الأحد، 18 يونيو 2017

فيضان عام 1954

واحد من اسوأ الفيضانات التي مرت على العراق  خلال القرن الماضي ..كان من الواضح لدى المسؤولين في العراق ان  فيضاناً خطراً سيداهم العراق وذلك نتيجة  للاحوال الجوية السيئة  وذوبان الثلوج وكثرة الامطار التي هطلت في اواخر عام 1953 واوائل سنة 1954 .. لذا تم اتخاذ تدابير للسيطرة على الفيضان منها  تقوية السدود الضعيفة التي نشأت من الفيضانات السابقة وتنسيق العمل وتحديد الواجبات.. في 17 / 3 / 1954 بدأت مناسيب نهر دجلة بالارتفاع بشكل  لم يسبق لها مثيل ووصلت في 25 آذار إلى درجة خطرة...وواصلت المناسيب ارتفاعها ،فتولى الجيش والشرطة والاهالي حراسة السدود ، ووزعت الدوائر المختصة المواد اللازمة لمجابهة الفيضان وسخرت الحكومة المكائن والالات التي كانت الشركات الاجنبية تستخدمها في تبليط الشوارع واقامة المشاريع  ، وفي26 اذار وصلت  الزيادة 36 متراً بما يفوق درجة الخطر بمتر واحد ، فنامت بغداد ليلة 27 اذار وهي فزعة قلقة يتهددها الفيضان والغرق في كل لحظة ،واضطرت سلطات الري فتح اربع كسرات في مناطق الخفاجي والرفيع واليهودية والداوديه .وسهر الناس ليلة 28 /اذار حتى الصباح وهم خائفون ويرتجفون وايديهم على قلوبهم ،فقد بدأت المياه تتسرب إلى كثير من الدور والمؤسسات القريبة من النهر .... وتحولت ساحة السراي الكبرى إلى بحيرة تعذر على الموظفين اجتيازها ...
وكانت ليلة 29 اذار اسوأ الليالي التي شهدتها بغداد ،حيث بدأت  مياه الفيضان التي تجمعت خلف السدود المحيطة بها تهدد العاصمة بغداد التي لم يكن يحول بينها وبين الكارثة سوى (سدة ناظم باشا) التي تحيط ببغداد من الناحية الشرقية والتي  اصابها الضعف واخذت الرياح الشرقية تضغط عليها ...وفي تلك الليلة اجتمع رؤساء الوزراء السابقون والوزراء والمسؤولون وبعض النواب والاعيان واتخذ مجلس الوزراء قراراً باخلاء بغداد جزئياً وذلك بنقل الشيوخ والاطفال والمرضى من المناطق المجاورة للسداد الشرقية إلى جانب الكرخ...يومها كان في بغداد زهاء ثلاثة ارباع المليون نسمة يسكن ثلثهم في جانب الرصافة المعرض للغرق... ولكن وزير الداخلية (سعيد قزاز) خالف هذا القرار وكانت وجهة نظر القزاز ان في بغداد جسرين فقط فاذا اصطدمت سيارتان من سيارات المتسابقين في الهرب وقعت مذابح لاتعرف مغبتها ولا يمكن تلافي اضرارها.. وان تنفيذ هذا القرار يشكل ارباكا  قد يؤدي إلى التهلكة....
وشاءت ارادة الله ان تتوقف الرياح العاتية التي كانت تعبث بالسدود ،وتهدد العاصمة بالكارثة في كل لحظة... فاستقر الرأي على ان تضاعف جهود العناية بالسدود ،وان تتخذ كافة التدابير الضرورية لمجابهة الاحداث المتوقعة في كل لحظة.. وتم استنفار كل الاجهزة لتجاوز المحنه وتم تكليف أمير اللواء خليل جميل مدير الهندسة العسكرية في الجيش العراقي.. بمهمة آمر الفيضان ومنح كامل الصلاحيات حيث أعلن حالة الطوارئ، وفرض أنذار -ج- لكل القطعات العسكرية التي خصصت تحت أمرته، والتي وزعها على طول سدة ناظم باشا، الممتدة من أقصى الصليخ حالياً، الى نهاية معسكر الرشيد قرب الزعفرانية، وخصوصا في الأماكن المهددة منهاثم قام بتسيير القطارات لنقل حمولة كميات كبيرة من الرمل والسمنت من معامل السدة الى جانب الكرخ عبرجسر  الصرافية، لتوزيعها في اكياس الجنفاص من قبل أفراد الجيش المرابطين على السدة، الذين تواصل عملهم على طول ساعات الليل والنهار، أيام الفيضان. واضافة الى الجيش والشرطة والاهالي ...شارك وبشكل طوعي، غالبية  الشباب من طلبة الكليات من جامعة بغداد، ومنهم طلبة كليات، التجارة والحقوق والأداب والعلوم، الذين بلغ تعدادهم أكثر من 1500 طالب، جاءوا الى قاطع السدود ، وتواصل عملهم مع اخوانهم ثلاثة أيام متواصلة من يوم 26 الى 28، آذار وليس هذا غريباً عن ما عرف به  الشاب العراقي في شهامة وغيرة على بلده... عسى يعي شبابنا الدرس و يعود هذا النفس الوطني ونخلص من اسطوانة اني شعليه ... وقابل بيت ابويه .. وخلي يولن ...
 المساحة التي غمرها الفيضان تجاوزت مليوني فدان ... عدد الذين نكبوا بسببها كان نحو ربع مليون نسمة ، الاضرار المادية تجاوزت خمسة وثلاثين مليون دينار ... غرقت بغداد الجديدة باكملها  ولم تبق منها الا مداخن كور الطابوق ،وغرقت حدائق الوزيرية بمياه المجاري ، وغرق معسكرالرشيد بما فيه من عتاد وارزاق.. وغرق كل ماكان خلف سدة ناظم باشا ،وكانت طائرات الهيلوكوبتر من نوع  سيكورسكيوالتي استلمت حديثا تنقذ المحصورين من المياه ،والقت هذه الطائرات 25 طناً من المواد الغذائية..تبرعت السعودية بمليون ونصف مليون ريال وتبرعت الكويت بمائة الف دينار ، و البحرين ب7500 دينار ، وقداسة البابا بثلاث آلاف دولار و الهند بأربعين الف روبية ، ،وايران بمليون ريال ايراني وجمعية الهلال الاحمر بخمسة الاف دينار ، وسمحت حكومة بغداد باجراء اكتتاب عام بمئة الف دينار ،وارسلت حكومات مصر وتركيا والاردن وسوريا بعثات طبية ،اما بريطانيا فقد تبرعت بالف خيمة وبخمسة ملايين كيس رمل نقلتها طائرات خاصة سقطت احداهن وقتل طاقمها ،وتبرعت امريكا بكمية كبيرة من الخيم ومواد الاسعاف.ولم تقتصر الاضرار على بغداد حسب فقد حل بلواء الكوت ما حل بلواء بغداد ، ولحقت لواء العمارة اضرار عظيمة ، وتعرض لواء البصرة إلى اخطار جسيمة وتعطلت الملاحة في دجلة..وانقطعت المواصلات بين بغداد ومعظم المدن الرئيسة ....

هناك تعليق واحد:

السنك

  تتفق اغلب  المصادر ان (السنك) كلمة تركية معناها (الذباب) وسبب تسميتها هو أن هذه المنطقة كانت  في الأصل (مزرعة بصل) فضلا عن زراعة أنواع الخ...