك الجهاز وتم إبلاغهم رسمياً بعدم إمكانية قيام الطلبة بواجباتهم السياسية من جهة وبين واجباتهم والتزاماتهم الدراسية وان هذه النشاطات لا تتلائم مع  نظامها القائم ويؤدي إلى الإخلال بأمن الجامعة..
في الثاني عشر من أيلول سنة 1968 وبعد سيطرة حزب البعث على الحكم في البلاد في تموز 1968 ، شرعت الحكومة الجديدة ولدواعي وأسباب سياسية بعيدة عن الواقعية إلى إنهاء أعمال جامعة الحكمة وتحويلها إلى جامعة حكومية.و تم تشكيل لجنة خاصة لاستلام الجامعة المذكورة وكافة موجوداتها من الإدارة اليسوعية التي يرجع إليها الفضل في تأسيس وإدارة هذه المؤسسة العلمية لمدة تزيد على الاثني عشر عاماً.و تم تعيين الدكتور فاضل حسين رئيساً لها وصدر قرار بجعل اللغة العربية هي لغة التدريس المعتمدة في الجامعة بدلاً من اللغة  الانكليزية .. واخيرا  صدر قرار جديد عمل على إلغاء جامعة الحكمة إلى الأبد وذلك في الخامس من آب عام 1969 حيث تم ضم والحاق جامعة الحكمة إلى جامعة بغداد وعد أموالها المنقولة وغير المنقولة جزءاً من أموال جامعة بغداد و نقل هيأة التدريس (عدا الآباء اليسوعيين) في جامعة الحكمة وطلابها إلى الكليات المختصة في جامعة بغداد، وبناءً على أحكام هذا القرار تم تأليف لجنة من قبل وزارة التربية للأشراف على استلام موجودات وممتلكات جامعة الحكمة الملغاة التي آلت أخيراً إلى جامعة بغداد.وتم إلغاء هوية هذه الجامعة العلمية التي أسسها الآباء اليسوعيون منذ عام 1956 بعد خدمة طويلة في ميدان التعليم العالي قدمتها لجيل كبير من الشباب العراقي .. ...وتحولت ابنية الجامعة الى معهد التكنولوجيا في منطقة الزعفرانية ..
وهكذا اطيح بالجامعة الرائعة.. جامعة الحكمة  كما اطيح  بشركة باتا للاحذية وبشركة اورزدي باك وبشركة حسو اخوان  ومدارس مدام عادل  وكلية بغداد وثانوية الامريكان ومدارس الراهبات وغيرها من المشاريع تحت ظل قرارات تاميم  رؤوس الاموال الاجنبية .. العشوائية والفوضوية والغير مدروسة ..
من عدة مصادر بتصرف ..

هناك تعليق واحد:

مستشفى ابن البيطار .

  كان تشارلس هاوهي  رئيسا للحكومة الايرلندية   في ثمانينيات القرن الماضي  وتمتع بعلاقة شخصية مع السلطات في بغداد ايام  كان وزيرا للصحة حيث ع...