الليلة الثالثة من المحرم .. الحسينيات والمجالس الحسينية

تنتشر الحسينيات  في الكثير من  البلدان العربية.. و الاسلامية وبالأخص العراق والكويت والبحرين واقطار الخليج العربي  والهند ، وإيران ، وأفغانستان ، وجنوب شرق اسيا  ، وبعض البلدان الافريقية والاوربية والامريكية ..

الحسينيات هي اماكن وبنايات اقيمت لخدمة المناسبات الدينية ..تسمى عند العرب  الحسينية  وعند الهنود  إمام بهره  وعند الفرس  مأتم سراً أو حسينية أو تكية  وسائر الأقطار تسميها باسمها العربي  الحسينية ..هذه المباني  يوقفها أصحابها لاقامة المناسبات الدينيه وخاصة مجالس الإمام الحسين عليه السلام ويوقف مؤسسوها عليها أوقافاً كثيرة وصدقات جارية ، تنفق إيراداتها وأرباحها على إدارة هذه الحسينية . وفي هذه الحسينيات تقام مجالس العزاء للامام الحسين  عليه السلام . حيث تغص بالمجتمعين والمستمعين من المسلمين ويرتقى الخطيب المنبر ويكون الخطيب من الرواة الذين يمتلكون ثقافة دينية عالية والمام باحداث التاريخ   ، فيفتتح كلامه بقراءة  آي من الذكر الحكيم ..وغالبا ما تكون هذه الاية ذات هدف تربوي اجتماعي ..  ويقوم بتفسيرها وفق مختلف الاراء الاسلامية ويستشهد بالاحاديث النبوية الشريفة  وأئمة اهل البيت الاطهار .. ثم يعرج على واقعة كربلاء   موجزاً أو تفصيلاً ، حسب مقتضيات المجلس وظروفه ..

يطلق على هذا الخطيب في أكثر البلدان العربية والاسلامية اسم خطيب المنبر الحسيني أو روضة خوان .. او روزخون ..وتعني قارئ الروضة ..والروضة مأخوذ من  اسم كتاب روضة الشهداء  للواعظ البيهقي ..

وللنساء أيضاً مجالسهن الحسينية...  ومنهن من تنشد الشعر الزجلي ارتجالاً ومجالسهن منفردة عن مجالس الرجال ، وترتقي مجالس الخطابه والنياح.. الملايه  ..ومن اشهر الملايات .. الملا وحيدة ـ بتشديد الياء ـ وكانت تنشد الشعر الزجلي ارتجالاً ، ولها مجموعة كبيرة من إنشائها في الحسين عليه السلام .. في هذه المجالس تطلب النساء حوائجهن من الله ببركة هذه المجالس..فهذه تطلب الولد الصالح وتلك تطلب ان يفتح باب الرزق لوليها وتلك تطلب ان ترزق الزوج الصالح والغالب الاعم منهن يطلب دوام الصحة والستر والعافيه .. وغالبا ما تنذر النساء  ان اجيب لمرادها ببركة هذه المجالس ان تقوم بعقد  مجلس او ان تساهم بتوسيع المجالس الحاليه.. وغالبا ما تقام المجالس النسائيه في البيوت وتقوم صاحبة المجلس غالبا بتهيئة مستلزمات المجلس من فرش واثاث  ومأكل ومشرب ..

وقد جرت العادة أن توزع في نهاية  هذه المجالس المأكولات والمشروبات  ، ونفقات هذه المجالس تبذل من المؤسسين لهذه المجالس او من  موقوفات الواقفين أو من خيرات أصحاب البر .

هذه المجالس لم تكن كما يتصوره البعض من مستحدثات القرون الوسطى والأخيرة ولكنها كانت  تقام منذ قديم الزمان وبشكل خفي .. ولكنها على زمن الدولة الصفوية  اتسع نطاقها ، واشتد إقبال الناس عليها ..

كما أثبت التاريخ أن جذور هذه المجالس  والمآتم كانت في العراق ثم اتسع نطاقها وامتدت الى الشعوب والأمم الأخرى ، كمصر على عهد الفاطميين ، وإيران على عهد الصفويين ، وسوريا والموصل ولبنان على عهد الحمدانيين .. حيث امتد الاشعاع الفكري لهذه المجالس  من العراق الى اقاصي الارض ..

جعلنا الله واياكم من محبي محمد وآل محمد