الأربعاء، 21 فبراير 2024

زيارة الشاه ناصر الدين الى العراق

 كان الشاه ناصر الدين ملك إيران من الأسرة القاجارية ... وخلال سنوات حكم القاجاريين على إيران التي امتدت على طول القرن التاسع عشر ، كانت العلاقات الإيرانية-العثمانية تتحسن باستمرار لذا جاء الشاه ناصر الدين الى العراق  عام 1870م لزيارة العتبات المقدسة بدعوة رسمية من الحكومة العثمانية.  وكانت   هذه  أول مرة يزور فيها شاه ايراني العراق حيث صدرت الاوامر  من الباب العالي  الى  الوالي مدحت باشا لبذل أقصى ما في وسعه للإحتفاء بالشاه وضيافته. بدأ مدحت باشا استعداداته لإستقبال الشاه فشيد قصراً واسعاً في حدائق النجيبية وهو القصر الذي اطلق عليه  الشيخ محمود شكري الآلوسي (القصر الناصري) ووصفه بأنه "يعجب الناظرين" وقيل ان مدحت باشا أرسل مقاييس القصر وقاعته الواسعة الى معامل فيينا لصنع الأثاث المناسب له من طراز لويس الخامس عشر وقد وصل الأثاث في الوقت الذي تم فيه بناء القصر. ثم صنع مدحت باشا جسراً جديداً بدلاً من الجسر القديم لمرور موكب الشاه عليه.
وصل الشاه الى بغداد في 23 تشرين الثاني عام 1870م ترافقه  حاشية كبيرة وكان مدحت باشا قد خرج لإستقباله في خانقين..

كانت تلك السنة سنة غلاء وقحط شديد، وقد لقي مدحت باشا مشقة كبيرة لاطعام هذا العدد الكبير من الحاشية  والدواب. واستمرت زيارة الشاه ثلاثة أشهر بلغ ما أنفقه مدحت باشا فيها ثلاثين ألف ليرة، وهذا كان مبلغاً عظيماً في تلك الأيام.
زار الشاه العتبات  المقدسة في الكاظمية و سامراء و كربلاء و النجف، وكان مدحت باشا في صحبته اينما ذهب. فزار كربلاء و امر بتجديد الابنية في المشهد الحسيني ، وتبديل صفائح الذهب ، وتذهيب القبة الطاهرة ، واستملك دورا فأضافها الى الصحن الشريف من الجهة الغربية ، زار بعدها النجف ثم زار الصحابي  سلمان المحمدي ومن ثم سامراء ،حيث امر  بتذهيب قبة الإمامين العسكريين عليهما السلام كما تم ترميم السقوف والمرايا والنقوش الموجودة داخل الروضة. وتم تزيين جدران الرواق الخارجية بالكاشي القاشاني.
من الطرائف  اثناء زيارته لكربلاء انه زار احد المراجع  الكبار في بيته وكان هذا المرجع  معروفاً بالجرأة. فلاحظ العالم  أن شوارب الشاه طويله فانتقده قائلاً: “أنت سلطان مسلم وعدم قص شاربك مخالف لقوانين الإسلام”. فأسرع الشاه يطلب مقراضاً ثم قص شواربه بالمقراض قبل أن يقوم من مجلسه، فكان ذلك منه عملاً لا يخلو من دهاء ولباقة سياسية.
 وقبل ان يغادر العراق وردا على كرم الضيافة  اقام الشاه حفلة كبرى للوالي وحاشيته في  القصر الناصري بحدائق المجيدية بالباب المعظم حضرها وجاء واعيان بغداد  وكان مع الوفد المرافق للشاه الإيراني أجهزة الشاي كاملة حيث كانت اول مرة يتناولون فيها هذا المشروب الذي لم يكن معروفا بين طبقات المجتمع العراقي .. ولا يعرف على وجه التحديد إلى أي عهد بقي القصر الناصري قائما ولكن وفي سنة 1895م أدخلت مبانيه في ضمن مستشفى ( خسته خانه المجيدية) وتحولت  في عهد الدولة العراقية ألى مستشفى عامة للمدنيين باسم المستشفى الملكي .
العجيب ان كلا من مدحت باشا  والشاه ناصر الدين تم اغتيالهم ...ففي عام 1879 تم القبض على مدحت باشا  بتهمة قتل السلطان عبد العزيز وصدر الحكم بإعدامه ولكن السلطان أمر بنفيه إلى الطائف، حيث تم اغتياله هناك في ظروف غامضة عام 1883م.  اما الشاه ناصر الدين فقد  تم اغتياله عام  1896 من قبل   احد طلاب العلوم الدينية  اسمه مرزا رضا كرماني أثناء صلاته في ضريح الشاه عبد العظيم وقد دُفِن في مقبرة شاه عبد العظيم  بالقرب من طهران

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

السنك

  تتفق اغلب  المصادر ان (السنك) كلمة تركية معناها (الذباب) وسبب تسميتها هو أن هذه المنطقة كانت  في الأصل (مزرعة بصل) فضلا عن زراعة أنواع الخ...