جمعية منتدى النشر

في بداية القرن العشرين ومع دخول اللغات الاجنبية وتطور العلم وانتشار المدارس  ظهر إتجاه بين طلاب الحوزة العلمية في النجف الاشرف يميل الى دراسة الفقه دراسة اكاديمية حديثة بعيدا عن الاساليب التقليدية التي لم تعد تلائم العصر ، وخلال  زيارة الملك فيصل الى النجف الأشرف كشف عن رغبته في إقامة جامعة دينية على غرار الأزهر.. أصحاب فكرة المنتدى  مجموعة  من الأفاضل وهم الشيخ محمد رضا المظفر والسيد محمد تقي الحكيم وابن عمنا الحجة الشيخ عبد المهدي مطر والسيد هادي فياض والشيخ مسلم الجابري والسيد محمد جمال الهاشمي وآخرون غيرهم .. حيث قدم المؤسسون طلباً إلى وزارة الداخلية لتأسيس جمعية دينية في النجف الاشرف  بأسم جمعية منتدى النشر .. وقد اجيزت هذه الجمعية في 8/5/1935...وقد بدءت من قمة الهرم التعليمي في الحوزة حيث تم في عام 1936م  تأسيس مدرسة عالية للعلوم الإسلامية سميت  بـ (كلية الاجتهاد) تدرس فيها  أربعة علوم هي: الفقه الاستدلالي والتفسير وعلم الأصول والفلسفة.ولكن المشروع اخفق..في عام 1938 انتخب الشيخ محمد رضا المظفر رئيساً لجمعية منتدى النشرفقام بتأسيس كلية منتدى النشر ، وهي مدرسة عالية للعلوم الدينية .. اعترفت بها وزارة المعارف في بداية تأسيسها  ، إلا إنها سحبت اعترافها بعد خمسة أشهر . ولكن رجال الجمعية تشبثوا  بمشروعهم وحصلوا على الاعتراف مرة أخرى سنة 1940م... تنقلت كلية منتدى النشر من مكان إلى آخر حتى حصلت على خان الوقف الذي يستخدمه الزوارحيث وافق مجلس الوزراء في 12 نيسان 1945 م على استئجاره لمدة ست سنوات. وفي عام 1951م احتفلت الجمعية بوضع حجر الأساس لبناية كلية منتدى النشر التي أصبحت فيما بعد كلية الفقه والتي اجيزت من وزارة التربية والتعليم في كانون الأول 1958... كان تدريسوا الكلية من حملة إجازة الاجتهـاد فضلا  عن أساتذة جامعيين من حملة شهادة الدكتوراه في اختصاصات التربية وعلم النفس والتاريخ وعلم الاجتماع وتاريخ الأدب العربي والفلسفة الحديثة واللغة الإنكليزية.. واللغات الشرقية و تخرجت الدورة الاولى لكلية الفقه  عام 1961وقد اعترفت جامعة بغداد بمستوى كلية الفقه وتم معادلتها بشهادة كليات جامعة بغداد والسماح  لخريجيها بالتقديم للدراسات العليا" الماجستير والدكتوراه " في جامعة بغداد ..

ولم تتوقف أعمال الجمعية عند هذا الحد، بل واصلت أنشطتها الإصلاحية لتكوين قاعدة تعليمية قادرة على تغذية كليتها لذا افتتحت عام 1944 مدرسة ابتدائية ، وفي عام 1945 مدرسة متوسطة مع صف تحضيري قبلها وانتهجت تلك المدارس الأساليب الحديثة في التعليم من حيث إتباع نظام الصفوف والامتحانات وتدريس العلوم الحديثة إلى جانب العلوم الدينية وكل  بحسب مرحلته الدراسية . وفي عام 1961 تم افتتاح ثانوية منتدى النشر المسائية، وهي تهتم اضافة  الى  المنهج المقرر في المدارس الثانوية الرسمية بدراسة شيء من الفقه والعقائد الإسلامية والمنطق .. وجهزت المدرسة بما جهزت به المدارس الحديثة من مختبرات ومستلزمات أخرى.
هذا النجاح  دفع المؤسسين إلى وضع تخطيط لمشروع جامعي أوسع كانت بدايته الأولى كلية الفقه ، التي مهدت لها كلية منتدى النشر واتخذت الجمعية قرارا بفتح معهد خاص للخطابة باسم "كلية الوعظ والارشاد" ولكن ظهرت حركة تناهض هذه الكلية بتهمة أنها خروج على شعائر الحسين (ع) وتزوير للتاريخ فأفشل المشروع ...

كانت الغاية من هذه المشاريع هو اعداد طلاب للحوزة العلمية و تمكينهم من حضور مرحلة البحث الخارج عند كبار علماء الحوزة، متسلحين بالعلوم الحديثة التي يحتاجها الفقيه؛ نظراً للتطورات التي يشهدها المجتمع، فضلاً عن إعدادها خطباء ومرشدين ودعاة إسلاميين لهم اطلاع حسن على العلوم الحديثة.. يقف في مقدمتهم المرحوم الدكتور احمد الوائلي ...ويبدو ان هذه الخطوة قد لاقت استحساناً في بادئ أمرها،ولكنها فشلت فيما بعد لوقوف المحافظين في الحوزة في وجهها اولا .. كما ان مثل هذه الافكار التنويرية الحديثة والمتطورة لم تكن تروق للقائمين على النظام السياسي في العراق الذي كان يريد ان تبقى اساليب التعليم متخلفة  لذا صدر القرار بانهاء هذه المؤسسة التنورية  ...حالها حال الكثير من المشاريع العظيمة والتي انتهت.... بجرة قلم ..