في الحلقة الثالثة والاخيرة من قصة
الشاي نتحدث اليوم عن قصة تروى عن ملك
سيام والشاي العراقي ..
في سنة 1957 قام ملك دولة سيام ( تايلند حاليا ) بزيارة بريطانيا العظمى تلبية
لدعوة رسمية مصطحبا معه ولده ولي العهد وزوجته
الحسناء والذين كانا يرومان قضاء شهر العسل في لندن ..واستمرت الزيارة عشرون يوما تم
خلالها تطبيع العلاقات المتوترة والمتكهربه بين الدولتين .. وعند انتهاء الزيارة
حدثت مشكلة بسبب كلب صغير كادت ان تنسف العلاقات بين بريطانيا ودولة
سيام وتدق طبول الحرب .. إلا ان
الامير الصغير تدارك الامر وقرر العودة فورا الى وطنه الام مع والده الملك وعروسه حاشيته بأقصى سرعة تحاشيا من تفاقم
الازمة وتطورها .
اقلعت طائرة ملك سيام مع الوفد المرافق له من مطار لندن
الدولي الى مملكة سيام ..وهبطت في مطار
بغداد المدني ( مطار المثنى حاليا ) بعد طيران دام سبعة ساعات من اجل الترانزيت
والتزود بالوقود وغيرها من اجراءات السلامة والصيانة الفنية . وكان على متنها ملك سيام الذي كان في غاية الغضب
والامتعاض من المشكله التي حدثت له في لندن و معه زوجته والمرافقين السياسيين
, كانت الاجواء ببغداد في غاية الروعة والانشراح حيث استقبلهم مدير تشريفات جلالة
الملك فيصل الثاني وقام بالتشريفات
اللازمة حيث توجه ملك سيام الى صالة
الضيوف الكبرى مع زوجته وولي العهد وعروسه
الحسناء اما الوفد المرافق للملك فقد
جلسوا في صالة الضيوف الخاصة بالمسافرين .
كان الوقت صباحا وتم تقديم الشاي
العراقي المهيل قبيل وجبة الفطور من قبل ابو صباح ذو الخمسين عاما والذي كان يدير
كافتريا المطار هو واولاده الثلاثة ..
لاحظ الجميع ان علامات الغضب قد اختفت من على وجه الملك بعد ارتشافه الشاي العراقي
وان علامات الانفراج وارضا كانت بادية على محياه .. طلب الملك المزيد من اقداح
الشاي له وللوفد المرافق ..
الارتياح الذي اصاب العائلة
المالكه لدولة سيام بعد شرب الشاي العراقي جلب للملك الشعور بالرضا وعدم الاستفزاز
.. مما دعا الملك الى استدعاء ابو صباح
صاحب الكافيتريا من اجل معرفة اسرار نكهة
وطعم هذا الشاي العراقي الاصيل .. حضر ابو صباح امام الملك .. وبعد سيل من كلمات الثناء والإعجاب طلب الملك شخصيا من ابو
صباح تعليم الوفد المرافق له طريقة اعداد هذا الشاي الذي يفوق جميع نكهات الشاي في
مختلف دول العالم .
قام ابو صباح بشرح طريقة اعداد الشاي للوفد المرافق وكيفية عمله بواسطة
السماور الامر الذي يعطيه هذه النكهة
المميزة والمنبعثة من دخان وجمرات النار المتقدة من اخشاب العراق وماء دجلة العذب الرقراق
.
قام الملك بعدها بتناول فطوره وكان عبارة عن الكباب والتكه والعروك والبيض واللبن الرائب ..
وكانت امارات الدهشة واضحة على وجوه الاسرة المالكه في سيام .. والملك بالذات ..
امر الملك بحمل المزيد من اقداح شاي ابو صباح لغرض شربه اثناء رحلة العودة الى سيام . و قام بإصدار اوامره بتغير طريقة اعداد الشاي في القصر الملكي السيامي من الطريقة المتبعة الى الطريقة
العراقية لعراقة النكهة وطيب المذاق كما امر مرافقيه بالتقاط الصور الفوتوغرافية
التفصيلية لطريقة اعداد الشاي حسب التقاليد
العراقية...و
قام ابو صباح بمليء عبوات ماء دجلة
وإهداء اكياس من الفحم الى ملك سيام ..
الصحف والمجلات السيامية خرجت
اليوم التالي بصور الشاي العراقي المعمول على الفحم والذي اعاد الهدوء والانشراح الى وجه مليكهم ..
وربما كان السبب في ابعاد شبح الحرب بينهم وبين بريطانيا ..