ثمن المبادئ.. اساتذة ضحوا بحياتهم

في تاريخ العراق المعاصر توجد بضعة حوادث تعرض فيها الاساتذة للقتل من قبل الطلبة بسبب التزامهم وعدم تخليهم  مبادئهم التربوية وحرصهم على اداء واجبهم بنزاهة  حتى وان كان الثمن .. حياتهم

الحادثة الاولى ... حادثة قيام احد طلبة كلية الحقوق  واسمه  داوود البياتي باطلاق النار على  استاذه الدكتور حسن سيف ابو السعود  المصري الجنسية يوم 20 حزيران 1938 فارداه  قتيلا ولما اراد عميد الكلية الدكتور محمود عزمي( مصري الجنسية ايضا ) التدخل في الموضوع تم اطلاق النار عليه من قبل الطالب  واصابه بجرح غير مميت  ثم اطلق  الطالب النار على نفسه فانتحر  ودلت التحقيقات ان السبب الوحيد لهذه الحادثة المؤلمة هو رسوب الطالب  ..قامت الحكومة العراقية بنقل الجريح و جثة الدكتور القتيل  جوا الى مصر  وتم تسليم جثة الطالب الى  اهله.. واصدرت  الحكومة قانونا خاصا لتعويض ورثه الاستاذ  القتيل والقصة معروفة  ورواها الاديب المصري زكي مبارك في كتابه ” ليلى المريضة في العراق ” كما ذكرها الاستاذ عبد الرزاق الحسني في الجزء الخامس من تاريخ الوزارات  العراقية ..

الحادثة الثانية ..في 28نيسان 1951 م وقعت أول عملية انتحارية في تأريخ العراق نفذها النقيب جلال عبدالرزاق الطالب في كلية الاركان   والذي كان مرافقا للوصي عبد الاله بعد فشله  في اجتياز امتحانات الدورة الاولى والثانية في كلية (الاركان) .. لذا بدأ بمراجعة الاساتذة الاخرين ليتوسطوا له لدى المقدم الركن محمد السبتي  المعلم في كلية الاركان العراقية.. ولكن دون جدوى..

 راجع بعدها رئيس أركان الجيش و وزير الدفاع ثم رئيس الوزراء من دون تحقيق نتيجة تذكر، واخيرا  لم يبق أمامه غير الوصي عبدالاله، فهو رئيس الدولة، وأستاذه كان مرافقا له، وليس من المعقول أن يرفض له طلبا، وبالفعل اتصل به ولكن المقدم الركم محمد سبتي  رفض قائلا  لعبد الاله سيدي : أنت تستطيع ان تستدعي أي كناس من الشارع وتجعل منه وزيرا، ولكنك لن تستطيع أن تجعل أي ضابط غير مؤهل يحمل شارة (ركن) وهو لا يستحقها..... أنني آسف لعدم الاستجابة لرجائك...

وبعد ان فقد  النقيب جلال عبد الرزاق الامل الاخير  قام الطالب  بتفخيخ نفسه واتجه الى غرفة أستاذه المقدم الركن محمد السبتي ، وهجم عليه  وقام بتفجير نفسه مما ادى الى  استشهاد الاستاذ  ومقتل الطالب

الحادثة الثالثة ..بعد هذه الحادثة بعشرين  سنة وفي  يوم 4/7/1970 قتل رئيس جامعة البصرة الدكتور خليل حميد الطالب  وهو من مدينة الموصل على يد طالب في الصف الثالث بكلية الهندسة اسمه (موسى عبد الحميد ) وهو من اهالي بغداد وكان  رئيسا للاتحاد  الوطني لطلبة العراق بجامعة البصرة ..حيث اصدر رئيس الجامعة  قرارا  بفصل الطالب المذكور بسبب الغش  في الامتحان النهائي.. قام الطالب على اثرها  بالدخول عنوة الى غرفة رئيس الجامعة المجني عليه الدكتور خليل الطالب وحدثت مشادة كلامية .. شهر القاتل بعدها مسدسه بوجه رئيس الجامعة  الذي استطاع الافلات  من غرفته  وكان المتهم يتبعه داخل ممرات الجامعة  ويرمي النار وراءه الى ان دخل الى احدى الغرف بالجامعة واجهز عليه باربع اطلاقات نارية ... فارق المجني عليه الحياة على اثرها ..

ولبشاعة الحادثة تم احالة المتهم في نفس اليوم  الى محكمة الثورة والتي انعقدت في الساعة الثامنة والنصف من مساء نفس اليوم في مكان الحادث في  البصرة واصدرت حكمها باعدام المتهم شنقا حتى الموت كما امر  الرئيس العراقي الاسبق احمد حسن البكر  بإعدامه على باب الجامعة وامام الطلبة فأعدم في اليوم التالي ..

ايضا لا بد من ذكر  حادثة اغتيال الدكتور محمد شعبان احد رؤساء الاقسام  في الجامعة التكنولوجية في اوخر الثمانينات من قبل طالب راسب بالامتحان حيث دخل الطالب على الاستاذ  في غرفته وطلب منه التدخل وتغير  حالته من الرسوب الى النجاح  وعندما اخبره بانها  ليس من صلاحيته وان عليه مراجعة اللجنة الامتحانية  وتقديم اعتراض وفق القانون ..شهر عليه سكينا وطعنه في رقبته مما ادى الى وفاة المرحوم الدكتور محمد شعبان والقي القبض على الطالب وتمت احالته الى المحكمة  وتمت معاقبته بالاعدام  وتم تنفيذ الحكم واعدام الطالب في الجامعة التكنولوجية.

الحادثة الاخيرة التي سنمر عليها هي حادثة مقتل الدكتور ضياء نوري حسن الموسوي ... استاذ التشريح والطب العدلي في كلية الطب  جامعة بغداد .. والذي قتل عام 1985 مسموما بمادة سيانيد البوتاسيوم القاتل من قبل احدى طالبات الصف الرابع طبية والتي كانت تعاني من الفصام حيث دست له السم في المرطبات بمناسبة عيد المراة وكاد السم يفتك ايضا بمساعده د جبار لولا تحذير د ضياء له قبل تناوله ....ولم تثبت التحقيقات حينها  وجود عداء شخصي  أو إغتيال منظم بل هي حادثة فردية قامت بها طالبة تحت تاثير نفسي معيّن.

 الصور المرفقة للمرحوم الاستاذ الدكتور  خليل حميد الطالب  رئيس جامعة البصرة