الأربعاء، 26 يوليو 2017

الخسوف والكسوف في الموروث الشعبي العراقي

الكسوف والخسوف ظاهرتان  طبيعيتان ..تحكمهما قوانين وضوابط ونواميس الطبيعة  ، ولا تحدثان بغيرهما ....خسوف القمر Lunar Eclipse هو اختفاء  سطح القمر أو جزء منه، عندما تكون الأرض بينه وبين الشمس، وقد يكون هذا الاختفاء جزئيـًا أو كليـًا. أما الكسوف Solar Eclipse فهو اختفاء الشمس أو جزء منها حينما يقع القمر بينها وبين الأرض وقد يكون جزئيـًا أو حلقيـًا أو كليـًا …ومنذ قديم الزمان  كان عرب الجاهلية الأولى يعتقدون أن القمر في ضائقة أو أسر ، فكانوا يضربون بالمعادن محدثين ضجيجـًا وجلبة ، ويقولون : يا رب خلـّصه …كما كان بعضهم يعتقد أن الكسوف يمكن أن يحدث لموت عظيم ..وقيل أن الشمس كسفت على عهد رسول الله الاعظم صلى الله عليه وآله  وسلم يوم مات فلذة كبده إبراهيم.. وسرى بين الناس أن ذلك وقع لموته ـ حتى بدّد  رسول الله هذا الفهم القاصر وتسامى فوق جراحه ، وصعد المنبر وخطب قائلاً "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله ، وإنهما لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته .. فإذا رأيتموهما فكبروا ، وادعوا الله ، وصلوا ، وتصدقوا" ...
ولكن المشكله ان  الفهم القاصر والخرافات والروايات الشعبية  مازالت سائده... وتحكم العقل البشري ..حيث  يعتقد العامة أن الحوتة تطارد القمر باستمرار ، وتقترب لحظة انتصارها لحظة  الخسوف ،لذا يلجأ  الناس إلى إطلاق الاصوات  ، وقرع الطبول والأواني لإخافة الحوتة وإعادتها إلى عالم المياه وتنتهي الخرافة بتراجع الحوتة إلى عالم البحاروانتصار  الحياة وروح الخير .. حين ينتهي الخسوف ، وعندئذٍ يخرج الناس يغنون ويدبكون احتفالاً باستمرار الحياة والوجود .. اهل  بغداد القدماء  يعتقدون بان  الحوت يبتلع القمر ، فتراهم يخرجون عند من بيوتهم فزعين .. ومنهم من يُوَلْوِل ، وآخرون يصيحون وهم يضربون الطبول وينظرون  نحو القمر هاتفين تهديدًا له :

 يا حوتة يا منحوتة هدّي قمرنا العالي

يا حوتة يا منحوتة هدّي قمرنا.. نريده

وإن كان ما تهدينه أدك لـه بصينية

هــدي قمــرنا العالـي هو علينا غالـي

وعلى ضفاف دجلة ـ وفي الفضاءات  المشكوفة  تقف النساء والأمهات المرضعات والحوامل باتجاه القمر ، بعضهنّ يمسك إما بخيوط قصار تتدلى منها كرات من الطين ، أو بخرزتين بيضاوين من الخرز المسمى " در النجف " حيث يعتقدن  أن الطين أو الخرز يتغير  لونه الطبيعي في أثناء الخسوف ، ويميل إلى زرقة غامقة تنفع الحامل والمرضع .. والجنين في الرحم، والرضيع في المهد وتقيهم شر ما يسمى الكبسة  والعين والحسد ... ومن عقائدهن  أيضـًا ، أن الحامل إذا مست بطنها عند خسوف القمر ولد الجنين ونصف وجهه أسود ـ كالقمر المخسوف  أما إن مستها عند كسوف الشمس فإنها تلد طفـلاً أحمر مزرقّ الوجه .... وهناك من تضع طشتا به ماء ـ طيلة فترة خسوف القمر ـ مع قراءة أدعية خاصة ، وتعتقد أن ذلك يجعل ماء الطست " بطلة " ناجعة في إبطال كل سحر إذا استحمت به المرأة المتزوجة ..
 كما كان الاهالي  يعتقدون  من لون الشمس والقمر انه إذا كان اللون أسوداً فان  مرضـًا في طريقه إليهم وإن كان اللون أحمر فهذا  يدل على الدم ولا بد من أن حربـًا ستنشب و تسيل فيها الدماء .. حتى اني سمعت من كبار السن ان حرب حزيران 1967  حدثت بعد حدوث خسوف للقمر ..
كل هذه العقائد والخرافات والتي اصبحت بالموروث الاجتماعي  بدأت بالانقراض .. الخسوف  والكسوف ظاهرتان طبيعيتان  لا علاقة للخرافة  بها ..  وقد أمر الرسول الاعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم  المسلمين بالدعاء والصلاة في إشارة إلى أن ما يحدث من تغير في النظام الكوني  هو آية من آيات الله حتى يتذكر الناس قدرة الله عز وجل

هناك تعليق واحد:

السنك

  تتفق اغلب  المصادر ان (السنك) كلمة تركية معناها (الذباب) وسبب تسميتها هو أن هذه المنطقة كانت  في الأصل (مزرعة بصل) فضلا عن زراعة أنواع الخ...