الاثنين، 22 مايو 2023

قصة الآثار الغارقة في القرنة..

في عام 1852 بدأت البعثة الفرنسية الثانية تنقيباتها في المواقع الاثرية في الموصل بقيادة البروفيسور فولجينس فريسنل و عالم الاثار الالماني الشهير جوليس اوبرت وفي بداية عام 1855 تم نقل المكتشفات الاثرية الى بغداد  عبر نهر دجلة بواسطة مجموعة كبيرة من الطوافات  .. ومن هناك تم نقلها الى البصرة  على متن احدى السفن النهرية  و 4 طوافات.. وكانت الحموله باجمعها تضم 235 صندوقاً من بينها 80 صندوقاً تحتوي على آثار من بابل، و 68 صندوقاً وخزانة تضم منحوتات تعود الى قصر آشوربانيبال وكان مجموع الآثار يكفي  لافتتاح أربعة متاحف عالمية.
في تلك الفترة كانت السلطة العثمانية في حالة ضعف شديد واصبحت العشائر هي المتحكمة بالخط الملاحي في نهر دجلة وكانت تأخذ الاتاوات على كل السفن التي تمر في النهر. وعند منطقة العزير دفع ممثل البعثة الفرنسية ( كلمنت )اخر ماتبقى لديه من الاموال و الشاي والسكر ولم يعد لديه ما يعطيه.
وفي  15 آذار 1855 وقريبا  من القرنة، بدأت زوارق العشائر  وافرادها من كلا طرفي النهر باطلاق النار الكثيف فبدأت السفينة تترنح وبدأت بالغرق فبدأ رجال البعثة و القبطان بترك السفينة والنجاة بارواحهم. وقام  رجال العشائر  بمهاجمة  الطوافة  الاولى  والثانية  فسقطت كل الاثار المحملة عليها في دجلة. وكذلك مع الطوافة الثالثة وسقط بعض ماعليها من اثار في دجله لكنها استمرت بالتحرك حتى دخلت الى نقطة التقاء النهرين اما الرابعة فقد نجت من العملية وقد وصلت الطوافات الثالثة والرابعة الى منطقة المعقل.
التقارير الفرنسية تفيد بأن أسطول الطوافات استثار طمع الأهالي الذين اعتقدوا أنها تحمل بضائع متنوعة فهجموا عليها وأغرقوا معظمها،
إلا أن المنقب والس ذكر في كتابه (رحلات الى العراق) أن الطوافات  المذكورة أصابتها رياح عاتية، بحيث أدى تلاطم الأمواج العالية الى تصادمها ببعضها وغرقها، وبالتالي غاصت التماثيل الأثرية في الوحل وفقدت الى الأبد..
وايا كان السبب فقد كانت النتيجة هي خسارة حوالي 200 قطعة اثرية نادرة، ولم ينجو الا 28 قطعة فقط ..منها ثور مجنح و لا تتوفّر معلومات تفصيلية عن الآثار الغارقة، لكن الرسام الفرنسي يوجين فلاندين رسم بعض القطع قبل نقلها وغرقها، من بين المفقودات ثيران مجنّحة وألواح حجرية مأخوذة من قصر الملك آشوربانيبال
بعد مرور عام على الحادثة ، قام والي البصرة بارسال قوة عسكرية الى القرنة مع مجموعة من البحارة و العلماء الفرنسيين، وقد استطاعوا اعادة عدد قليل جداً من هذه الاثار النفيسة.
اولى محاولات البحث عن الآثار الغارقة جرت في عام 1956 بقيادة خبير فرنسي، لكنها توقفت بسبب  قطع العلاقات الفرنسية العراقية جراء العدوان الثلاثي على مصر .. جاءت  بعدها بعثة يابانية في عام 1961برئاسة نامو ايكامى، وأجرت مسوحات دقيقة انطلاقاً من ملتقى دجلة والفرات ولمسافة 7 كم، لكن البعثة لم تعثر على أي قطعة أثرية رغم الجهود التي بذلتها.

وفي عام 1971، أوفدت  جامعة طوكيو إلى العراق فريقاً يضمّ خبراء في التنقيب عن الآثار وغواصين وجغرافيين ومصورين، وأجرى الفريق الياباني مسوحات جيوفيزيائية انطلاقاً من ملتقى دجلة والفرات في منطقة القرنة، مع التركيز على 24 موقعاً محتملاً.وبعد أربعة أشهر وصلت أعمال البحث ايضا  إلى طريق مسدودة، فغادر الفريق الياباني مطلع عام 1972 بعد ان وضع تقريراً خلاصته أن  "المقابلات مع السكان المحليين لم تساعدنا في التوصّل إلى موقع تقريبي لموضع الغرق و ان الاثار الغارقة ربما جرفها تدفق المياه الغزيرة وربما تآكلت جميع المنحوتات المصنوعة من حجر الرخام. "
أستاذ التاريخ القديم في جامعة البصرة د. عادل هاشم  له وجهة نظر مهمة جدا إذ يرى أن" الآثار من المحتمل أن تكون غرقت قرب جزيرة السندباد، حيث ملتقى شط العرب وشط الكرمة”، معلّلاً رأيه بأن المستشرقين الأجانب كانوا يظنون اشتباهاً أن التقاء شط العرب وشط الكرمة في منطقة الهارثة هو موقع التقاء دجلة والفرات ولذلك من المتوقع أن تكون الآثار قابعة في قاع شط العرب بالقرب من منطقة الهارثة
خلال عام 2012، ظهر تقرير  لمستشار شؤون الآثار في البصرة يقول  ان القوارب أو الطوافات التي كانت محمّلة بالآثار غرقت على الأرجح قرب منطقة النخيلات الواقعة شمال القرنة حيث توجد هناك انعطافة في مسار نهر دجلة يكون تدفّق المياه فيها أسرع نسبياً”، لكن هذه التقارير اهملت ايضا  
 وعودا على بدء .. وبعد هذه الكارثة لم يتحمل  البروفيسور فولجينس فريسنل الصدمة، ومات في بغداد في 30 نوفمبر 1855  اما مساعده فلم يكن قادرا على العودة الى فرنسا وتوفي أيضًا في عام 1858 ودفنا في بغداد.
لوحة تعريفية لكيفية نقل صناديق الاثار بالطوافات للمنقب الفرنسي(فكتور بليس 1867) واللوحة الثانية لنقل الثور المجنح
الموضوع منقول بتصرف من عدة مصادر 

الزواج الاسطوري

  كل فترة تخرج علينا وسائل الاعلام  بالحديث  عن "حفل زواج أسطوري" متناسين ان تاريخنا المجيد  يحدثنا عن عدداً من حفلات الزفاف الأسط...