الأحد، 28 أبريل 2024

الزواج الاسطوري

 كل فترة تخرج علينا وسائل الاعلام  بالحديث  عن "حفل زواج أسطوري" متناسين ان تاريخنا المجيد  يحدثنا عن عدداً من حفلات الزفاف الأسطورية والتي يطلق عليها المؤرخون  ولائم الاسلام الثلاث الكبرى  ولا اعرف لماذا  يزج اسم الاسلام العظيم في هذا الموضوع ..
اولى هذه الولائم هو حفل  زواج هارون الرشيد من زبيدة والثانية زواج  المأمون من بوران بنت الحسن بن سهل، والثالثة وليمة المتوكل في طهور إبنه إبي عبد الله الزبير (المعتز بالله) في قصر المتوكل،
لكن يبقى حفل زفاف الخليفة العباسي "المأمون بن الرشيد" على "بوران" ابنة وزيره الفضل بن سهل في رمضان  عام 209هـ الحدث الأبرز، ربما في التاريخ الإسلامي بأسره، واصبح مضرباً للأمثال .

الغريب  أن المأمون خطب بوران عام 201هـ وهي ابنة عشر سنين ثم قرّر الزواج بها بعد 8 سنين كاملة، كونه  لم  يشأ الزواج  إلا بعد أن  يقبض على أركان دولته.
يقول المؤرخون ان المامون  وفد على وزيره الحسن بن سهل  للقاء عروسه في قصره ب  "فم الصلح"  وهي مدينة تقع على نهر دجلة و بصحبته جيش كامل من العسكر والقواد والندماء والمغنين والشعراء والعلماء والقضاة وكبار البيت العباسي، اضافة الى جيش من الجمالين والمكارين والحمالين والفلاحين والفراشين، وهو ما تطلّب استعدادات هائلة لاستضافة كل هؤلاء.  فلما دخل على بوران واسمها" خديجة " كانت عندها حمدونة بنت الرشيد وزبيدة وأم الفضل فنثرت عليه أم الفضل ألف لؤلؤة من أنفس ما يكون فأمر بجمعها فجمعت فأعطاها لبوران ثم أُلبست بوران "البدنة " و هي قميص مُطرز من الأمام ومن الخلف بالياقوت، و يمثل "عمامة السُلطة" بين النساء، فصاحبة البدنة هي وحدها "الملكة الأم" صاحبة النفوذ والسُلطة،وقد منحته خيزران زوجة المنصور لزبيدة حين تزوجها هارون الرشيد، قبل أن تمنحها زبيدة لاحقاً لبوران خلال عُرسها كإشارة لمكانتها المرتقبة في البلاط العباسي.وسارت بوران إلى المأمون فوق حصيرٍ من ذهب، وبيدها طبق من مجوهرات راحت تنثر منها على النساء الحاضرات ...وأوقدوا في تلك ليلة شمعة عنبر وزنها 200 رطل أحالت الليل إلى نهارٍ .. واستمرت الاحتفالات 19 يوما أقام فيها المأمون  وجيش الضيوف عند الحسن وسط احتفالات احياها المغنين والشعراء والندمان ومأدب  مما لذ وطاب تفوق الوصف وكانت  اهم فعاليات هذا الزواج الاسطوري هو  قيام الحسن بن سهل بنثر بنادق مسك على الهاشميين والقواد والكتاب والوجوه فيها رقاع بأسماء ضياع وجواري ودواب وغير ذلك فكانت البندقة إذا وقعت بيد الرجل فتحها فيقرأ ما في الرقعة فإذا علم ما فيها ذهب إلى الوكيل المرصد لذلك فيدفعها إليه ويتسلم ما فيها.ثم نثر على سائر الناس الدنانير والدراهم ونوافج المسك وبيض العنبر. وعمل من الولائم والإفراح ما لم يعهد مثله في عصر من العصور وكان عُرساً لم يُسمع بمثله في الدنيا، ويروي القلقشندي أن السهل خصّص قرابة 4 آلاف ألف دينار (4 ملايين دينار) للإنفاق على وليمة هذا الحفل، وهو ما بّرره الوزير للمأمون لاحقاً بقوله "والله ما هو إلا مالك رد إليك وأردت أن يفضل الله أيامك ونكاحك كما فضلك على جميع خلقه"، وهو ما كافأه عليه المأمون بمنحه خراج فارس والأهواز لمدة سنة.  اضافة الى منحه  عشرة ألاف ألف درهم فجلس الحسن وفرق المال على قواده وحشمه وعسكره وقد قالت الشعراء والخطباء في ذلك الزفاف أشياء كثيرة وبقيت بوران عند المأمون إلى ان توفي 218 هـ وتوفيت هي سنة 271هـ وعمرها 80 سنة.. ولم يتبقّ من ذكر هذه السيدة اليوم  الا اكلة شهيرة  في العراق وبلاد الشام لحد اليوم تسمى "البورانية".
للاستزادة  مراجعة الكتب التالية
"مآثر الإنافة في معالم الخلافة"  أحمد القلقشندي
كتاب"شذرات الذهب في أخبار مَن ذهب": لابن العماد الحنبلي
كتاب نزهة الجلساء في أشعار النساء" لجلال  الدين السيوطي،
"الروضة الفيحاء في أعلام النساء" لياسمين الخطيب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

السنك

  تتفق اغلب  المصادر ان (السنك) كلمة تركية معناها (الذباب) وسبب تسميتها هو أن هذه المنطقة كانت  في الأصل (مزرعة بصل) فضلا عن زراعة أنواع الخ...