الاثنين، 21 أغسطس 2017

العباءات السوداء .. صانعة الحياة


بدرية .. نورية .. نزيهة.. زكية .... نادرة ... حميدة ... سميرة ... تقية .. مكية  .. وجيهة ..جميلة .. بديعة .. رفيعة .. مقبولة  .. وغيرها ....هذه هي اسماء جداتنا  وامهاتنا ..ربما لم يعد احدا يطلق على بناته  هذه الاسماء في ايامنا هذه  ..بل بدأنا نستنكف منها لا نها ليست على المودة . هذه الاسماء لم تكن مجرد اسماء بل  كانت صفات  لامهات  لن يتكررن  ..بعد المد الماركسي الشيوعي ومن بعده انتشار الفكر القومي  .. جاءتنا  مسميات كفاح ونضال وعروبة وصمود .. وعقيدة وثورة وانتصار ..ومن بعدها عرفنا  همسة ولمسة  وغيرها حتى وصلنا الى مينا وتارا وتمارا  ولامار وليان ونانسي   .. وبدلا من ان ندلع بناتنا  ب زنوبة وفطومة وامونه كما كنا نفعل .. بدأنا ننادي سوسو وتوته  ودنو..

المهم وحتى لا نبتعد عن المراد  من الموضوع ....ربما سيوصموننا بالتخلف اذا ما قلنا ان امهاتنا وجداتنا  امهات العبي  افضل من امهات هذا الزمان الاف المرات .. بل ان المقارنة تبدو ظالمة وغير جائزة .. رغم ان بعض الزعاطيط  والتوافه على صفحات التواصل لا يحلو له الا وصفهن بانهن امهات القيمر .. والدلالات .. والملايات .. ونسى هؤلاء الفاشلون  ماذا كانت تلبس امهاتهم وجداتهم .. امهاتنا .. امهات العباءات السوداء .. امهات البوشي والشيله  والعصابه  و" البويمة " ..امهات وجدات لم يكن  لهن من المعرفة نصيب .. ولكن تخرج من تحت ايديهن كل  عباقرة هذا البلد .. اطباء .. مهندسين ..محامين .. مدرسين .. اساتذة جامعات ... كانت الام رغم جهلها الثقافي تجلس تراقب ابنها  وابنتها وهي تدرس  .. وتحضر الزبيب الاسود لانه يفتح الدماغ والفستق واللوز لانه ينشط الذاكرة وتبتعد عن الجبن والالبان لانها تورث الغباء مالم يقدم معها الجوز .. كم هي رائعة ايام البساطة !!.... ورغم جهلها كانت تتابع انجازه للواجبات ..وتسمع له القصائد والآيات حتى يحفظها ..تتابع اصدقاء الولد وصديقات البنت وتهيئ لهم اطيب الطعام وانظف الملبس .واذا ما ارادت الناس ان تعيب على امرأة فيقولون  "فاشله ... معرفت تربي اولادها  ".

 اما الان ..وربما سيزعل الكثير جيل فاشل .. الدروس الخصوصيه اصبحت ضرورة ..نسب نجاح متدنية .. معدلات ضعيفة .. مدارس اهلية بفلوس  كليات اهليه بفلوس ..حتى المدارس الابتدائية صارت بفلوس ... الاكل يصل الى البيت دليفري ... وهو عبارة عباره عن صاج لو سندويج همبركر او بيتزا او فاهيتا .. الشباب يتغدون بالمطاعم .. والكوفي شوب ..والنركيلة .. والجكاير .. والحبوب ... والام تصل البيت في الخامسة مساءا  .. تعبانه ..وهذه حقيقه لايمكن انكارها  فهي تعبانه  ولا تستطيع ان تتابع واجبات الاولاد  . فهناك البيت ..ومسؤولية الزوج .. وتنظيف وغسل ملابس وطبخ .. فماذا تتابع حتى تتابع .. الاب ايضا حقه ..تعبان بظروف العمل .. والنتيجة ؟؟ ..اهمال .. اهمال ...الولد عنده امتحان .. راح يقره يم صديقه ..  بالكوفي شوب لو اتاري وبلي ستيشن.. اكس بوكس ..  .. لو يفتر بالمولات .... والنتيجة ..راسب .. والام تصرخ والله الولد شاطر ..24 ساعة يقره .. بس حظ ماكو والمدرس شاد عداوه وياه..وكما قال لي احد المربين من  مدراء المدارس .. كيف تريدونهم ان ينجحوا وبايديهم موبايل ايفون 6 وبخط انترنت .. ..

رواية صغيرة وننهي الكلام .. طالب في المتوسطة و طالبة في الصف الخامس الابتدائي .. في الحادية عشر من عمرها ..لا تستغربوا .. في الحادية عشر من العمر ..و "علاقة حميمة بلا حدود .." لمدة اشهر يشهدها بيت البنت الذي يخلو عند ذهاب ذويها الى الوظيفة  .. ولم يكشفها الا اتصال مديرة المدرسة باهلها لتخبرهم بتسرب ابنتهم من المدرسة ..و انا ومجموعة من الاصدقاء على هذه الصفحة شهود على هذه القصة وكنا طرفا في محاولة حلها..

اخواني .. احبائي الاباء والامهات .. تابعوا اولادكم وبناتكم .. تابعوا  هواتفهم النقاله ..فلم تعودوا وحدكم الذين تربون في زمن اصبح كل شي فيه مباحا .. تابعوا  المواقع التي يدخلوها على الانترنت ..اسألوا عنهم في مدارسهم .. تحروا عن اصدقائهم ..اعرفوا بمن يلتقون ... الاباء تقربوا الى بناتكم .. صحيح ان البنت قريبة الى امها ولكنها لا تشعر بالحنان الا مع ابيها . اجعلوا بيوتكم واحة  تشعرهم بالامان .. قد يكون هناك من يتفلسف و يعترض على مبدأ التدخل في حياة الاولاد تحت شعار ..حرية ..خلي  يأخذون راحتهم .واحنه مربين ولدنه وبناتنه  زين  وعدنه ثقة بيهم ...ولكن الواقع على الارض يثبت ان هذا الكلام لا ينفع يوم تقع الفاس في الراس وان مبدا المتابعة هو الانجع في تهيئة جيل قادر على تحمل المسؤولية ..اخيرا.. انا لا ادعو الى ان لا تخرج المرأة الى العمل وانا مدرك  بان المرأة  اختنا وبنتنا هي نصف المجتمع كما اني  مدرك بان الظروف صعبة وان البيت بحاجة الى اي فلس يدخل الى الميزانيه .. ولكن هذه واجب ومسؤولية الاب .. وانا مؤمن بان مسؤولية الام في تربية النشئ الجديد اشد واعظم فان فيها  صلاح المجتمع والبلاد والعباد .. الله يحفظنا ويحفظكم  جميعا ويحفظ  اولادنا وبناتنا واحفادنا ..و يرحم امهاتنا وجداتنا .. وآبائنا وآبائكم..وموتانا وموتاكم..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مستشفى ابن البيطار .

  كان تشارلس هاوهي  رئيسا للحكومة الايرلندية   في ثمانينيات القرن الماضي  وتمتع بعلاقة شخصية مع السلطات في بغداد ايام  كان وزيرا للصحة حيث ع...