ناظم الغزالي من أشهر مغني العراق في الخمسينيات والستينيات.ولد
الغزالي عام 1921 في منطقة الحيدر خانة في
بغداد يتيمًا، لأم ضريرة تسكن في غرفة متواضعة جدا مع شقيقتها. اكمل دراسته
الابتدائية والمتوسطة، في المدرسة المأمونية، وكان الفقر ملازمًا له.. بعد تردد
طويل التحق بمعهد الفنون الجميلة قسم المسرح، ليحتضنه فيه فنان العراق الكبير حقي
الشبلي نجم المسرح وقتها، لكن الظروف المادية القاسية إبعدته عن المعهد ، ليعمل
مراقبا في مشروع الطحين بأمانة العاصمة.
كان يمتلك طموحا غير محدود
وعنادا وإصرارا على إكمال الطريق الذي اختاره رغم الصعاب المالية والنفسية، التي
واجهته، وجعلته يعود للمعهد ويحصل على أعلى الدرجات. ضمه حقي الشبلي إلى فرقة "الزبانية" واشركه في
مسرحية "مجنون ليلى" لأمير الشعراء أحمد شوقي في عام 1942، ولحَّن له
فيها أول أغنية شدا بها صوته وسمعها جمهور عريض، أغنية "هلا هلا" التي
دخل بها إلى الإذاعة، والتي حول على إثرها ناظم اتجاهه، تاركا التمثيل المسرحي
ليتفرغ للغناء..في عام 1947 انضم إلى فرقة الموشحات التي كان يديرها ويشرف عليها
الموسيقار الشيخ علي الدرويش ومنذ بداية الخمسينيات بدأت أغنيات الغزالي تعبر
الحدود، فسافر إلى عدة دول، وأقام عدة حفلات في كثير من الدول العربية، وأصبح
سفيرا للأغنية العراقية.
قراءاته جعلته يمتاز عن زملائه بثقافته، تلك الثقافة التي ظهرت عام
1952 حين بدأ ينشر سلسلة من المقالات في مجلة "النديم" تحت عنوان
"أشهر المغنين العرب"، وظهرت أيضا في كتابه "طبقات العازفين والموسيقيين
من سنة 1900 ـ 1962"... كما تميز بحفظه السريع ولم يتخلى عن بديهته الحاضرة
ونكتته السريعة، وأناقته الشديدة حتى في الأيام التي كان يعاني فيها من الفقر
المدقع.
غنى لاشهر الشعراء العرب و أخرج القصائد من دواوينها وجعلها تجري على
لسان أبسط الناس وقام الغزالي بالخروج على الشكل التقليدي في أداء الأغنية، فإنشرت
العديد من أغانيه في العالم العربي كله
مثل "طالعة من بيت أبوها"، و"ماريده الغلوبي"،
و"أحبك"، و"فوق النخل فوق"، و"يم العيون السود"
وكلها كتبها جبوري النجار، ولحنها ناظم نعيم، ووزعها جميل بشير، أما الفضل في
حفظها إلى الآن فيعود إلى شركة "جقماقجي" التي بدأت منذ منتصف خمسينيات
القرن الماضي في تسجيل أسطوانات كبار المطربين والمطربات العراقيين كما طلب
محمد عبد الوهاب من شركة "كايروفون" أن تنتج لناظم عددا من
الأسطوانات يضع بنفسه ألحانها، ولكن وفاة الغزالي حالت دون ذلك
تزوج الغزالي عام 1953 من
المطربة سليمة مراد التي تكبره بعشر سنوات ، وكانا في كثير من الأحيان
يقومان بإحياء حفلات مشتركة وفي عام 1958 قاما بإحياء حفل غنائي جماهيري كبير، فتح
آفاقاً واسعة لهما إلى خارج حدود العراق فكانت بعدها حفلات في لندن وباريس وبيروت
وقبل وفاته سافر إلى بيروت، وأقام فيها 35 حفلاً، وسجل العديد من الأغاني
للتلفزيون اللبناني، ثم إلى الكويت، وسجل قرابة عشرين حفلة بين التلفزيون والحفلات
الرسمية. وفي العام نفسه أنتهى من تصوير دوره في فيلم "مرحبا أيها الحب"
مع المطربة نجاح سلام، وغنى فيه أغنية "يا أم العيون السود". أفاق في
صباح 23 أكتوبر 1963 وطلب قدحاً من الماء الساخن لحلاقة ذقنه، لكنه سقط مغشياً،
وبعدها فارق الحياة
اقيم له تشييع كبير ودفن في
مقبرة الشيخ معروف الكرخي ببغداد...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق