الثلاثاء، 20 فبراير 2024

العاصمة الميزرة .. والشاكرية

 نشأت الميزرة او العاصمة  في نهاية ثلاثينيات  القرن الماضي خلف السدة التي انشأها الوالي العثماني ناظم باشا والتي تحيط ببغداد من جهة الشرق لصد مياه الفيضان ومكانها الحالي طريق محمد القاسم للمرور السريع وتبدأ  من شمال الكريعات وغرب قناة الجيش ويمتد بشكل مستقيم حتى  الجنوب الشرقي لبغداد عند نهر ديالى .. والميزرة  هي المجزرة وفق لهجة اهلنا في  الجنوب وهو المكان التي تذبح به المواشي والأغنام ، و كان يطلق ايضا اطلق عليها (العاصمة)
 وفي هذه المنطقة تنتشر العديد من معامل الطابوق وكانت تضم تجمع سكني من العوائل  النازحة في نهاية الثلاثينات وبداية الاربعينات من العمارة والكوت  بشكل خاص هربا من ظلم الاقطاع للعمل في العاصمة  وشيدت هذه العوائل  الصرائف  وبيوت الطين، وعلب الصفيح الفارغة وسقفت بماتوفر من اعمدة وجذوع وحصر القصب (البواري) . و كان اهل (الميزرة) يزودون بغداد بكل اشكال الايدي العاملة .. من عمال بناء وخدمات وزراعة ، اضافة الى انهم كانوا العمود الفقري للمتطوعين في القوات المسلحة من جيش وشرطة ..
اما منطقة الشاكرية في الكرخ والتي ضمت  نفس التجمع السكاني ولكن من اهالي الناصرية والبصرة بشكل عام والقليل من اهالي العمارة والديوانية بسبب ان  اهالي الناصرية والبصرة  يستخدمون  القطار الصاعد من البصرة الى بغداد وعند وصولهم محطة غربي بغداد يستقرون في منطقة الشاكرية التي لاتبعد عن محطة القطار سوى عشرات الامتار ولا ينتقلون الى منطقة الميزرة ..اما اهالي العمارة والكوت فكانوا يستقلون السيارات الى بغداد وكان الكراج الرئيس للسيارات في منطقة ساحة الطيران الحالية التي لا تبعد الا امتار عن الميزرة ..
اتخذت الميزرة شكلا طوليا  من شمال بغداد الى منطقة تل محمد ولايزيد عرضها عن نصف كيلو متر بأحسن احوال   في حين ان منطقة الشاكرية تكون على شكل مربع تقريبا  تحتل كل المنطقة المعروفة الان بالمنطقة الخضراء (المنطقة الدولية) وقد سكنت من قبل العوائل النازحة  قبل منطقة الميزرة باربع سنوات تقريبا .. ولكن اهل المنطقتين يشتركون بالعسرة المادية (الفقر) وان كان بيوت اهل الشاكرية الطينية  افضل من صرايف الميزرة وكان سكان الميزرة اقل عدداً من سكان الشاكرية .
اشتهر  من بين اهالي الميزرة عائلة يقال لها بيت (( سيّد حمد الله )) والسيّد ولد في أواسط القرن 19 وجاء مع النازحين حاملا معه ثقله الاجتماعي بينهم وكان الرجل محط احترام وتقدير الآخرين ، وعندما توفي رحمه الله  عام 1939تم تغسيله في (صريفته) ليشيّع بعد ذلك إلى مثواه الأخير في  النجف الاشرف ،
 ومن الاحداث الشهيرة  التي حدثت في تلك المنطقة عام 1964 .. بعد انتقال اغلب سكان الميزرة  الى مدينة الثورة( الصدر حاليا ) قامت الحكومة برفع أنقاض  الميزرة  وتسوية الارض واستغلال المنطقة،  لبناء مجمع وزارة الداخلية الحالي وتوابعها , فجاءت المعدات الثقيلة وهنا تعطل البلدوزر وفشل في بلوغ بيت ( السيّد حمد الله) .. و جيء ببلدوزر  ثان وثالث ،  ولكنها كلها تصاب بالعطل نفسه .. وكما يروي الاستاذ طالب البغدادي في مذكراته عن حضور رئيس الوزراء العراقي  انذاك احمد حسن البكر وطلب من امين العاصمة ( حمزة الباهلي ) ان يقود البلدوزر بنفسه .. وايضا  تعطل البلدوزر مما حدى  بالدولة الى تسييج المكان..وبعد انتشار خبر الواقعة ، وما أضيف إليه من نتاج المخيلة الشعبية  اصبح هذا المكان مزارا أطلق عليه (( مقام السيّد حمد الله)) وصارت الناس تزوره مشيا على الاقدام 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مستشفى ابن البيطار .

  كان تشارلس هاوهي  رئيسا للحكومة الايرلندية   في ثمانينيات القرن الماضي  وتمتع بعلاقة شخصية مع السلطات في بغداد ايام  كان وزيرا للصحة حيث ع...