السبت، 4 يوليو 2020

مدارس الأليانس في العراق:

شهد القرن التاسع عشر صراعا قويا بين فرنسا وبريطانيا في كسب النفوذ في العراق عبر أرسال بعثات تبشيرية و أدرك رؤساء الدين اليهود في العراق أن نجاح التبشير ناتج عن جهل اليهود وارادوا تطوير مستوى التعليم الديني ..ولكن التجار واغنياء اليهود عارضوا ذلك وطالبوا بالأرتقاء بهم إجتماعيا وثقافيا عبر الأستعانة بخدمات جمعية الأليانس الفرنسية والتي افتتحت اول مدارس الأليانس في بغداد في10 كانون الأول سنة 1864 واشترطت يكون منهجها علمانيا بعيدا عن التعليم الديني وشغلت المدرسة مبنى صغيرا في محلة تحت التكية وكلف مسيو نريسون من فرنسا بإدارة المدرسة وكان التدريس باللغة الفرنسية.وجابهت المدرسة فورا تحديات الهيئة الدينية احتجاجا على البرامج العلمية حيث أصدر رجال الدين اليهود فتاوى تمنع الأسر من أرسال أولادهم للدراسة مما ادى الى اغلاق المدرسة وعودة مديرها الى فرنسا. بعد محاولات عديدة حصلت القوى المستنيرة على دعم الحاخام عبد الله سوميخ حيث اعلن تأييده لموقف جمعية الأليانس وقام بالحاق ابنه بالمدرسة التي افتتحت ثانية في تشرين الأول 1865 وتم تعيين مسيو ماركس مديرا للمدرسة . أنتقلت المدرسة سنة 1874 الى مبنى جديد تبرع به التاجر ألبير داود ساسون. افتتحت بعدها روضة للأطفال سنة 1899 وفي سنة 1902 تبرع مناحيم صالح دانيال ببيته القريب من الأليانس ليكون مدرسة متوسطة تحمل اسمه ... الدراسة فيها كانت على مرحلتين الاولية ومدة الدراسة أربع سنوات يعقبها المرحلة الرشدية ومدة الدراسة فيها سنتين حسب النظام العثماني يتأهل الطالب بعدها الى المرحلة المتوسطة ... بالاضافة الى منهج خاص لتعليم اللغة الفرنسية يحصل بموجبه الطالب على شهادة خاصة تؤهله للدراسة في الأعداديات الفرنسية. بعد تأسيس الحكم الوطني أصرت وزارة المعارف العراقية على أن تكون اللغة العربية لغة التدريس وبطلب من الحكومة البريطانية بدأ تدريس اللغة الأنكليزية مقابل مبالغ ماليه تدفعها بريطانيا ... اشتهرت الأليانس بمستواها الراقي الذي طغى على باقي المدارس الحكومية والأجنبية مما حفز بعض الأسر البغدادية من غير اليهود للألتحاق بها وتخرج منها شخصيات عراقية التي صار لها لاحقا دورا فعالا في الحقل السياسي والأجتماعي مثل رئيس الوزراء توفيق السويدي ووزير المالية يوسف رزق الله غنيمة والوزير العلامة محمد بهجت الأثري إضافة الى الشخصيات اليهودية مثل ساسون حسقيل وأنور شاؤول ومير بصري. في مطلع 1893 أفتتحت الأليانس مدرسة ابتدائية لتعليم البنات تولت ادارتها مدام دانون واستقدمت عدد من المعلمات من فرنسا وبعد تخرج الدفعة الاولى من العراقيات تم تعيين بعضهن لتدريس اللغة العربية واللغة العبرية . وشهدت المدرسة توسعا بعد تبرع السير ايلي خضوري سنة 1911 ببناء مبنى كبير في محلة التوراة تكريما لروح زوجته باسم مدرسة لورا خضوري. وضمت البناية 29 صفا أضافة الى الغرف الأدارية ومستوصف ومختبرات علمية لتصبح مدارس الأليانس قبيل الحرب العالمية الأولى من أهم المدارس في العراق. سنة 1908 اعترفت الحكومة العثمانية بشهادة الاليانس مما اهل خرجيها للألتحاق بالكليات في تركيا ومكنتهم من الحصول على وظائف حكومية وممارسة مهنة التعليم والتحقوا أيضا بالمهن الحرة واندمجوا في حياة الدولة. بعد بغداد افتتحت الاليانس مدرسة في البصرة سنة 1903 وبعدها بثلاث سنوات افتتحت المرحلة المتوسطة واتخذت الأدارة قرارا جريئا بجعل الدراسة مختلطة .. و كانت مدرسة الاليانس في بغداد هي الوحيدة التي أستمرت في التدريس بدون أنقطاع عند دخول الجيش البريطاني الى بغداد حيث اغلقت باقي المؤسسات التعليمية الحكومية والأجنبية أبوابها .. افتتحت الاليانس مدارس في الموصل 1906 وفي الحلة 1907والعمارة 1910 وخانقين 1911 وكركوك 1912 ولكنها لم تكن بمستوى مدارس بغداد والبصرة. في ثلاثينات القرن العشرين قطع المقر الرئيسي في باريس المعونة المالية من الأليانس وبدأت المدرسة تفرض رسوما دراسية على الطلبة وقلصت القبول المجاني لأبناء العوائل الفقيرة مما دفع البعض الألتحاق بالمدارس الحكومية مما اضطر الطائفة اليهودية الى تمويل المدرسة اضافة الى منحة سنوية استمرت وزارة المعارف بتقديمها حتى تم إغلاق هذه المدارس سنة 1951 بعد الهجرة شبه الجماعية لليهود من العراق ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

السنك

  تتفق اغلب  المصادر ان (السنك) كلمة تركية معناها (الذباب) وسبب تسميتها هو أن هذه المنطقة كانت  في الأصل (مزرعة بصل) فضلا عن زراعة أنواع الخ...