السبت، 8 يوليو 2017

قصة مدينة .. قصة 79 الف دار

 بعد ان تحدثنا قبل فترة عن نشأة عدد من احياء العاصمة ومنها بغداد الجديدة وزيونة  والمنصور والوشاش والغزاليه .نتحدث اليوم عن اكبر تجمع سكاني في العاصمة ...مدينة الثورة سابقا ... ومدينة صدام لاحقا ..ثم  مدينة الصدرحاليا  .. اغلب سكان هذه المدينة قدموا من المحافظات الجنوبية في الخمسينات للعمل في العاصمة بعد البدء باسابيع الاعمار و انتعاش الحركة الاقتصادية في العاصمة والبدء بتنفيذ مشاريع كبيرة والتي كانت بحاجة الى ايدي عاملة ... يتنمي اغلب سكان هذه المدينة  الى عشائر عربية معروفة كال ازيرج وكعب والسواعد وآل ابو محمد وآل بودراج وربيعة وبني لام وخفاجة وغيرها... اضافة الى بعض العشائر الكردية والتي  انصهرت في وحدة اجتماعية مما حافظ على لحمة وتجانس مجتمع هذه المدينة التي ينتمي غالبية سكانها الى العمال  والكسبة وصغار الموظفين ..
بداية هذه المدينة  كانت عندما تم توزيع ”911 “ داراً ضمن مشروع اسكان شرقي بغداد لذوي الدخل المحدود في بغداد وذلك في عام 1961 تزامنا مع  مشروع اسكان غربي بغداد المسمى اليوم بمدينة الاسكان ، دوراسكان شرق بغداد  كانت تقع الى الشرق من قناة الجيش.. وبسبب انتشار العشوائيات والاكواخ والصرائف في العديد من احياء بغداد الشعبية  وخاصة مناطق الميزرة والكيلاني وباب الشيخ والوزيرية والشاكرية والصرافية قررت الحكومة  تنظيمها وجمعها في تجمع سكني كبير يتألف من”79 “ قطاعاً، كل قطاع  يتألف من الف دار على ان تكون مساحة الدار الواحدة”144 “ متراً مربعاً.
تم تقسيم المدينة الجديدة والتي تقع الى الشرق من قناة الجيش وباتجاه السدة الترابية شرقاً والتي سميت بمدينة الثورة بواسطة ثلاثة شوارع طولية رئيسة من البداية الى السدة المذكورة وهي: شارع الداخل والفلاح والذي كان يسمى شارع العمل الشعبي وشارع الجوادر اي الخارج، اضافة الى شوارع عريضة تتقاطع مع هذه الشوارع العمودية وهي شارع جميلة والذي ينتهي بساحة الحمزة وشارع القيارة وينتهي بمرآب التحدي في الحبيبية وشارع كسرة وعطش الذي يمر بمستشفى الامام علي”ع “ وينتهي بالاورفلي، اضافة الى  شوارع عرضية غير مشهورة.
 بعد ان جرى توزيع القطع السكنية بين مواطني بغداد البسطاء  من مناطق الاكواخ والصرائف وبمساحة 144 متراً مربعاً للقطعة الواحدة شرع الناس ودفعة واحدة ببناء بيوتهم كل حسب امكانيته وكانت بيوتا صغيرة ومتواضعة بنيت اغلبها من قبل اصحابها بمعاونة  افراد العائلة من النساء والشباب والصبية وحتى الأطفال
ونتيجة لثورة البناء فقد انتشر العديد من  الصواوين او الجوادر و التي اتخذت” كسكلات“ لبيع وتجهيز المواد الانشائية في نهاية المدينة  حتى سميت المنطقة بالجوادر واطلق ذلك ايضا على الشارع الذي يصل اليها. وكانت النتيجة النهائية هو انجاز 79 الف دار كانت نواة هذه المدينة الجديدة
كان لا بد لهذا التجمع السكاني من ابنية مدرسية لذا فقد تم اختيار  قطاع”4 “ وهو القطاع الذي كان يسمى الدور الحكومية حيث  افتتحت فيه مدرستا الغزالي للبنين والثورة للبنات .. وكانت هذه المدارس من دون بنايات فقد كان الطلبة يجلسون في الشارع الرئيس للقطاع بعد ان يثبتوا السبورة بالحجارة ويجلسوا في العراء مع معلميهم يتلقون الدروس  وبقربهم باعة اللفات والباقلاء و اللبلبي...وفي احدى المرات  ترك الطلبة معلميهم  وركضوا  وراء سيارة عبد الكريم قاسم الذي وجه الجهد الحكومي  لاكمال احدى البنايتين باقصى سرعة حيث انجزت مدرسة الغزالي  والتي اضطر المسؤولون الى تقسيم هذه المدرسة الى  اربع فترات دوام اي اربع مدارس  وذلك من الساعة الثامنة صباحا الى الساعة الثامنة مساء لتكون حصة كل مدرسة ثلاث ساعات فقط وبعد اشهر اخرى اكتمل بناء مدرسة  الثورة للبنات لتكون ذات دوام ثلاثي ايضا.
 اما طلاب المتوسطة فلم يكن امامهم الا الالتحاق بمدرسة الرصافة  الواقعة خلف سينما روكسي في منطقة السنك ثم تم تحويلهم الى متوسطة القناة في شارع فلسطين الى ان اكتمل بناء ثانوية قتيبة وهي اول ثانوية في المدينة  وذلك عام 1965 وقد خرجت هذه الثانوية اول دفعة لها من الخريجين الذين التحقوا بالكليات  والجامعات العراقية ...
مدينة الثورة سابقا والتي تسمى اليوم مدينة الصدر تضم  اكبر نسبة سكانية من اهالي العاصمة  وتعاني اجتماعيا من مشاكل كبيرة اهمها  الانشطار العائلي حيث ان البيوت  الصغيرة في هذه المدينة اصبحت  تضم اربع عوائل كبيرة . وهذا  ربما لا نراه في مناطق اخرى من العاصمة ..

بتصرف عن عدة مصادر

هناك تعليق واحد:

مستشفى ابن البيطار .

  كان تشارلس هاوهي  رئيسا للحكومة الايرلندية   في ثمانينيات القرن الماضي  وتمتع بعلاقة شخصية مع السلطات في بغداد ايام  كان وزيرا للصحة حيث ع...