الجمعة، 29 سبتمبر 2017

ليلة الثامن من المحرم ...المسرح الحسيني .. الشبيه

من اهم ما يميز  مراسيم العزاء الحسيني هو الشبيه ...ويطلق عليه في العراق  التشابيه وهو تشبيه الشيء بمعنى اعادة تمثيله حيث يتم التعبير عن مسيرة الحسين عليه السلام  وعائلته الكريمة .من المدينة المنورة الى كربلاء . واحداث معركة الطف  باسلوب تمثيلي مسرحي حيث يقف الجمهور على جانبي مكان التمثيل على شكل مستطيل او دائرة وفي الوسط يقام الطقس الدرامي بدون الاعتماد على خشبة مسرح كما في التعزية الفارسية. وينقسم الممثلون او المشاركون في التشابيه الى مجموعتين... جيش الحسين عليه السلام  قرب خيامهم التي تميزها الرايات الخضراء والسوداء  ويرتدون الملابس الخضراء ..وفي الجانب الاخر جيش الخليفة الاموي ويرتدون الملابس الحمراء  وتكون راياتهم حمراء. ويظهر العرض المسرحي ايضا  مشاهد لحرق الخيم وسبي النساء وأسر الاطفال وغالبا ما يلاقي من يمثل دور الشمر قاتل الحسين اذى من بسطاء الناس...
ظهرالشبيه  بادئ الأمر في القرن العاشر الهجري في مراسيم العزاء الحسيني  على هيئة حصان مغطى بكفن مدمى وفيه بعض النبال ، يتقدم مواكب اللطم كأنه حصان الحسين عليه السلام بعد المعركة ...ثم توسع الى خيول متعددة ترافق المواكب .. ثم ظهرت شخصية الحر الرياحي ومعه بعض قادة الجيش الأموي برفقة هذه الخيول أمام المواكب ، وظهرت شخصية الامام علي بن الحسين السجاد..زين العابدين عليه السلام في هيئة  رجل عليل مكبل بالأغلال على صهوة جواده ، وسط الموكب.. والناس تلطم من فرط التأثر لمشهده ، ثم تطور بالتدريج الى ظهور الهوادج والنساء فيها كأنهن السبايا عائدين من الشام عبر العراق الى المدينة ، ويمرون بأرض الطفوف في كربلاء يوم زيارة الأربعين .. والجماهير الغفيرة تلطم متأثرة من هذا المنظر المفجع يتذكرون الموقف نفسه .. ثم تطور هذا العزاء بتوالي السنين بظهور أشخاص يتقمصون دور أصحاب الحسين وعدد من آل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يتقدمون مواكب العزاء ، ومعهم شبيه قادة الجيش الأموي .. وفي أواخر القرن الثاني عشر وأوائل الثالث عشر الهجري ، برزت شخصية الحسين عليه السلام وسط الشبيه ، يتقدم موكب العزاء ومن خلفه شخصية أخيه العباس  .
وتطور مكان موكب الشبيه الذي كان يأخذ مسيره عبر الشوارع والطرقات الى إقامة صرح له وسط الصحن أو الميدان ، وبجواره خيام تمثل خيام أهل البيت  .
ويمثل الشبيه قمة انواع الفن المسرحي الذي تتوافر فيه العناصر الاساسيه لهذا الفن من حيث الفكرة والقصة والاداء والجمهور والاخراج..
في سنة 1943 م كتب ستيون لويد خبير الآثار القديمة في العراق كتابه الموجز عن تاريخ العراق ، باسم  الرافدان  وقد حلل في عدد من صفحاته مقتل الحسين في كربلاء ، وهو يقول :
إن الفضاعة التي اقترفت في المعركة ، والفزع الذي أصاب المسلمين بقتله ؛ يكونان أسس المسرحية الأليمة( ويقصد هنا الشبيه ) التي تثير محبي اهل البيت في العالم الاسلامي كله في عشرة عاشوراء من كل سنة  .
وقد أورد الاستاذ فيليب حتى أستاذ التاريخ الاسلامي في جامعة برستن بأمريكا ، ذكر كربلاء في مواضع من كتابه المشهور  تاريخ العرب  باللغة الانجليزيةحيث يقول ما ترجمته :
إن حشود الزوار التي ما تزال تتدفق الى مشهد علي في النجف ومشهد ولده الحسين ـ سيد القديسين والشهداء عند الشيعة ـ في كربلاء القريبة من النجف ، والمسرحية الدينية التي تمثل سنوياً في العاشر من محرم في العالم الشيعي بأسره ، كل ذلك يشهد على أن الموت قد ينفع القديس أكثر من الحياة  .
جعلنا الله واياكم في ركاب محمد وآل محمد ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مستشفى ابن البيطار .

  كان تشارلس هاوهي  رئيسا للحكومة الايرلندية   في ثمانينيات القرن الماضي  وتمتع بعلاقة شخصية مع السلطات في بغداد ايام  كان وزيرا للصحة حيث ع...