عـرفت الهـوى مذ عرفت هـواكا واغـلـقـت قلـبـي عـمـن سـواكا
وكــنت أناجيـــك يـــا من تــرى خـفـايـا الـقـلـوب ولسـنـا نـراكا
أحبـــك حـبـيــن حـب الهـــــوى وحــبــــا لأنـــك أهـــل لـــذاكا
هي رابعة بنت إسماعيل العدوي
عراقية، ولدت في مدينة البصرة عام 100هـ وفق اصح الروايات ، من أب عابد زاهد فقير، وهي ابنته الرابعة وهذا سبب تسميتها رابعة
.. وتكنى بـأم الخـير و ترى المستشرقة الألمانية
"آن ماري شيمل"، أن رابعة العدوية هي المرأة الأولى التي تُدخِل فكرة الحب الإلهي
الطاهر في الفكر الصوفي ....لذا اعتبرت مؤسسة
مذهب الحب الإلهي وهو أحد مذاهب التصوف الإسلامي
توفي والدها وهي طفلة دون
العاشرة ولم تلبث الأم أن لحقت به، لتجد رابعة وأخواتها بلا عائل يُعينهن على
الفقر والجوع والهزال، فذاقت مرارة اليتم الكامل دون أن يترك والداها من أسباب
العيش لهن سوى قارب كان ينقل فيه الناس في
أحد أنهار البصرة .. فاضطرت رابعة لتعمل مكان أبيها لتعيل اخواتها .. واضطرت الى مغادرة منزلها مع أخواتها بعد أن شهدت البصرة جفاف وقحط ووباء وصل إلى حد المجاعة ثم فرق الزمن بينها
وبين أخواتها، و أصبحت رابعة وحيدة مشردة، في زمن انتشر فيه اللصوص وقُطَّاع الطرق، فخطفها أحد اللصوص وباعها كجارية بستة دراهم لأحد
التجار القساة الذي أذاقها سوء العذاب..
هنا اختلف المؤرخون في تصوير حياة وشخصية رابعة العدوية فقد صورتها
السينما والتي اعتمدت على بعض الروايات كفتاة لاهية تمرّغت في حياة الغواية والخمر
والشهوات قبل أن تعود إلى طاعة الله وعبادته، في حين ترى اغلب الروايات أن هذه صورة غير صحيحة ومشوهة لرابعة .. ولمن
يروم الاستزادة حول الموضوع مراجعة كتاب شهيدة العشق الإلهي للفيلسوف عبد الرحمن
بدوي
تغيرت حياة رابعة بشكل كامل بعد لقاءها بالصوفي البصري رياح بن عمرو القيسي..و استطاعت بعدها أن تنال
حريتها ... وولجت رابعة أبواب الزهد والتصوف وعالمه الرحب، .. كما أنها تأثرت برجل
آخر تربع على عرش التصوف في عصره وهو إبراهيم بن أدهم، فانتقلت رابعة من النقيض
إلى النقيض.. واصبحت من الزاهدين حيث حرصت
على لبس ما يستر جسدها ولو كان باليا، والزهد في الطعام ولو كان نفيسا، واصبحت
رابعة شيخة لمدرسة التصوف في العراق في زمنها، وكثر اتباعها في البصرة وبغداد في وما حولها من المدن العراقية وكان الشيخ الزاهد معروف الكرخي من معاصريها، وبفضل
تأثير شيخته رابعة توسعت رقعة التصوف من المشرق إلى مصر.
اشتهر عنها أنها كانت تصلي العشاء على سطح لها، وتدعو "إلهي! أنارت النجومُ، ونامت
العيون، وغلّقت الملوكُ أبوابها، وخلا كلّ حبيب بحبيبه، وهذا مقامي بين
يديك"، ثم تُقبل على صلاتها
توفيت رابعة العدوية عام 180 هـ . وقيل ان قبرها
بظاهر القدس على رأس جبل الزيتون ، وهذا
رأي ابن خلكان، وابن شاكر والكتبي والمقدسي غير أن هناك رأيا آخر، يرى البعض أنه الأصح، وهو رأي ياقوت الحموي الذي يقرر في
كتابه «معجم البلدان» أن قبر رابعة العدوية إنما هو بالبصرة، وأما القبر الذي في
القدس فهو لرابعة زوجة أحمد بن أبي الحواري حيث لم يثبت أن رابعة العدوية قد رحلت إلى الشام لكي تموت هناك ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق