الأربعاء، 19 سبتمبر 2018

حادثة احتلال الحرم المكي

 من اكثر العمليات التي هزت العالم الإسلامي برمته .. بدأت أحداثها فجر يوم 1 محرم 1400 الموافق 20 /11/ 1979، حين احتل أكثر من 200 مسلح الحرم المكي لمدة 14 يوما  مدعين ظهور المهدي لمنتظر.... قاد العملية  جهيمان العتيبي الموظف  في الحرس الوطني السعودي ..
ولد  جهيمان العتبي  عام 1936 في ساجر إحدى المستوطنات البدوية التي أنشأها عبد العزيز بن سعود.. ودرس حتى الصف الرابع من المرحلة الابتدائية.. وانتقل بعدها إلى الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة.. وانضم الى مايسمى الجماعة السلفية المحتسبة . وهناك التقى بـ محمد بن عبد الله القحطاني أحد تلامذة الشيخ عبد العزيز بن باز وهو من مواليد قرية الواديين بمحافظة أحد رفيدة عسير 1935.... وتطورت العلاقة بينهما حيث تزوج جهيمان أخت محمد القحطاني.. واستطاع اقناعه  انه المهدي المنتظر وبدأ بنشر دعوته في بعض الجوامع  وجمع الموالين لحركته مستندا  على قول الرسول صلى الله عليه وسلم "يبعث الله على رأس كل مائة عام من يجدد لأمتي دينها".. وهو حديث صحيح .. ودفع الناس  لمبايعة محمد عبد الله القحطاني، خليفة للمسلمين، وإماماً لهم على أنه المهدي المنتظر... كون اسمه واسم ابيه يوافق اسم النبي واسم والده  وفق الروايات وقد  اعتمدوا السيناريو الموجود في كتب الفتن وأشراط الساعة..  وهو ان يبايع المهدي بين الركن والمقام لذا  كان لابد للمجموعة  من دخول الحرم .. 
بعد صلاة الفجر يوم 1 محرم 1400هـ الموافق 20 /11/ 1979م، تمكنوا من إغلاق الأبواب وسد المنافذ الحرم والتحصن بداخله وكان اغلبهم قناصة ماهرين لدرجة إنهم يقنصون العسكر السعوديين من أعلى المنارة..و وقف جهيمان العتيبي وبجانبه محمد عبد الله القحطاني في الحرم المكي ، ليعلن خروج المهدي المنتظر ، وطلب من المصلين  مبايعة محمد القحطاني باعتباره المهدي الواجب اتباعه، وقام اتباعه   وهم من 12 جنسية  مختلفة باستخراج أسلحة خفيفة من توابيت أدخلت قبل الصلاة باعتبارها تحوي على جثامين لموتى للصلاة عليهم في المسجد، و لكنها كانت معبأة بالأسلحة والذخيرة بدل من ذلك،... وتمكن عدد من المصلين الذين كانوا داخل الحرم من الهروب أما الباقون وهم بعشرات الالالف  فقد اصبحوا رهائن ..واضطروا بشكل أو بآخر إلى مبايعة محمد عبد الله القحطاني ...
جهيمان ألقى خطبة عبر مآذن الحرم أثناء الحصار، بثتها الإذاعات العربية والعالمية وكانت تحوي على اتهامات  للأسرة الحاكمة السعودية واعتراضات على نمط الحياة العامة للناس واستشراء الفساد و تم توجيه دعوات إلى أهل مكة والقوات السعودية الخاصة التي تحاصر الحرم للتوبة والانضمام إلى المسلحين ومبايعة المهدي.
حاولت  قوات الأمن الداخلي تخليص الحرم المكي الشريف ولكنها فشلت في ذلك بسبب العدد الكبير من الرهائن والمحتجزين .. فتم طلب الإمدادات من قبل قوات الحرس الوطني..
 بعد مرور 3 أيام أخلى جهيمان سبيل النساء والأطفال  ومرافقيهم وبعض كبار السن وابقى على عدد من المحتجزين في داخل المسجد.
وفي رابع يوم من أيام احتلال المسجد الحرام قتل" المهدي المزعوم "  محمد بن عبد الله القحطاني أثناء تبادل لأطلاق النار مع قوات الامن  في المسعى واثار مقتله نوع من التشكك بين اتباعه  حيث وفق الروايات  أن المهدي لا يقتل عند ظهوره ..و رفض جهيمان تصديق قتل المهدي وأرغم اتباعه على الصمود...
وجدت الحكومة السعودية نفسها محرجة ومكبلة في مواجهة العملية، وكان لا بد قبل الشروع في أي عمل عسكري من استصدار فتوى تبيح التدخل بالقوة وإدخال الأسلحة إلى داخل الحرم المكي لإنهاء الحصار، وبالفعل فقد تمكنت من الحصول على أصوات 32 من كبار العلماء لاستخدام القوة ضد حركة جهيمان وتم قطع المياه والكهرباء لشل تحركاتهم..
بعد إصدار الفتوى قامت القوات السعودية  وبدعم من القوات الخاصة الباكستانية  وبدعم لوجستي وعملي من القوات الخاصة الفرنسية باقتحام الحرم في الساعة العاشرة من صباح يوم الثلاثاء 14 محرم 1400هـ الموافق 4 /12/ 1979م واستمر الهجوم  حتى المساء حيث تم تحرير الحرم و الرهائن والقاء القبض على قائد الحركة  وباقي اتباعه فيما تم قتل من حاول الهرب بعد اطلاق المياه في محيط الحرم وصعقها بالكهرباء ..
تمت محاكمة المشاركين في العملية .. وصدر حكم المحكمة بإعدام من القي القبض عيه ...ونفذ الحكم يوم الأربعاء 21 صفر عام 1400هـ الموافق لـ 9 /1/ 1980م بعد أن قسموا إلى أربع مجموعات أعدم أفرادها في ساحات اربعة من مدن المملكة الرئيسية،
شارك في عملية تحرير الحرم عشرة الاف جندي من الحرس الوطني السعودي مدعومة  بالقوات الخاصة الباكستانية ودعم لوجستني وفني  من القوات الخاصة الفرنسية ..  وكانت  الخسائر الحكومية  وفق التقديرات الرسمية 127 قتيل  و451 جريح .. اما خسائر المسلحين  فبلغت 117 قتيل و 68 اسيرا تم اعدامهم جميعا  لتنتهي واحدة من  اكثر الحوادث الدموية التي حدثت في اكثر الاماكن قدسية في نفوس المسلمين ..

هناك تعليق واحد:

مستشفى ابن البيطار .

  كان تشارلس هاوهي  رئيسا للحكومة الايرلندية   في ثمانينيات القرن الماضي  وتمتع بعلاقة شخصية مع السلطات في بغداد ايام  كان وزيرا للصحة حيث ع...