الثلاثاء، 22 أغسطس 2017

قصة طاوي وتسواهن والطنطل


الطنطل كائن خرافي .. ينتشر الحديث عنه في مناطق الجنوب العراقي والاهوار بشكل خاص حيث عادة ما يوصف بانه شخصية لاهيه وعابثه يجد متعته في اخافة الناس والضحك عليهم

في بدايات  القرن الماضي كانت هناك عشيرتان متجاورتان من عشائر لواء المنتفك (ذي قار حالياً).. يفصل بينهما ايشان ( والايشان  تله او  ربوةٌ واسعة  وجمعها يشن ) وكان الايشان هذا عبارة عن مقبرة قديمة مهجورة تكثر فيها الحفر والمغارات المخيفة.. يقول الاهالي  انها مأوى ومسكن للطناطل( مفرده طنطل ) التي  تخرج منها عند الغروب وفي الليل. ومن أجل ذلك صار لها في قلوب الناس رهبة وخشية.

طاوي شاب وسيم وطويل  من احدى هاتين العشيرتين عشق فتاة من العشيرة الأخرى اسمها (تسواهن). تقدم لخطبتها من ذويها لاكثر من .. ولكنهم رفضوه  لانه  كان يتغزل  بها ويذكرها في أغانيه العاطفية الشجية ويكثر من  وصفها على نحو يخالف عادات تلك المنطقة ..مما اضطره الى اللجوء الى السادة الأشراف من احدى العشائر الكريمة . وانتهت وساطتهم الى اتفاق بان يبرهن (طاوي) على رجولته وشجاعته عبر اختراق (الإيشان) عند منتصف ليلة مظلمة ليس فيها نورالقمر.. وان يركز في وسط الايشان وتدا يربو طوله على المتر  فان نجح صارت (تسواهن) من نصيبه.

قبل طاوي التحدي وخرج من مضيف السادة وتمنطق بحزام جلدي عريض ووضع أطراف دشداشته الأمامية فيه حتى لا يتعثر في المشي كما دسّ تحته نطاقه  مكوار و خنجر ومطرقة ووضع  الوتد الخشبي تحت إبطه. وتلفع بعباءةٍ صوفيةٍ ثقيلة، ومشى يتلمس طريقه في الظلام الدامس في ليلةٍ عاصفةٍ تلبدت في سمائها السحب السود. اعترضته أمه و حملت اليه فانوساً تتراقص شعلة وقالت له” كن شجاعاً ولا تخف يا ولدي. فالطنطل لا يؤذي أحداً ولكنه يسخر من الجبناء  ” هزّ رأسه موافقاً وأوصاها أن تدعو له بالتوفيق.

واصل طاوي سيره على ضوء الفانوس الذي تكاد تطفئه الرياح التي كان صريرها يثير الرعب في نفسه وبدأت خطواته تتثاقل كلما اقترب من الايشان بسبب الوحل ..وبدأ يردد اهزوجة شعبية يرددها الأولاد في قريته من اجل ان يوهم الطنطل انه ليس لوحده تقول :-

 لا تنطفي يا فانوس....

 كَازك علينا بفلوس..

والشيخ لسّه وسنان....

 كلّه من صكَع النسوان..

واللحية منّه امهلسة...

 وعيونه عليَّ امبحلسه..

جنه جبير الجاموس..

لا تنطفي يا فانوس



وصل  طاوي وسط الإيشان ... وضع الفانوس فأصابته رشقات المطر فأطفأته وحطمت زجاجته. اسرع ..  وركز الوتد في الأرض وضربه بالمطرقة. و تلفع بعباءته ليعود الى الناس الذين ينتظرونه في المضيف. ولكنه احس بمن يمسك  بطرف عباءته. فحاول طاوي أن يجذبها، وجذبها مراراً ولكن دون جدوى. لم يلتفت ولكنه احس بفطرته ان الطنطل قد امسك بعبائته  وقفز قلبه من صدره من شدة الرعب وترك العباءة تسقط على الأرض كما سقطت المطرقة من يده ومن خوفه  بال في سرواله الداخلي وانطلق حافي القدمين يركض لا الى هدى  بأقصى سرعته...

اصاب القلق الرجال الذين كانوا ينتظرونه في المضيف حيث كانوا يتوقعون عودته قبيل صلاة الفجر لذا  قرروا أن يذهبوا ليبحثوا عنه... عندما وصلوا الى المكان المتفق عليه  وجدوا عباءته مرمية على الأرض وعلى ذيلها يرتكز الوتد الخشبي الطويل..عندما عادوا الى القرية  وجدوا طاوي وقد جن وفقد  عقله تماماً. ينظر الى الناس بعينين زائغتين، يخاف الاقتراب من أي  أحدٍ ..وبدأ يركض في طرقات القرية رافعاً دشداشته الى صدره كاشفاً عن عورته، يتبعه الصبية والصغار يصفقون ويصرخون .. هيه هيه مخبل ..  ومن بعيد .. من بعيد جدا  كانت تقف امرأة حزينة  تنظر بعينين دامعتين إنها حبيبته (تسواهن) التي زوجوها لاحفا الى  أخيه الاصغر . بعد أن جيء بها (فصليّة) مع ثلاث أخريات من بنات عشيرتها ليتزوجن من أقارب الضحية حسب قانون العشائر السائد في ذلك الزمان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

السنك

  تتفق اغلب  المصادر ان (السنك) كلمة تركية معناها (الذباب) وسبب تسميتها هو أن هذه المنطقة كانت  في الأصل (مزرعة بصل) فضلا عن زراعة أنواع الخ...