الأحد، 2 يوليو 2017

الاب انستاس الكرملي

اشهر من اهتم باللغة العربية في العراق .. ولد أَنِسْتاس ماري الألياوي الكَرْمِلي في 5/ آب/ 1866 ببغداد...اسمه الحقيقي  بطرس ميخائيل يوسف عوّاد.. و هو معروف باسم  الأب انستاس ماري الكرملي ، لأب لبناني وهو ميخائيل عواد.وأصله من (بحر صاف) من بكفّيا، بلبنان وأم بغدادية وهي مريم أوغسطين وسمي ( بطرس ) . درس في  مدرسة الآباء الكرمليين ثم مدرسة الاتفاق الكاثوليكي ، في السادسة عشرة من عمره ..وعندما لمس أساتذته شغفه باللغة العربية ونبوغه فيها ، تم تعيينه مدرسا للغة العربية ...
 في عام 1886 أرسل الى المدرسة اليسوعية في بيروت لدراسة اللغتين اليونانية واللاتينية ، ومدرسا  في ذات الوقت للغة العربية ، وفي نفس العام سافر الى بلجيكا حيث دخل سلك الرهبان في دير شفرمون ، واصبح اسمه منذ ذلك الحين انستاس ماري الكرملي
في عام 1888 إنتقل الى دير مونبيليه ( فرنسا ) ليقضي فيه ست سنوات في دراسة اللاهوت والفلسفة واللغات . وفي عام 1893 تم ترسيمه  كاهنا ً ليعود بعد عام الى وطنه العراق حيث تولى ادارة مدرسة الآباء الكرمليين لعدة سنوات ، ثم ترك الإدارة ليتفرغ تماما ً للبحث والدراسة والتأليف ..
اجاد الكرملي اللغات  الفرنسية ، اللاتينية ، اليونانية ، السريانية ، العبرية ، الحبشية ، التركية ، الفارسية ، الانكليزية ، الاسبانية ، والايطالية ، إضافة لنبوغه في اللغة العربية التي أحبها وعشقها وإعتبرها أغنى اللغات وأجملها..اصدر الكرملي عام 1911 مجلة " لغة العرب " الشهرية  وهي  اهم مرجع  تاريخي في التقصي والبحث عن احوال العراق والبلدان ولكنها توقفت عند اندلاع الحرب العالمية الاولى عام 1914 وتعرض للمضايقة والاضطهاد من قبل الاتراك ، نظرا لمواقفه الوطنية . واحرقت الكثير من كتبه وسيق الى المعتقل في مدينة قيصرية  وهناك تعرض لألوان التعذيب ، وبتدخل من  مطران الأرمن اطلق سراحه وعاد الى مدينته بغداد ، ليواصل جهوده الكبيرة في خدمة اللغة العربية والتاريخ...و لقد بلغ من شغفه باللغة العربية الفصحى أنه كان  يحسن الإصغاء إلى القرآن الكريم وهو ذلك الراهب الناسك ، وما مرة زاره فيها مقرئ العراق الشهير المرحوم  ( الحافظ مهدي ) إلا وألح ّ عليه بأن يتلو على مسامعه آيات من الذكر الحكيم ، فيشق سكون الدير ذلك الصوت الرخيم وكان الكرملي يصغي بكل جوارحه...
كان له في كل جمعة مجلس اسبوعي ذاع صيته و يسمى ( مجلس الجمعة ) والذي اضحى قبلة الادباء والعلماء والمفكرين  امثال  يوسف غنيمة ، حامد الصراف ، رزوق عيسى ، كاظم الدجيلي ، عبد الرزاق الحسني ، هاشم الوتري ، مصطفى جواد ، مهدي مقلد ، محمد رضا الشبيبي ، روفائيل ابو إسحق ، روفائيل بطـّي ، الملا عبود الكرخي ، عباس العزاوي ... وغيرهم...  كان هناك شرطان وضعهما العلامة الكرملي أمام رواد مجلسه ، وهما تحريم النقاشات السياسية والدينية ، وقد كانت فكرته تلك ذكية جدا ً ، لتجنب الاحتكاكات والإشكالات التي تحصل من الخوض في الموضوعين اعلاه .. اما الشرط الثاني فكان  الانصراف الى الأدب وأبحاث اللغة ..وهي بحد ذاتها موحدة للجميع  ، ومن النادر حدوث انقسامات وانشقاقات فيها..  كان مجلس الجمعة يبدأ في الثامنة صباحا ً ، وينتهي في الثانية عشرة ظهرا حيث يدق ناقوس الكنيسة ، مؤذنا حلول فترة الظهيرة..وكان يوفر طاولة وعليها الكتب والمجلات والجرائد المحلية والعربية والأجنبية الصادرة حديثا ً في مختلف اللغات ، ليطلع عليها مجلسه الذي كان بمثابة مجمع علمي عراقي مصغر ...
   كتب مقالات كثيرة وبحوثا ً قيمة جدا ً زادت عن الالف ، في مختلف الصحف والمجلات العلمية والادبية التي لها مكانتها في العراق او في خارجه و أصبح عضوا ً في مجمع الإستشراق الألماني ، والمجمع العربي في دمشق ، والمجمع العلمي في جنيف ، ومجمع اللغة العربية المصري ، ونال اوسمة وميداليات عالية في دول عديدة  منها انكلترا وفرنسا
   بتاريخ 7 / تشرين أول / 1928 كرم الاب انستاس الكرملي  من قبل رئيس الوزراء انذاك عبد المحسن  السعدون باحتفال كبير في داره .. كما أقيمت حفلة تكريمية اخرى للاب انستاس في نادي الكرمل بحيفا – فلسطين عام 1946 . وكان في حينها في الثمانينات من عمره ويصارع الشيخوخة وامراضها ..
توفي العلامة  الاب انستاس الكرملي في 7 / كانون الثاني/ 1947 ودفن في مقبرة اللاتين ببغداد ..

هناك تعليقان (2):

الاختلاف بين الشينغن والاتحاد الأوربي

شينغن  هي قرية صغيرة تقع في الجنوب الشرقي من لوكسمبورغ تشتهر بصناعة النبيذ واشتهرت هذه القرية بعد ان شهدت  في 14 يونيو 1985 توقيع اتفاقية شي...