اسمه ابراهيم ...ولقب بابن عبدكه ...صارع العثمانيين والانكليز والحكم
الملكي وارتكب ما عجزت دفاتر الشرطة من تسجيله وظلت صولاته وجولاته مضرب الامثال
حتى جاء في الامثال (قابل إنت ابن عبدكه)!!!
هو نموذج من النماذج التي نقرأ ونسمع عنها من الشقاوات والمطاريد ..
انسان بسيط يعيش حياة هادئه عادية رتيبة في بساتين قرية (العواشك) في قضاء
المقدادية في ديالى.. قتل اخوه خلال عام 1917 فظل يتحين الفرص بحثا عن قاتل اخيه
والذي اسمه جواد طبقا لتقاليد عشائرية موروثة وهي الاخذ بالثأر فراح يتعقبه في اي مكان يمكنه العثور عليه.حتى
عثر عليه ذات يوم في احدى محلات باب الشيخ – ببغداد فأرداه قتيلا وفر هاربا على
ظهر جواده الى بعقوبه ومن بعقوبة تواردت الانباء الى بغداد بأن ابن عبدكه اعترضه
ستة من رجال الجندرمة وحدثت بينه وبينهم معركة مباشرة .. فقتلهم جميعا .....اصبح
الحمل حملين وتكرر الجرم مرتين فصار مطلوبا للحكومة وصار مطاردا ولكنه كان يتخلص
دائما من المطارده ولم يظفر به احد. وهنا تحول ابن عبدكة الى اسطورة شعبية ..
وعلى مر الايام تعددت الجرائم وكثر الطلب في القاء القبض عليه وتخليص
الناس من شروره ...في قرية العبارة داهمه ثلاثة اشخاص يريدون قتله لكنه قتل اثنين
منهم ولاذ الثالث بالفرار وكان احد هذين القتيلين يدعى نجم الزهو العزاوي الذي قال
قبل ان يلفظ انفاسه الاخيرة بان ابراهيم
بن عبدكه هو الذي قتله ..
اثر قتله لنجم الزهو وصاحبه ..طاردته الجندرمة الى ان عثرت عليه في
قرية (خرنابات) فجهزت قوة كافية والقت القبض عليه وزجته في السجن تمهيدا
لمحاكمته.. لكنه بعد فترة استطاع ان
يهرب من سجنه واستأنف أعماله الأجرامية وظل الحال على هذا المنوال الى ان احتل
الانكليز بغداد عام 1917.
قام رجال ابراهيم بن عبدكة بمداهمة قطار قادم من كركوك الى بغداد عند
وصوله محطة شهربان ..وكانت على متن
القطار قوة عسكرية بريطانية كان بمعيتها
(المس بيل) السكرتيرة الشرقية للمندوب السامي البريطاني .. وتغلب رجال
ابن عبدكة على القوة البريطانية واسروا الخاتون ... المس بيل .. وعند وصول
ابن عبدكه مختلا بلذة الانتصار ..لاحظت مس بيل حفاوة استقباله من قبل
جماعته فلاذت بسده ..وأحتمت به..
وأثارت فيه مكامن الغيرة والاريحية ..فاطلق سراحها ..وحماها وأوصلها الى
مكان امين على حدود بغداد.
ظل ابن عبدكه يتوارى عن انظار الحكومة البريطانية التي ظلت تلاحقه الى
ان قتل ابن عمه (محمد) لثأر قديم كان هو السبب فيه .. فنزل هذا الحدث عليه نزول
الصاعقة من السماء.. فانهار ...واصابه الوهن ومن جهة اخرى بدأ الخناق يضيق عليه من
قبل الانكليز ففر هاربا الى المحاويل القريبة من بابل ...وهو في حالة صحية سيئة
..وفي 14 حزيران 1924 وبينما كان مريضا طريح الفراش حضرت مجموعة من رجال الشرطة وطوقت المكان من كل
الجوانب فلم يستطع الهرب منهم او مقاومتهم فأستسلم للأمر الواقع وقبض عليه وسيق
مخفورا الى بغداد وقدم للمحاكمة وصدر الحكم باعدامه شنقا حتى الموت وقبل تنفيذ
الحكم حضرت (المس بيل ) الى المحكمة وتدخلت في تخفيف الحكم الى الاشغال الشاقة
لمدة عشرين سنة ايفاء منها لحمايته لها يوم اسرها جماعته...قضى منها ابن عبدكة
اثني عشر عاما وخرج من السجن عام 1936 ..وللحد من جرائمه وبغية اصلاحه فقد قامت
الحكومة بتعيينه حارسا ومراقبا في مديرية آثار بابل ...
ظل ابن عبدكه في هذه المهمة
الوظيفية ثمانية عشر عاما وقد انهكه المرض ووهنت شخصيته وضعفت معنوياته..
وايضا كان خلالها خائفا قلقا .. يشعرانه
لايزال مطلوبا وان الخطر محدق به لما اقترف من جرائم القتل.وكان حدسه صحيحا ففي 5
ايلول عام 1954 وصل الى الحله سهيل بن نجم
الزهو العزاوي وهو في الثلاثين من عمره وقد ظلت كلمة ابيه الاخيره ...قتلني ابراهيم.. ترن في اذنه
...وقام سهيل باطلاق النار على ابن عبدكه ثارا لمقتل والده ..
نقل ابن عبدكه الى المستشفى حيث لم يفارق الحياة بعد وسأل عن قاتله
فقيل له سهيل بن نجم الزهو العزاوي فقال وهو يرتجف ... ليش احنا ما توافينا بعد
...
اني قتلت ابوه وعمامه قتلوا ابن عمي...
ثم لفظ انفاسه ابن عبدكه الاخيرة وغادر حياة الكر والفر....واسدل
الستار على حياة ابراهيم ابن عبدكه.. تلك الشخصية التي اصبحت مضربا للامثال واصبحت
جزءا من الموروث الشعبي العراقي .. ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق