في خمسينيات القرن الماضي كلفت
الحكومة العراقية المعماري فرانك لويد
رايت لتقديم تصماميم دار للاوبرا في المنطقة
المحصورة بين جسري الجمهورية والسنك
الحالي..
في يوم عيد ميلاده التسعين المصادف الثامن
من حزيران عام 1957 أعلن رايت في
مدينة سبرنك كرين في الولايات المتحدة الأمريكية
وبحضور عائلته و 125 من ضيوفه، انه قد كلف من قبل ملك العراق لتخطيط وتصميم
مركز ثقافي على ضفاف دجلة في بغداد واطلق عليه اسم جنة عدن وقال
إنها أجمل هدية عيد ميلاد وقال “ انا لا ابالي ببناء دار للاوبرا في
نيويورك او لندن، لكن بناءها في بغداد لها قصة مختلفة”.
في الأسبوع الأخير من شهر حزيران عام 1957 توجه رايت الى بغداد ومن الطائرة
شاهد جزيرة أم الخنازير (الأعراس حاليآ) واثارت اعجابه . وصل بغداد وكان في انتظاره المعمار الإيراني
نظام أميري أحد أهم طلابه والذي كلفه ليكون هو المسؤول عن المشروع كما كان في انتظاره
المعمار نزار جودت الأيوبي (أبن رئيس الوزراء في حينه ) ونزل في فندق الخيام
المجاور لسينما الخيام والذي كان قد افتتح للتو.
تجول رايت في أنحاء بغداد والتقى رئيس مجلس الإعمار ضياء جعفر وناقش
المشروع مع أعضاء المجلس.. كما تم تكليفه
ايضا بتصميم البناية المركزية للبرق والبريد في نفس الموقع الذي تحتله الآن بناية
البريد المركزية في السنك والتي صممها
لاحقا المعمار رفعت الجادرجي..
التقى رايت مع الملك فيصل الثاني
وأعرب رايت عن عدم صلاحية المكان المقترح
لانشاء دار الاوبرا واقترح موقع
جزيرة أم الخنازير (الأعراس) .. فرد عليه الملك ... (الجزيرة لك ياسيد رايت).
كان على رايت أن يضع أفكاره ضمن ميزانية محددة وهي مليون ونصف دولار، والتي
كانت في حينها تعد ميزانية كبيرة ...
إعادة تسمية جزيرة أم الخنازير من إسمها الى جنة عدن في تصاميمه وضع
دائرتان متداخلتان، الدائرة الصغيرة كانت هي دار الاوبرا والدائرة المحيطة بها هي
الحديقة الكبيرة التي اسمها عدن. وفي الطرف الاخر من الجزيرة، وضع رايت زقورة
يعلوها تمثال هارون الرشيد الذي وصل ارتفاعه ٣٠٠ قدم..
أما الجزيرة فقد جعلها ترتبط بجسرين أحدهما واطئ يعبر الجزء الضيق من النهر
حيث يوصل الجزيرة بالكرخ عند حي القادسية
الحالي والذي ينتهي بحدائق وممشى وشارع الملك فيصل، يصل الى ساحة كبيرة وهو محورالتصميم الأساس وقلبه النابض، يتعامد
عليه شارع رئيس يربط بين تمثال هارون الرشيد في الشمال ودار الأوبرا في الجنوب أي
ان دار الأوبرا تشكل الجانب الجنوبي من
الجزيرة وتمثال هارون الرشيد يشكل الجانب الشمالي للجزيرة.
، وعلى هذا الشارع صمم رايت متحف وقاعة فنون وأسواق ...الجسر الثاني وهو الأكبر يعبر الجزء الواسع من نهر
دجلة ويربط الجزيرة بالجادرية..حيث كانت
الحكومة العراقية تزمع بناء جامعة بغداد ويضم الجسر جملة من الأكشاك وأضاف له
الطرق ومواقف السيارات التي تخدم احتياجات النقل في الحرم الجامعي، ثم حجز مساحة
داخل الحرم خالية من حركة السيارات للمشاة فقط، وأضيفت لها النافورات والحدائق
لتميّزها وخلق بيئة الحدائق الطبيعية مع مرافئ.
وبعد ثمانية أشهر، أكمل رايت الجزء الأكبر من مخططاته في بداية مايس/ أيار
1958. وكانت بإظهار جيد وبعدد كبير من الرسوم والمخططات المعمارية، وأرسلها إلى
مجلس الإعمار في بغداد وكان فرحاً جداً وفخوراً بهذا الإنجاز وهو يعرض التصاميم في
مكتبه واعتبرها خيرة ما أنتج في سني حياته الأخيرة.ولكن مجلس الإعمار تأخر في الإجابة بسبب قيود
التكلفة الكبيرة للمشروع .. وبعد التغيير من الحقبة الملكية الى الجمهورية اعتبر
المشروع خيالياً ضخماً مكلفاً لا يمكن تنفيذه في الحال بالنظر لتوجه الحكومة لإعمار الأمور الملحّة مثل
الإسكان وبناء المدن الجديدة، ونفذت تصاميم مباني جامعة بغداد والتي قدمها المعمار الكبير والتر كروبيس ..
بعد عام 2003 كلفت المهندسة
المعمارية العراقية الراحله زها حديد لتصميم دار الاوبرا الجديد للمدينة لكنها
رفضت المشروع في وقتٍ لاحق.
من عدة مصادر بتصرف
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق