الثلاثاء، 27 مارس 2018

جليب الماء .. ماكسويل

في موروثنا الشعبي يقولون (جليب الماي مطلوب على جلده) ولمن يجيد السباحة يقولون (جنك جليب الماي)
..(ماكسويل) نوع نادر من انواع كلاب الماء  لا  يعيش الا في اهوار العراق وهي موطنه الاصلي منذ آلاف السنين.. يسمى بالعامية (جليب الماي) وهو يشبه (القطة) ولكنه أكبر منها .. رأسه مدور وذيله غليظ نهايته مدببة وطوله أكثر من متر .. أسنانه حادة واصابعه ملتصقة بغشاء رقيق يساعده على السباحة .. يكسو جلده فرو ناعم ثمين يستعمل لصنع الملابس الفاخرة .. يتواجد في الأهوار النائية الموحشة والتي يصعب على الإنسان من الوصول اليها ليكون في مأمن من الصيادين والاخطار التي تهدده..ويتخذ من الجزر الطافية في الاهوار مقراً وسكنا .. و يتخذ من الممرات المائية ذات التيار القوي (الكواهين) ملعباً للسباحة والصيد ..ويحبذ الأسماك الصغيرة أما الاسماك الكبيرة فيصطف معها ويقطع زعانفها الأمامية والخلفية حتى يشل حركتها فيقتلها ثم يسحبها بأسنانه إلى الجزرة التي تتواجد فيها أنثاه وصغارها الجياع والذين هم بانتظاره..
يتكاثر في شهر شباط من كل سنة وغالبا ما  تلد انثاه أكثر من جرو وهناك تفاهم وتحابب ومودة بين الذكر وألانثى حيث لا يفارقها مطلقاً الا في الايام الأولى للولادة..
الرحالة البريطاني گَيفن ماكسويل صاحب كتاب " قصبة في مهب الريح" اشهر كتاب عن حياة الاهوار وخلال جولاته عام 1954 .. حصل على جروين صغيرين اسماهما (كحلاء ومجبل) توفي كحلاء و اخذ معه مجبل  إلى لندن .. حيث تربى هذا الجرو في بيت ماكسويل و كان يعتني به بشده لكن ماكسويل  احس ان مكانه ليس هنا فقام باخذه الى جمعية علوم الحيوان في لندن.. وهناك كانت المفاجأة حيث  اكتشفوا ان هذا الصنف غير مسجل ضمن اصناف كلاب الماء المعروفة وليس له اسماً علمي  فسماه (مكسو يلي) ... وبينما كان مجبل يتجول في ريف لندن دهسه سائق اسكتلندي بطريق الخطأ فمات. ودفن في احد ضواحي لندن.وتكريما لمجبل فقد تم تم انشاء نصب تذكاري لذلك الكلب العراقي الذي مات في ديار الغربة بعيداًعن موطنه الاصلي ..
اما عندنا في موطنه فقد تعرض هذا النوع من كلاب الماء  إلى القتل والابادة من قبل  من قبل  صيادين يطلق عليهم (الرماية)  حيث يبيعون فراءه الغالي الى تجار  متجولون يسمون (الصفاطة)..وعملية صيده ليست سهله ففيها مجازفة وخطوره  فهذا النوع  له حاسة شم قوية ويسرع بالهرب عندما يشم رائحة الإنسان لذا  يبقى الصياد بعكس اتجاه الريح ليلة كاملة بانتظار صعوده الى الجزر في الاهوار حيث يطلق النار عليه هو وأنثاه من بندقيته محلية الصنع تسمى (جعازة) ثم يقوم بسلخهما  وتحنيطهما  باستخدام القصب والبردي حتى لا تتقلص الجلود ويتركها لتجف .. ولا تستخدم الفالة نهائيا  في عملية الصيد خوفا من تمزق الجلد  فتقل قيمته ...
عام 1992  ارتكب النظام السابق جريمته الكبرى بتجفيف الاهوار والتي كانت من  اكبر  الكوارث البيئية والاجتماعية والثقافية .. حيث  أصبحت الأهوار صحراء قاحلة لا نبات فيها ولا ماء وهاجر أهلها من قراهم العائمة إلى المدن وتعرضت جميع الاحياء المائية إلى الابادة التامة ومنها هذا النوع من كلاب الماء حيث مات اغلبها العطش والجوع وما تبقى من هذه الكلاب لايعرف  مصيرها  وربما  هاجرت إلى الأنهر القريبة وقد اخبرني احد الاخوة انه شاهد جليب المي وهو يسبح برشاقة في نهر دجلة مقابل قرية القاظية في الموصل و هو نفس النوع الموجود في الاهوار.وفي دراسة حديثة تم تسجيل الماكسويلي في الزاب الاعلى في محافظة اربيل هذا مع العلم بان هناك نوع آخرمنتشر بكثرة نوعآ في اغلب انهار واهوار العراق وهو المسمى علميآ Lutra lutra

 صور نادرة لكلب الماء السومري ..مجبل  بين ايدي الرحالة كيفن ماكسويل  ..اضافة الى صورة للتمثال الذي اقيم له هناك ..

هناك تعليق واحد:

مستشفى ابن البيطار .

  كان تشارلس هاوهي  رئيسا للحكومة الايرلندية   في ثمانينيات القرن الماضي  وتمتع بعلاقة شخصية مع السلطات في بغداد ايام  كان وزيرا للصحة حيث ع...