بعد دخول الانكليز الى بغداد اتخذوا سياسة
الترغيب والترهيب لغرض السيطرة وتغيير المجتمع .. فبدأوا بالتحبب إلى الناس فكانوا
يشاركون ويشجعون الاهالي على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم على اداء مراسيمهم وطقوسهم دون
تدخل .. بل وتسهل لهم وسائل اداء هذه الطقوس .. ولكنهم ايضا اتخذوا سياسة متشددة ازاء
الامور العامة بغية فرضها على الاهالي الذين لم يكونوا يلتزمون بها مما ادى الى تنفير الناس منهم وخاصة ممن لايريد
للقانون ان يكون حاكما لتصرفاتهم ..
فقد اراد الانكليز فرض النظافة على الاهالي فرضا بعد ما وجدوا من اسباب القذارة
عند دخولهم بغداد وذلك
عندما دخل الانكليز بغداد وجدوها على درجة كبيرة من القذارة ، فبدأوا بفرض النظافة عليها بكل شدة حرصا على صحة جنودهم
منعا لانتشار الاوبئة فظهرت سمات النظافة في بغداد على نطاق واسع ، ولكن الناس صاروا
يتذمرون من الشدة التي استخدمت فيها .فعند اقتراب الصيف، وبدء انتشار مرض الكوليرا
في بغداد كما في كل عام ، صدرت الأوامر المشددة
بفرض التطعيم الاجباري على الناس ، وبنقل كل مريض مشتبه به الى مستشفى العزل ، ومنع
السفر الا لمن يحمل وثيقة تطعيم . وقد ضجت الناس من هذه الإجراءات ، فأخذوا يتهربون
من التطعيم ، ويتراكضون اذا سمعوا بقدوم رجال التطعيم اليهم . وصارت وثائق التطعيم
تباع في السوق السوداء لمن يريد السفر ، واذا اصيب أحدهم کتموا أمره حتى لا تنقله السلطة الى مستشفى العزل وتقتله هناك على
زعمهم ..
كما اتخذ الانكليز اجراءات صارمة ضد الاشقياء وحملة السلاح ، فقاموا بنصب المشانق
في بعض الساحات العامة ، وبدأوا بالقاء القبض
على كل من يتجول ليلا حاملا سلاحه ، ثم يشنقونه في الصباح التالي . وصار الناس يشاهدون
في صباح كل يوم جتنا جديدة معلقة على المشانق . وأخذ الناس يحاولون التخلص من أسلحتهم
برميها في النهر والآبار أو بدفنها تحت الارض . واشاعوا بين الناس أن الانكليز لديهم قطط قادرة على اكتشاف
السلاح المدفون في البيوت عن طريق الشم فاصبح
الناس يخافون من اقتناء الاسلحة ..
ومن المشاكل الحقيقية التي واجهها الناس في تلك الآونة هو الاختلاف بين الموظفين
الاتراك الذين كانوا رغم تكبرهم متساهلين في تطبيق الأنظمة والقوانين تحت تأثير الرشوة
او الوساطة..أما الموظفون الجدد فكانوا صارمين في تطبيقها و لا يراعون فيها أحدا ،
و يعاملون الناس بالعجرفة والفظاظة دون تساهل
..وهذا مالم تتقبله نفسية العراقي ..
ووصل الامر ان الانكليز كانوا يضربون
كل شخص يخالف نظام السير في الشوارع وعلى الجسور بصورة قاسية جدا دون اي تفريق بين مواطن بسيط او شخصية اجتماعية معروفة وتروي المصادر ان من بين الذين أصابهم الضرب عبدالرحمن أفندي الجميل
و عبدالقادر باشا الخضيري وغيرهم من الشخصيات المعروفة ومن الحوادث المعروفة ايضا عن
التطبيق الحرفي للقانون ماجرى لقافلة من الزوار
الايرانيين كانوا يعبرون الجسر على أقدامهم
طاعة للاوامر التي صدرت بمنع الركوب على الجسر ، ولكن واحدا منهم ظل راكبا لانه كان مقطوع الساقين
، وعندما رآه الجندي الانكليزي أخذ يضربه بعصاه الغليظة بشدة حتى ألقاه عن ظهر البغلة رغم صراخ الناس بانه مريض ومقطوع الساقين مما اضطر رفاقه أن يحملوه على اكتافهم ويعبروا به
الجسر وسط اتهامات المارة للجندي الانكليزي
بالقسوة وعدم الرحمة ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق