ايوب ديالو .. تاجر العبيد ومحررهم ..

ولد أيوب بن سليمان ديالوعام  1702في بلاد البند الواقعة في السنغال حالياً من عائلة مسلمة ثرية  تتاجر بالرقيق .. أرسله والده عام 1730 م إلى زامبيا لبيع اثنين من «العبيد» الى قائد احدى السفن الانكليزية . لكنه فشل في الاتفاق على سعر مناسب..فقرّر الذهاب إلى داخل البلاد لإيجاد مشتري . وفي الطريق، أسرته قبيلة منافسة وباعته إلى نفس  قائد السفينة الذي تفاوض معه سابقاً. والذي نقله الى امريكا حيث بيع لصاحب مزرعة تبغ  والذي  اجبره على تغيير اسمه  الى”.سيمون”.. 

القي القبض عليه بعد هربه من سيده عام 1731م.. و احيل الى المحكمة حيث تم سجنه. و في السجن  تعرف على رجل الدين توماس بلوت.. والذي أعجب بذكائه ومعتقداته الدينية ومكانته الاجتماعية وقام بلوت بإقناع المسؤولين بان ديالو من  طبقة الأمراء.

عام 1733م،اشتراه السياسي البريطاني  جايمس أو غلثورب..وتم اعتاقه ووصل الى لندن  واصبح مشهورا في الدوائر الأرستقراطية فجرى تعريفه إلى الملك جورج الثاني والملكة كاثرين التي قدّمت له ساعة ذهبية. وهناك أقام صداقات مع المثقفين والمفكرين الذين قادوا في النهاية حملة لالغاء العبودية. ومن دائرة أصدقاء ديالو كان هناك مجموعة من رجال الدين من الكنيسة الإنجليكانية، وأعجب هؤلاء بقدرات ديالو الذهنية وقدرته على قراءة القرآن الكريم عن ظهر قلب. كما ساعد السير هانز سلون على ترجمة معاني القرآن. وخلال فترة  إقامته في إنكلترا قام بنسخ  ثلاث نسخ من القرآن الكريم  غيبا ومن الذاكرة فقط ..

قام الفنان الانكليزي وليام هوري برسم  لوحة كبيرة  لايوب  ديالو وهو يرتدي الزي التقليدي الافريقي  ويضع  نسخة من القرآن المكتوبة بخط يده على رقبته ويقول الخبراء إنها أول لوحة رسمت في بريطانيا لأفريقي مسلم. الديانة في أجواء تلك العبودية والعنصرية المقيتة التي كانت تجتاح أوروبا والغرب.

اللوحة كانت في حوزة عائلة بريطانية منذ أربعينات القرن التاسع عشر (1840). وخلال هذه الفترة الزمنية لم يعرف خبراء تاريخ الفن بوجودها، وبقيت مجهولة الهوية منذ ذلك التاريخ.

عام 2007 وافقت هيئة المتاحف القطرية في الدوحة  والتي يبدو انها كانت تملك اللوحة على إعارة اللوحة  الى المتحف الدولي للرق بمدينة ليفربول الانجليزية لمدة خمس سنوات. لتسليط الضوء على دور المدينة الانجليزية في تجارة الرقيق  حيث ضم المتحف مجموعة كبيرة من المقتنيات عن تجارة العبيد في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر  وقد احتلت  لوحة (أيوب سليمان ديالو) للفنان وليام هور مكان الصدارة«البورتريه غاليري»

في  تموز عام 1734م وبعد  عام قضاه في لندن  ، عاد أخيراً إلى بلده حيث أسّس علاقات تجاريّة متواصلة مع البريطانيين و استمر ديالو بتجارة  العبيد، لكنه وقع اتفاقا مع الشركة المالكة لأفريقيا أن يحرر أي عبد من أصول إسلامية يقع في قبضة الشركة. وتوفي ديالو  عام 1774  عن 72 عاما بعد 40 عاما من عودته  الى افريقيا . والعجيب في حياته انه رغم كونه متدينا  فانه كان من اهم تجار الرقيق في افريقيا  .. هذه التجارة التي الغتها بريطانيا عام 1833  من جميع جميع أراضي الإمبراطورية

ثمن المبادئ.. اساتذة ضحوا بحياتهم

في تاريخ العراق المعاصر توجد بضعة حوادث تعرض فيها الاساتذة للقتل من قبل الطلبة بسبب التزامهم وعدم تخليهم  مبادئهم التربوية وحرصهم على اداء واجبهم بنزاهة  حتى وان كان الثمن .. حياتهم

الحادثة الاولى ... حادثة قيام احد طلبة كلية الحقوق  واسمه  داوود البياتي باطلاق النار على  استاذه الدكتور حسن سيف ابو السعود  المصري الجنسية يوم 20 حزيران 1938 فارداه  قتيلا ولما اراد عميد الكلية الدكتور محمود عزمي( مصري الجنسية ايضا ) التدخل في الموضوع تم اطلاق النار عليه من قبل الطالب  واصابه بجرح غير مميت  ثم اطلق  الطالب النار على نفسه فانتحر  ودلت التحقيقات ان السبب الوحيد لهذه الحادثة المؤلمة هو رسوب الطالب  ..قامت الحكومة العراقية بنقل الجريح و جثة الدكتور القتيل  جوا الى مصر  وتم تسليم جثة الطالب الى  اهله.. واصدرت  الحكومة قانونا خاصا لتعويض ورثه الاستاذ  القتيل والقصة معروفة  ورواها الاديب المصري زكي مبارك في كتابه ” ليلى المريضة في العراق ” كما ذكرها الاستاذ عبد الرزاق الحسني في الجزء الخامس من تاريخ الوزارات  العراقية ..

الحادثة الثانية ..في 28نيسان 1951 م وقعت أول عملية انتحارية في تأريخ العراق نفذها النقيب جلال عبدالرزاق الطالب في كلية الاركان   والذي كان مرافقا للوصي عبد الاله بعد فشله  في اجتياز امتحانات الدورة الاولى والثانية في كلية (الاركان) .. لذا بدأ بمراجعة الاساتذة الاخرين ليتوسطوا له لدى المقدم الركن محمد السبتي  المعلم في كلية الاركان العراقية.. ولكن دون جدوى..

 راجع بعدها رئيس أركان الجيش و وزير الدفاع ثم رئيس الوزراء من دون تحقيق نتيجة تذكر، واخيرا  لم يبق أمامه غير الوصي عبدالاله، فهو رئيس الدولة، وأستاذه كان مرافقا له، وليس من المعقول أن يرفض له طلبا، وبالفعل اتصل به ولكن المقدم الركم محمد سبتي  رفض قائلا  لعبد الاله سيدي : أنت تستطيع ان تستدعي أي كناس من الشارع وتجعل منه وزيرا، ولكنك لن تستطيع أن تجعل أي ضابط غير مؤهل يحمل شارة (ركن) وهو لا يستحقها..... أنني آسف لعدم الاستجابة لرجائك...

وبعد ان فقد  النقيب جلال عبد الرزاق الامل الاخير  قام الطالب  بتفخيخ نفسه واتجه الى غرفة أستاذه المقدم الركن محمد السبتي ، وهجم عليه  وقام بتفجير نفسه مما ادى الى  استشهاد الاستاذ  ومقتل الطالب

الحادثة الثالثة ..بعد هذه الحادثة بعشرين  سنة وفي  يوم 4/7/1970 قتل رئيس جامعة البصرة الدكتور خليل حميد الطالب  وهو من مدينة الموصل على يد طالب في الصف الثالث بكلية الهندسة اسمه (موسى عبد الحميد ) وهو من اهالي بغداد وكان  رئيسا للاتحاد  الوطني لطلبة العراق بجامعة البصرة ..حيث اصدر رئيس الجامعة  قرارا  بفصل الطالب المذكور بسبب الغش  في الامتحان النهائي.. قام الطالب على اثرها  بالدخول عنوة الى غرفة رئيس الجامعة المجني عليه الدكتور خليل الطالب وحدثت مشادة كلامية .. شهر القاتل بعدها مسدسه بوجه رئيس الجامعة  الذي استطاع الافلات  من غرفته  وكان المتهم يتبعه داخل ممرات الجامعة  ويرمي النار وراءه الى ان دخل الى احدى الغرف بالجامعة واجهز عليه باربع اطلاقات نارية ... فارق المجني عليه الحياة على اثرها ..

ولبشاعة الحادثة تم احالة المتهم في نفس اليوم  الى محكمة الثورة والتي انعقدت في الساعة الثامنة والنصف من مساء نفس اليوم في مكان الحادث في  البصرة واصدرت حكمها باعدام المتهم شنقا حتى الموت كما امر  الرئيس العراقي الاسبق احمد حسن البكر  بإعدامه على باب الجامعة وامام الطلبة فأعدم في اليوم التالي ..

ايضا لا بد من ذكر  حادثة اغتيال الدكتور محمد شعبان احد رؤساء الاقسام  في الجامعة التكنولوجية في اوخر الثمانينات من قبل طالب راسب بالامتحان حيث دخل الطالب على الاستاذ  في غرفته وطلب منه التدخل وتغير  حالته من الرسوب الى النجاح  وعندما اخبره بانها  ليس من صلاحيته وان عليه مراجعة اللجنة الامتحانية  وتقديم اعتراض وفق القانون ..شهر عليه سكينا وطعنه في رقبته مما ادى الى وفاة المرحوم الدكتور محمد شعبان والقي القبض على الطالب وتمت احالته الى المحكمة  وتمت معاقبته بالاعدام  وتم تنفيذ الحكم واعدام الطالب في الجامعة التكنولوجية.

الحادثة الاخيرة التي سنمر عليها هي حادثة مقتل الدكتور ضياء نوري حسن الموسوي ... استاذ التشريح والطب العدلي في كلية الطب  جامعة بغداد .. والذي قتل عام 1985 مسموما بمادة سيانيد البوتاسيوم القاتل من قبل احدى طالبات الصف الرابع طبية والتي كانت تعاني من الفصام حيث دست له السم في المرطبات بمناسبة عيد المراة وكاد السم يفتك ايضا بمساعده د جبار لولا تحذير د ضياء له قبل تناوله ....ولم تثبت التحقيقات حينها  وجود عداء شخصي  أو إغتيال منظم بل هي حادثة فردية قامت بها طالبة تحت تاثير نفسي معيّن.

 الصور المرفقة للمرحوم الاستاذ الدكتور  خليل حميد الطالب  رئيس جامعة البصرة

المسحرجي

المسحرجي او المسحراتي شخصية رمضانية شهيرة بعضهم يطلق عليه "أبو طبل"، او " الدمام "أو "أبو طبيلة" كما يسميه أبناء البصرة. وهو متطوع لإيقاظ الصائمين قبيل الإمساك.. يحمل طبلا ويضرب عليها بعصا خاصة. ويردد بعض الجمل والابتهالات الدينية عن رمضان مثل "سحور... سحور... سحور" أو (سحور يا عباد الله) او (اگعدوا يالصايمين.. اكعدوا اتسحروا) او (قم يا نائم وحّد الدايم) ولكل حي او منطقة سكنية مسحراتي أو أكثر حسب مساحة الحي وكثرة سكانه وغالبا ما يرافقه ابنه الذي يرث هذه المهنة من بعده والبعض من الاولاد ضمن المنطقة او المحلة ابتهاجا بموعد السحور ...
للمسحراتي ثلاث جولات: الاولى قبل السحور وهي المعروفة لإيقاظ الناس قبل الامساك ،والثانية قبل الفطور او عند السحور لجمع الطعام والمساعدات، ويصطحب معه في هذه الجولة مساعداً ليحمل سلة وبعض الأطباق لوضع ما تجود به العائلات من أطعمة، ويضطر لوضع انواع متعددة مع بعضها في طبق واحد أحياناً, ومن هنا جاء المثل الشعبي (مثل أكلات المسحر).أما الجولة الثالثة فهي في صبيحة يوم العيد لجمع العيديات من الناس. وترافقه في هذه الجولات طبلته التي هي بمثابة هويته الخاصة.
مهنة المسحراتي ارتبطت بشهر رمضان الكريم منذ عهد النبي (ص) ويعد الصحابي الجليل بلال بن رباح (رض) أول مسحراتي في التاريخ الإسلامي حيث كان يجوب الطرقات طوال الليل لإيقاظ الناس للسحور بصوته العذب ، وكان النبي (ص) يقول إن ( بلالا ينادي بليل، فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم ) وكان ابن أم مكتوم هو الذي يتولى أذان الفجر
ومنذ ذلك التاريخ ، أصبح المسحراتي مهنة رمضانية خالصة .. ويقال ان اول ظهور (للمسحراتي) بطبلته في الديار الاسلامية كان في مصر ايام الدولة الفاطمية عام (969) ميلادية اذ كان الخليفة الفاطمي يرسل رجاله ليطوفوا في شوارع القاهرة يدقون الطبول ويرددون الاناشيد الدينية ويهنئون الناس بقدوم شهر رمضان،
تذكر المصادر التاريخية البغدادية ان هناك منافسا آخر للمسحرجي .. هو الجرخجي او الحارس وقد كان يقوم بذات الدور الليلي في عهد الدولة العثمانية مستخدما أدواته الخاصة مثل الصافرة المعروفة والصفيحة المعدنية المعروفة بالـ( التنكه) و كانت المناطق في بغداد مقسمة على عدد من المسحرجيه المعروفين ولكن أتساع مناطق بغداد وتطور التوقيتات وظهور الساعات المنبهه والوسائل الآخرى خاصة بعد حقبة الستينات ادت الى تضائل دور المسحرجي حالها حال الكثير من المهن الآخرى

مملكة بهاولبور العباسية

صورة نادرة ارفقها لكم لزيارة الملك فيصل الثاني والامير عبدالاله الى مملكة بهاولبور العباسية الهاشمية في شبه القارة الهندية ويظهرفي الصورة آخر  ملوك بهاولبور الملك صادق بن محمد الخامس العباسي الهاشمي مع مجموعة من السياسين من الطرفين والصورة تعود لعام 1952

مملكة بهاولبور أو إمارة جنوب السند أسسها بقايا العباسيون الذين نجوا  بعد احتلال بغداد وسقوط الدولة العباسية ..تأسست عام 1702 على يد الأمير محمد المبارك خان الأول وتقع هذه المملكة حاليًا ضمن دولة الباكستان الحالية وتمتد  حدود المملكة من كتماندو في نيبال حتى كراتشي وتعادل مساحها مساحة الدانمارك. وتنحدر الأسرة الحاكمة في (بهاولبور) من السلالة العباسية التي تنتمي مباشرة إلى العباس بن عبدالمطلب عم الرسول محمد  صلى الله عليه وسلم، حكم المملكة اثناعشر حاكماً عباسياً كان اولهم الأمير "محمد مبارك خان العباسي الأول"  و آخرهم الحاج صادق محمد خان عباسي.

بعد ان تمكن الأمراء العباسيون من ترسيخ دعائم مملكتهم  بدأ عهد الحضارة واصبحت المملكة  رمزاً للتقدم والحضارة الإسلامية حيث  تم إنشاء مدن جديدة وشيدت القصور والحدائق وتم تنظيم قوات الجيش والشرطة على أسس حديثة. كما شيدت  المساجد والكليات والمدارس والمستشفيات  الطبية ودور الأيتام و الطرق والجسور والقنوات الحديثة كما اولى اخر ملوكهم  وأكثرهم ثقافة وتنوراً الحاج صادق محمد خان العباسي الخامس اهتمامه الكامل بنشر التعليم على جميع المستويات بإنشاء المدارس وإنشاء الجامعة العباسية عام 1925م .وكان يرغب بجعلها على مستوى الأزهر في القاهرة وخصص زمالات دراسية للطلاب المتفوقين في الولاية وأوفدهم للدراسة في مختلف أرجاء الهند وخارجها على نفقة الحكومة ليتعلموا العلوم الفنية والطبية وجعل التعليم مجانا لأبناء الأسرة المالكة. وللسادة "آل البيت" واليتامى والمستحقين. 

اجتماعيا فقد كانت تقاليد اهالي الولاية اقرب الى تقاليد المجتمع العراقي  الذي انحدروا منه مؤسسوا هذه المملكة  .. حيث كتب  مراسل  المجلة الجغرافية  "ناشيونال جيوغرافيك"..(( لقد بقيت بهاولبور بشكل مثير للدهشة وكأنها قطعة من العراق... وبسبب الزي الذي يرتديه سكان بهاولبور، واختيارهم للألوان، وفنهم الشعبي، وأغانيهم، أو بالنسبة لمسألة طعامهم وإيمانهم فهم أقرب إلى العراقيين منهم إلى الهندوس الذين يجاورونهم... ومثل العرب أيضا فهؤلاء الناس يحبون إبلهم وخيولهم، كما يعتزون بقبائلهم. انهم يتشاجرون على نصيبهم من المياه كما يفعل العرب أيضاً.وبدلاً من ارتداء البرقع ترتدي نساء بهاولبور الحجاب مثل اخواتهن العربيات، ولا تزال نساؤهم ترتبط بمواقدهن ومنازلهن.وكما هو شأن بعض القبائل العربية يعد الزواج من ابن العم أو ابنة العم عادة في بهاولبور.))

عام 1947م وعندما جرى تقسيم شبه القارة تركت الحكومة البريطانية الخيار للولايات بأن تقرر بنفسها ما إذا كانت تريد الاستقلال أو الانضمام إلى الهند أو إلى باكستان.وعلى الرغم من ان جواهر لال نهرو قد اغرى  ملك  بهاولبور بالانضمام إلى الهند، عارضا عليه فوائد مغرية فإن الملك  قرر الانضمام إلى باكستان وكانت ولاية بهاولبور العباسية أول ولاية تنضم إلى باكستان في 5اكتوبر عام 1947.وفي عام 1955م قررت ولاية بهاولبور الانضمام طوعا بشكل كامل إلى الباكستان لينتهي  العهد العباسي في بهاولبور.

سجن قارا .. اغرب سجون العالم

يعتبر سجن "قارا" واحد من أغرب السجون في العالم.. بني في القرن 18 م بعهد المولى إسماعيل داخل القصبة الإسماعيلية بمدينة مكناس، و هو أكبر سجن في المغرب بني تحت الارض على مساحة غير معروفة حتى الآن إذ يمتد من مدينة مكناس إلى خنيفرة. صمم على شكل شبه مستطيل، وهو عبارة عن مكان مظلم بلا أبواب يضم دهاليز ومتاهات معقدة جدا ..مقسم إلى ثلاث قاعات واسعة في كل منها مجموعة من الأقواس والدعامات الضخمة وعدد من الممرات وكل ممر يقود إلى قاعة أخرى في متاهة تودي كل منها الى أخرى بحيث أنك إذا توغلت فيه ولو قليلا  يصبح من  المستحيل أن تجد طريق الخروج مرة ثانية ، ومن الصعب لدرجة كبيرة جدا أن تعود من حيث أتيت ، مما يعني عدم القدرة على الخروج منه مطلقا وهو  بمثابة سجن مؤبد حيث كان يتم ادخال السجناء والأسرى من خلال   فتحات في السقف ..ومن هذه الفتحات كان أيضا يتم مدهم بالطعام..... وتقول الروايات  أن المولى إسماعيل جعل للسجن مخرج واحد في مكان ما ، ومن  يجده فهو حر ، ولكن مع الأسف لم يعثر عليه احد .. وقد حاول الكثير من المغامرين إستكشاف السجن  وكانت النتيجة أن من دخله لم يرجع أبدا.. وكانت اهم  المحاولات هي لفريق من المستكشفين الفرنسيين في التسعينات قام  بتحضير كل الأدوات والتجهيزات الحديثة لسبر أغوار سجن "قارا" ، فكانت النتيجة مأساوية ، فقد إختفى الفريق ولايزال مصيرهم مجهول إلى يومنا هذا .. بعد هذه الحادثة قامت السلطات بإغلاق السجن بجدار من الإسمنت ، وتركت قاعة واحدة فقط للسياح.

يقال ان اسم السجن  مأخوذ من لقب سجين برتغالي قام ببناءه وحصل على وعد من السلطان بتحريره إذا نجح في بناء سجن يستوعب اكثر من 40 ألف سجين. وهناك رأي آخر يقول  أن كلمة "قارا" هي في الأصل "أقرع".نسبة الى رجل  أقرع كان يحرس السجن في تلك الفترة، 

ورغم أنه اشتهر بكونه سجنا مرعبا لمعارضي السلطة الا أن هناك مصادر تتحدث عن ان البناية كانت في بداية الأمر عبارة عن مخازن للحبوب والمؤن وفيها ما يكفي لتغطية المملكة كلها من مواد التغذية ولكنها تحولت الى سجن  بعد انتصار المغرب على الجيش الموحد لفرنسا وإسبانيا والبرتغال واعتقال  ما يقارب 65000 أسير حرب .. حيث تم تحويل المخزن تحت أرضي إلى سجن لاحتواء ذلك العدد الكبير من الأسرى..

تم استخدام المكان في الثمانينات لتصوير فيلم midnight express.... كما  تم استغلال المكان  في الفترات  الاخيرة لبعض النشاطات الفنية حيث اقيمت فيه العديد من المعارض الفنية  وكما يظهر في احد الصور المرفقة

ليونارد وولي

يعتبر عالم الآثار البريطاني المعروف السير  تشارلز أحد أوائل  ومن اهم علماء الآثار "المعاصرين" الذين عملوا في العراق ...ولد في مدينة لندن في 17 أبريل 1880.. درس اللاهوت في جامعة أكسفورد قبل أن يتحول إلى التخصص في الآثار، ولذلك كان للجانب الديني تأثير كبير في طريقة تعامله مع وقائع العمل الأثري وتفسير بعض الاكتشافات التي أدت إليها تنقيباته. مارس العمل الموقعي  الأثاري لأول مرة في النوبة وبلاد السودان  عام 1907 وفي إيطاليا قبل أن يتولى إدارة التنقيبات الأثرية في موقع كركميش وقام بمساعدة لورنس العرب بالتحري في موقع حيوك على الحدود بين سورية وتركيا وذلك عام 1911 …

خدم ايام  الحرب العالمية الأولى ضابطاً في الجيش البريطاني في مصر، وتعرّض للأسر في تركيا منذ عام 1916 حتى نهاية الحرب في عام 1918.

انتقل وولي إلى العراق وباشر عمله في عام 1922 بإدارة تنقيبات المتحف البريطاني في تل العبيد على بعد نحو 6.5كم إلى الشمال من أور. وهناك اكتشفت لأول مرة آثار العصر الأول من عصور ما قبل التأريخ في جنوبي العراق، وفي العام نفسه باشر بإدارة تنقيبات البعثة الأثرية المشتركة من المتحف البريطاني ومتحف جامعة بنسلفانيا في أور، وهي التنقيبات التي استمرت حتى عام 1934م، وكان مساعده في المواسم الستة الأخيرة هناك ماكس ملوان

وينسب لهذا العالم إكتشاف مدينة أور الأثرية في جنوب العراق بين عامي 1922 - 1924 ومن أشهر الاكتشافات التي اقترن بها اسمه المقبرة الملكية في أور التي ضمت ستة عشر ضريحاً ملكياً اشهرها  قبر الملكة بوابي حيث اكتشفت في كل منها كنوز نفيسة يعود تأريخها إلى منتصف الألف الثالث قبل الميلاد، كما كشف عن عدد من المباني الدينية بالقرب من الزقزورات والتي تبرز معالم العمارة السومرية والتي لم تكن معروفة حتى ذلك التاريخ .. وقد دفعت الاكتشافات التي قام بها وولي في أور إلى زيادة الاهتمام بآثار بلاد الرافدين وتاريخها..

حصل وولي على لقب "فارس" عام  1935 لإسهاماته في مجال علم الآثار.وفي الحرب العالمية الثانية أصبح مستشاراً لقيادة قوات الحلفاء. وكان له دور مهم في حماية الآثار من مخاطر تلك الحرب و بناء على مشورته أصدر القائد الأعلى لقوات الحلفاء آنذاك، الجنرال دوايت ايزنهاور أمراً منع بموجبه تخريب الأبنية التي تحوي كنوزاً أثرية وفنية أو نهبها.

جمعية مكافحة العلل الاجتماعية

أسستها السيدة سارة الجمالي سنة 1937 مع نخبة من السيدات العراقيات، وهي اول وهي أول جمعية نسوية تحصل على اجازة رسمية بتكوينها ،وكان اسمها عند تأسيسها "جمعية مكافحة المسكرات"  وكان هدفها الاساس  مكافحة المسكرات وانقاذ مدمني الخمر. وكانت الهيئة الادارية تضم مجموعة  من المدرسات وربات البيوت والموظفات.

وبمرور الوقت تبين لها أن الخمور ليست المشكلة الوحيدة التي يعاني منها المجتمع فقررت توسيع أعمالها وغاياتها فقدمت سنة 1945 طلبا الى وزارة الداخلية لتغيير اسم الجمعية من (مكافحة المسكرات) إلى (مكافحة العلل الاجتماعية) ، وقد وضعت في غايتها أهداف جديدة هي القضاء على  الفقر والجهل والمرض

حيث شكلت لجانا  للخدمة الاجتماعية والإشراف على السجون والمدارس الاصلاحية والقيام وخاصة سجون  النساء حيث عملت  الجمعية بمثابة الباحثة الاجتماعية..

وكان اهم اعمالها على الاطلاق هو تاسيس  معهد رمزي للمتخلفين عقليا والصم البكم في محلة السفينة بالاعظمية عام 1951 وسمي المعهد بهذا الاسم  نسبة الى  أول طفل دخل المدرسة وهو رمزي مجيد سلومي وقد فاتحت الجمعية "منظمة الصحة العالمية" لإيفاد اختصاصية بتربية الأطفال المتخلفين عقلياً على نفقة الجمعية الخاصة للعمل في هذه المؤسسة ،كذلك قامت بإنشاء معملا للخياطة لتشغيل طالبات المعهدمن الصم والبكم وتعليمهن  فن التطريز والحياكة والخياطة وتم  تطوير المعهد بعد ان اجيزت الجمعية ضمن قانون الجمعيات رقم (1) لسنة 1960 حيث فاتحت الجمعية وزارة العمل والشئون الاجتماعية لأيجاد مجال تدريب خريجي المعهد على مهن تساعدهم على اكتساب العيش في الحياة العملية .. وكانت مدة الدراسة في المعهد  6 سنوات ...

ظلت هذه الجمعية تمارس عملها على مدى الازمنة المختلفة حتى انتهت كما انتهى كل شئ جميل  في حياتنا