السبت، 15 يوليو 2017

بزيبز


قصة حدثت لي بعد ايام من سقوط الرمادي .. ترددت كثيرا في نشرها لاني لست بكاتب قصة .. ولا اعرف هل تصلح للنشر ؟؟.. اقرأوها .. لن تخسروا شيئا .. فان اعجبتكم ضعوا لها عنوانا ...وان لم تعجبكم .. غلسوا ...

كنت اتطلع الى  وجوه الشباب في سيارة النقل العام  وانا امد يدي عسى ان يرفعني احدهم ليضعني على احد مقاعدها .. اخذت مكانا قرب النافذه الخلفية   لاستطلع بغداد وانا في طريقي الى مركزها الذي لم اصل اليه منذ اكثر من سنة ..منذ ايام وصور بزيبز وجسرها اللعين تطارد خيالي .. صور لم استطع ان امحوها من الذاكره .. كنت اتسائل .. كيف بالنساء . كيف بالاطفال .. ماء  بارد ؟؟ تكييف ..  ؟؟؟ من لهم؟؟ يا الهي اريد ان ابعد هذه الصور .. فان قلبي لا يحمل ..

قرب مستشفى اليرموك كانت صوت سيارة الاسعاف يصم الآذان .. لم اتمالك  نفسي اخرجت راسي من النافذه .. وبدأت اصرخ .. افتح الطريق .. افتح الطريق .. لك  افتح الطريق ..  تذكرت حالي وانا  انقل حفيدتي الى المستشفى بسيارة الاسعاف .. كنت ابكي واصرخ  واعد الثواني للوصول الى  مستشفى العلوية للاطفال .. مددت رأسي من الزجاج وصرخت يا معودين افتحوا الطريق ...هزني  من بجانبي  وهو يرى دموعي .. حجي شبيك ؟؟؟.. لتدوخ محد يسمعك ..  الدنيا تغيرت ...  اعدت جسمي الى الخلف ومسحت دموعي .. وانا اتمتم .. الله يشافي اللي بيهه .. الله يشافي  ويعافي ..

توقف السير في ساحة النسور حيث  ملئت صور شهداء العراق الحواجز الكونكريتية في محاولة لتجميلها .... شبابا بعمر الورد .. لماذا قتلوا ..    لماذا ترملت نساءهم ..ويتمت اولادهم .. وفجع بهم ذويهم ..  وبدأت اتطلع الوجوه .. اليسوا عراقيين .. ام انهم من وراء الحدود ؟؟  لماذا الكلام عن جيوش العالم عماله وخيانة وخط احمر ..  فيما تكال لابناء العراق التهم الجاهزة فتارة جيش المالكي .. واخرى جيش المليشيات الصفوية .... والتفت الى من الى جانبي .. هل علينا ان نستورد جيوشا ...عدت برأسي الى الوراء وانا اتذكر المأفون الذي  صعد الى منصات العار المصبوغة بلون الدم  ليمهل  الجيش والقوات  الامنية 48 ساعة لمغادرة الانبار  وبخلافه تهدر دمائهم  ثم التفت الى من اعتمر عمامة الفتنة ليفتي لهم بالسماح برقص الجوبي قتلا للوقت والملل.. يومها كتبت الى صديق وزميل دراسة  لي ممن اعتلوا  المنصات .. انكم ترقصون على جراحات اهلنا في الانبار وستجلبون لهم المآسي .. عبثا حاولت ان امحي صور بزيبز وجسر بزيبز .. دموع الحرائر والكرائم  ومنهم اهل لي  واصدقاء .. واطفال وشيوخ هزها الضعف والوهن  محمولون على اكتاف  ابناء الجيش .. كانت صور  الشاي المثلج في كافتريا معهد الفنون  الذي مررت بقربة  تذكرني بايام الصبا الجميلة  .. وعادت صور رفاقي واصدقائي ... توقف السير ... سيطرة .. التفت نحو متنزه الزوراء .. كان هناك شاب  يسند رفيقته  ذات الصدرية المدرسية الى شجره ليسترق قبلات سريعة هنا وهناك فيما كانت هي تتلفت حولها .. سألت من الى جانبي .. اليس هذا هو وقت الامتحانات .. فقال نعم .... اذن ماذا يفعلون هنا ... فاجاب جيل طايح حظه .. ضحك الجميع عندما خرج مجموعة من الصبيه من خلف السياج وهم يصرخون .. عا عا عا .. اجاك .. اجاك .. اعور ... وقطعوا على العشاق قبلاتهم المسروقة ولينفظوا اوراق الاشجار من على ثيابهم .. ضحكت وتساءلت  ماذا سيحصل لو وقعوا يايدي الدواعش .. الجلد ام اقامة الحد ام قطع الرؤوس .. ام التجول بهم عراة كما حصل مع شباب الفلوجة الخمسة عشر قبل ايام ..  يا الهي لماذا تعود هذه الصور الى مخيلتي مرة اخرى .. التفت الى المحطة العالمية وتذكرت ايام جامعة الموصل   واحداث حصلت في قطارها ... سألت من الى جانبي .. اكو قطار للموصل ؟؟؟؟ فاجاب حجي  يا قطار يا موصل؟؟ ..هاي شبيك ..؟؟   وعادت الصور السوداء من جديد .. بزيبز .. جسرها اللعين .. احاول طردها عبرالتفكير بالاكل .. ومن يشتهي  وجسر بزيبز امامه في كل لحظة . ..التفت الى من في جانبي وانا احاول الاعتذار عن صوت رنين الموبايل .. كان صديقي في الطرف الآخر ..

 ها انت وين ..  شنو منهاجك ..اني يم المصرف الصناعي ..بنزلة السنك .. وين ناكل يم ابو سمير بالخيام ,, لو ناكل كشري يم حمادة المصري .. ؟؟؟

 كنت انوي تصوير بناية شموئيل اقدم بناية في شارع الرشيد  وهي اقرب الى حمادة ابو الكشري ... كان الموبايل على اذني وانا اصرخ بالسائق .. نازل عيني .. نازل  .. نزلت من السيارة وعانقت ابو مريم الذي كان ينتظرني  .. ولم احس الا بيد ثقيلة تسحبني ...  لك مو انت رجال جبير ... استحي على شيباتك ..اني من يم ام الطبول اباوع عليك بالمراية .. اكول هذا مو راحة ..بس صدك مثلك قفاص مشايف .. كنت اتلفت واتطلع الى وجه صديقي ابو مريم لاتاكد .. هل انا المقصود .. هذا شبيه؟؟ .. صرخ ابو مريم في وجه السائق .. لك انت تعرف ويه منو تحجي .. ..

-ويه منو قابل ابن الله .. لك جيب الكروة لا اسويك مزق .

تذكرت .. والله العظيم تذكرت .. ابني اني اسف ..والله العظيم آسف

خوش عليك آسف.. تره من شكولاتكم هواي شايف ... قفاصة .. وجماله شايب .... هسه بس احاجيه يصيرلي شريف روما...

--والله العظيم فكر ما عندي اعذرني ابني ....

- خوش تنكه ..

هنا ثارت ثائرة ابو مريم ورمي النقود في وجه السائق الذي صعد  الى سيارته بعد صراخ شرطي المرور والسيارات التي خلفه ..

....احتضنني اخي وصديقي ابو مريم وهو  يربت على كتفي  مهدئا من روعي .. وماسحا دمعة نزلت على خدي .... وضحك قائلا .. يله لا تدير بال... تحصل باحسن العوائل .. وين ناكل ...

سألته ..ابو مريم .. وين سيارتك ؟؟..

- بالكراج ...

امشي رجعني للبيت .. هاي شصار بالدنيه ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

السنك

  تتفق اغلب  المصادر ان (السنك) كلمة تركية معناها (الذباب) وسبب تسميتها هو أن هذه المنطقة كانت  في الأصل (مزرعة بصل) فضلا عن زراعة أنواع الخ...