هل هي الصدفة وحدها تلك التي شاءت أن يقتل هذا الصحابي الجليل
والبطل الفاتح في الأرض التي أدخل إليها الإسلام وكان أول مسلم تطؤها أقدامه ؟
قال يعقوب بن سفيان : حدثنا حرملة ، ثنا ابن وهب ، أخبرني
ابن لهيعة ، عن أبي الأسود قال : دخل معاوية على عائشة فقالت : ما حملك على قتل أهل
عذراء حجر وأصحابه؟ فقال : يا أم المؤمنين ، إني رأيت قتلهم صلاحا للأمة ، وأن بقاءهم
فساد . فقالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " سيقتل بعذراء ناس
يغضب الله لهم وأهل السماء "
من مواليد القرن
السابع للميلاد أسلم حجر بن عدي مع أخيه هاني في مقتبل شبابه حينما وفد على النبي
(ص) في بداية بعثته الشريفة وأسلما على يديه وكان له بلاء عظيم في الدعوة إلى الإسلام
ونشره في أصقاع المعمورة وقد قاد جيش المسلمين لفتح (مرج عذراء) في بلاد الشام والتي
ختم فيها سجل حياته البطولية بعد ذلك فكان أول من وحّد الله عز وجل فيها حين افتتحها
ودخلها مكبّرا حيث يقول: (إني لأول فارس من المسلمين سلك في واديها وأول رجل من المسلمين
نبحته كلابها). كما شارك في القادسية. وكان مِمّن شارك في دفن أبي ذر الغفاري بالربذة
حينما توفي في عصر عثمان بن عفان.
بعد أن استولى معاوية على الخلافة أمر ولاته على البلاد بشتم
علي (ع) وأكد ذلك خاصة على والي الكوفة المغيرة بن شعبة فكان حجر يقف في وجه
الوالي بصلابه ففي أحد الأيام وقف في وجه المغيرة
بعد أن سب علياً وقال: إن الله عز وجل يقول: كونوا قوامين بالقسط شهداء لله, وأنا أشهد
أن من تذمُّون وتعيرون لأحق بالفضل وأن من تزكون وتطرون أولى بالذم.
وبعد موت المغيرة قام الوالي الجديد زياد بن أبيه ا باعتقال حجر ومعه
اثني عشر رجلاً من أصحابه ثم كتب زياد كتاباً فيهم إلى معاوية مضمونه (إن
حجرا وأصحابه خالفوا معاوية وفارقوا جماعة المسلمين) وفي الشام عرضت عليهم البراءة من علي كشرط للعفو عنهم :(إنا قد أمرنا
أن نعرض عليكم البراءة من علي واللعن له فإن فعلتم تركناكم وإن أبيتم قتلناكم وإن معاوية
يقول إن دماءكم قد حلت له بشهادة أهل مصركم عليكم غير أنه قد عفا عن ذلك فابرأوا من
هذا الرجل نخل سبيلكم). فرفضوا ذلك .
بعد ان بلغ ام
المؤمنين السيدة عائشة الخبر ، وكان ذلك سنة 51 ه .بعثت عبد الرحمن بن الحارث بن هشام
إلى معاوية تشفع في حجر وتسأله أن يخلي سبيلهم ، وكان الناس مع أم المؤمنين واثقون من نجاح مسعاها، فقال
معاوية : لا أحب أن أراهم ( يقصد الوفد) وقال : اقتلوهم عند عذراء ، فقال حجر : أما
والله إني لأول مسلم نبح كلابها في سبيل الله ، ثم أحضروا مصفودين ودفع كل رجل منهم
إلى رجل ، فقتله .
ورجع الوفد خائبا، فغضبت السيدة عائشة على معاوية حتى ان معاوية لما حج جاء إلى المدينة زائرا فاستأذن
على السيدة عائشة فمنعته, وقالت: لا يدخل عليّ
أبدًا، فلم يزل يتلطف حتى دخل فقالت: أقتلت حجرًا وأصحابه وفعلت الذي فعلت ، أما خشيت
أن أخبأ لك رجلا يقتلك؟ فقال: بيت الأمان دخلت، سمعت رسول الله يقول: الإيمان ضد الفتك
لا يفتك مؤمن وقالت: يا معاوية! أما خشيت الله في قتل حجر وأصحابه، قال: إنما قتلهم
من شهد عليهم! إني وجدت قتل رجل في صلاح الناس خير من استحيائه في فسادهم فدعيني وحجرا
حتى نلتقي عند ربنا عز وجل
في 27 نيسان 2013م قامت
عناصر إرهابية سيطرت
على منطقة عذرا بهدم ضريح حجر ونبش القبر بحجة أن( القبر أصبح مركزاً للشرك بالله) . و بعد
استعادة مدينة عدرا شرق دمشق من قبل الجيش السوري
تم إعادة إعمار مرقد الصحابي حجر بن عدي
عام 2016 ليكون قبلة للزائرين من مشارق الأرض
ومغاربها
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق